قالت: اشترط علي زوجي وقت الخطبة بأن ينام في البيت ما عدا يوم الجمعة لأنه ملتزم مع أصدقائه لأكثر من عشر سنوات، يجتمعون مع بعض في الشاليه وينامون ليلة السبت هناك، وقد وافقت على هذا الشرط ومضى على زواجي الآن ثلاث سنوات وهو رجل محترم وخلوق وأهلي يحبونه كثيرا وعلاقاته جيدة ولا يقصر في حقي بشيء ورزقت منه بطفلة، ثم سكتت ودمعت عيناها وقالت: ولكني أنا خائفة أن تكون جلستهم هذه فيها نساء أو قمار أو مشروب!! قلت لها: هل ظهر لك ما يفيد أن هذه المجموعة من الأصدقاء صحبة سيئة؟ قالت: الصراحة لا، ولكن عندي مخاوف وأحاسيس فقط، قلت: طالما أنه كان واضحا معك وقت الخطبة وقال لك بأنه يسهر ليلة في الأسبوع خارج البيت مع أصدقائه وأنت لم تشاهدي أي تصرف سيئ منه فلماذا الشك إذن؟ قالت: لا أعرف وربما من كثرة القصص التى أسمعها في خيانة الرجل، ولكنه كثيرا ما يشاهد هاتفه النقال ويرفض أني أشاهده، قلت: وهذا ليس دليلا على أنه غير جيد فالهاتف النقال من حقه كما أنك أنت كذلك من حقك أن تحتفظي بخصوصية هاتفك، قالت: لماذا لا يسمح لي بمشاهدة هاتفه؟ قلت: ربما فيه أشياء خاصة له أو لأصدقائه أو لأهله أو أشياء خاصة بماضيه أو ربما بعض أصدقائه يرسل له طرائف أو صورا لا يريدك أن تشاهديها فتحدث مشكلة من لا شيء. قلت: هل هو يعاملك بشكل جيد أم لا؟ قالت: نعم هو في المعاملة ممتاز، قلت: وهل قصر في حقوقك المالية أو مصاريف البيت؟ قالت: لا أبدا وهو كريم، قلت إذن لا تفتعلي المشاكل أو تتخيلي مشكلة لا وجود لها، قالت: لا أعرف لماذا إحساسي يقول لي فيه شيء، قلت: مهما كان إحساسك يوسوس لك فأنت صدقي ما تراه عينك لا ما تشعرين به، فالشيطان يحرك الأحاسيس ليفسد علاقتكما مع بعض، فاحمدي الله على هذا الزوج الذي كان واضحا معك من أول يوم ولم يقصر في حقك، ففي هذه الأيام مثل هذه الصفات قليلة، فليس كل تجمع شبابي أو سهرة شبابية يعنى هذا أنهم سيئون، ثم إن الشباب الذين لديهم ماض سيئ ينقسمون لثلاثة أقسام، الأول من له ماض سيئ ويستمر فيه بعد الزواج، والثاني من له ماض سيئ ولكنه يتوقف بعد الزواج ويستقيم حاله، والثالث من لديه ماض سيئ ولكنه يخفف بعد الزواج، وفي كل الأحوال هي مرحلة في العمر يمر بها الشاب وعلينا نحن أن نساعده في تجاوزها والتخلص منها، أما الشباب الذين ليس لديهم ماض سيئ فهم قلة بشكل عام، ولا بد أن نفرق بين زوج ساتر على نفسه الخطأ الذي يرتبكه وزوج مجاهر معاند بما يفعل، ولا أظن زوجك من هذه الأصناف قالت: الحمد لله، قلت: أمسكى زوجك واحرصي عليه فقد كنا سابقا نقول: إن من أسباب عزوف الشباب عن الزواج غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج، ولكن الآن وبعد انتشار الشبكات الاجتماعية وزيادة الحريات صارت هناك أسباب أخرى تساهم في عزوف الشباب عن الزواج، مثل الدخول في علاقة عاطفية مؤلمة سابقة أو وجود خلافات بين الوالدين، أو إشباع ما في النفس من العلاقة مع الجنس الآخر من خلال الفيديوات والشبكات الاجتماعية، أو انتشار المشاهير وعمليات التجميل تجعل المقبل على الزواج يتخيل شريك العمر وكأنه سيأتي من كوكب آخر، كما أن حب الشباب للرفاهية والحرية وكثرة الأسفار والتوجه للدول الأجنبية فيكون مجال الاختيار أكبر وأكثر وتقليد الغرب في عدم إعطاء الزواج أهمية فكل ذلك يسبب العزوف، فأنت على خير كبير فقالت: شكرا لك ريحتني.