الانطباع الأول الذي يخرج به المشاهد المتذوق لأعمال الفنانة زهرة بوعلي هو الاحساس بأنه أمام فنانة جرافيكية مميزة. فلوحات التصوير التشكيلي و اللوحات الجرافيكية بتقنياتها المختلفة تبيّن أنّ الفنانة استخدمت الرؤية نفسها كونها جرافيكية أكثر منها مصورة. ففي اللوحات الجرافيكية تتجلى قدرة الفنانة على المستوى الإبداعي و التقني فهي تستخدم أحياناً حركة الخط العريض أو الرفيع و تهشيراته لتبني عناصر التكوين. كما تستخدم مختلف ملامس السطوح في أعمال تمتع عين المشاهد. و يلفت النظر أعمالها التشخيصية والتي نفذتها بخطوط رشيقة متماسكة يوحد بينها التناغم بين الأبيض و الأسود . و توحي أعمال المعرض التصويرية و الجرافيكية بالأحافير الموغلة في القدم ( fossils ) و هذه الطريقة توحد بين أعمال التصوير و الأعمال الجرافيكية . ففي أعمال التصوير يوحي السطح المتجانس من مشتقات الأحمر و الأزرق الفاتح ذات الدرجات المتقاربة جداً ، و الأشخاص الذين تصورهم بالآثار القديمة المنحوتة على ذلك السطح و كأن اللوحة محفورة أو أن الشكل محفوظ هناك من سنين طويلة !! و تبدو عيون الأشخاص بشكل عام متأمِّلة شاخصة في اللانهاية مما يوحي بأنها في حالة وجد روحي عميق . و ربما يبرر هذا اختيار الفنانة عنوان المعرض ( بين روحين )! و يبدو لي أن الفنانة ، كونها تشتغل على هذه الرؤية ، أهملت الكثير من عناصر اللوحة الجمالية كانعدام التضادات الحادّة بين الظل و النور و بين الألوان الحارّة و الباردة . كما آثرت في أعمالها انعدام البؤرة التي تتجول منها عين المشاهد و انعدام الفراغ في معظم الأعمال التصويرية مما أضعف درامية اللوحة . اختارت زهرة النغم الهادئ و السطح المشغول بالسكين للونين الأساسيين اللذين تشتغل عليهما من مشتقات الأحمر الوردي الفاتح و الازرق بحيث تعطي السطح نغماً هادئاً مرهفاً بالغ الرقة. و على طريقة الفنانين الشرقيين الذين يخافون الفراغ ، نرى الفنانة تملأ الكادر باللون حتى يقترب أحياناً من سطح سجادة شرقية!! و في كلِّ الأحوال، تبقى تجربة زهرة بوعلي من التجارب المميزة التي تنفرد ببصمتها المميزة هنا على الساحة التشكيلية السعودية.