لم يكن فن الجرافيك بصورته الحالية معروفا قديما، فلم يمارس أو يعرف عبر العصور كفن خاص له مقوماته الخاصة به إلا في بداية القرن العشرين، وإن كان قد ظهر في عصور سابقة في تطبيقات محددة، كطباعة المنسوجات من خلال (كليشيهات قطعة خشبية رقيقة محفورة)، كذلك استخدمت بعض أنواع الحفر الحمضي على المعدن عند العرب وذلك لزخرفة الأسلحة. وكانت الأعمال التي تطبع بطريقة الحفر، قبل ذلك، قاصرة على اللونين الأبيض والأسود، وبعد ذلك، أدخلت الألوان في الطباعة، ما جذب الفنانين المصورين لتنفيذ أعمالهم، مستخدمين هذا الفن لضمان وصول أعمالهم وانتشارها، واكتسب هذا النوع من الفن خصائص مميزة وفريدة عن سائر الفنون التشكيلية في نتائجها، كما أتاحت له طبيعته التي تفرد بها انتشارا ووصولا إلى الناس في كل المواقع، لتشارك الجماهير بالرأي والتوجيه والنقد الاجتماعي، وتحقق لهم المتعة الوجدانية والشعورية. ومن أهم ما يميز العاملين في مجال فن الجرافيك، هو تمتعهم بسمة التطوير المستمر لأعمالهم والتجديد فيها، وذلك يساهم حتما في تغيير النظرة المحدودة السائدة عن التصميم، إلى نظرة أكثر شمولا وعمقا، ومن شأن عوامل أخرى أن تساعد في تحقيق ذلك، من أهمها عامل التصوير، لأن من شأنه أن يعبر بشكل أفضل عن موضوع متكامل في مجال الدعاية والإعلان، إلا إنه يتعين لكي يبدع المصمم أن تتوافر له الإمكانيات الطباعية المختلفة في المطابع ومعامل التصوير، لتنفيذ أفكار غير تقليدية. وقد فاقت معطيات هذا الفن كل معطيات الفنون الأخرى في مجال الإبداع والابتكار، فقد ظهرت في عالمنا المعاصر حركات واتجاهات مدارس فنية متعددة، ساعدت على تحقيق التقدم والنجاح لهذا الفن، لما له من إمكانات رحبة متعددة، جعلته فن الحاضر والمستقبل بلا نزاع. ويضاف إلى ذلك أن الجرافيك فن يشبع رغبات جمهور المتلقين؛ لأن اللوحة المحفورة التي ينتهي الفنان من عملها، هي في الواقع لوحة أصلية، وهذا لأن الفنان هو الذي يصمم اللوحة المحفورة وينفذها ثم يقوم بطبع عدد منها؛ ليوقع عليها بإمضائه؛ لذلك فإن مشاهدة عمل من أعمال الفنانين الكبار، ذات القيمة الفنية والمادية العالية، والشعور بأنه من الميسور اقتناؤه، بأقل تكلفة ممكنة، هو أمر يروق للجمهور. [email protected]