عندما سئل أمير البحر الدوق ويلينغتون قائد الإنجليز في معركة واترلو الشهيرة، عن عامل واحد ساهم في الانتصار العظيم في معركة واترلو، رد ويلينغتون: «معركة واترلو انتصرت في ملاعب ايتون». وكلية إيتون هي إحدى أرقى المدارس الخاصة في بريطانيا والعالم، وأكبرها وأغناها، ويُشاع أن ويلينغتون قال إن النصر في معركة «واترلو» تم التخطيط له في ملاعب كلية إيتون. الرياضة لم تكن في أي وقت من الاوقات مجرد أنشطة وانما استخدمتها كثير من الدول لابراز صورتها وعلامتها التجارية على الساحة الدولية وتعزيز الهوية الوطنية لدى مواطنيها. كما انها كانت رافدا مهما في زيادة مداخيلها ودعم اقتصادها من خلال تحسين معدلات السياحة وزيادة الاستثمار. لهذا حظيت الرياضة بتركيز كبير في «رؤية السعودية 2030»، فقد كان من اهم اهداف الرؤية: تعزيز ممارسة الأنشطة الرياضية في المجتمع، ومشاركة الفئات العمرية المختلفة في الأنشطة الرياضية، وبناء مجتمع صحي في المملكة، وتحقيق التميز في عدة رياضات إقليميًا وعالميًا، وتعزيز الطابع الاحترافي لقطاع الرياضة. وقد شهدت الرياضة خلال الاشهر القليلة الماضية حالة من الاستنفار والتطور الكبير منذ قدوم تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في هذا المنصب، في محاولة لإعادة هيكلة قطاع الرياضة بعد ان خصص له ميزانية كبيرة وبرامج ومبادرات واضحة ليتواءم مع الرؤية الجديدة. وأعتقد ان الاستثمار الرياضي والوصول بهذا القطاع إلى مستويات جديدة من الاحترافية في السنوات القادمة سوف يسهم في تحقيق عدة امور: أولا: زيادة المداخيل الاقتصادية: وكما اكدت الرؤية ان قطاع الرياضة سوف يكون سوقا واعدة توفر مداخيل إضافية للدولة. فعلى سبيل المثال أولمبياد لندن 2012 عزز الاقتصاد البريطاني ب 9.9 مليار جنيه إسترليني من الاستثمارات والتعاملات التجارية إثر استضافة الأولمبياد. بل إن تقريرا حكوميا بريطانيا ذكر أن مجمل ما حصلت عليه بريطانيا من فوائد، إثر الاستضافة يصل إلى ما بين 28 مليارا إلى 41 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2020. وبالتالي فهذا القطاع سوف يؤمن قيمة عالية للاستثمار الداخلي وزيادة المكاسب الاقتصادية للدولة. ثانيا: ثقافة التسامح والانفتاح وقبول الآخر: توظيف الرياضة بشكل احترافي وتنظيم الفعاليات الرياضة العالمية والاهتمام بها سوف يسهم بلا شك في ترسيخ قيم الانفتاح والتعايش وقبول الاخر في الثقافة السعودية في الداخل، وكذلك الترويج للمملكة خارجيا من أجل تغيير الصورة النمطية الخاطئة وتوضيح الصورة الحقيقية للسعودية كمجتمع منفتح متحضر قائم على السلام والتصالح مع الثقافات الاخرى. ثالثا: الوقاية من التطرف والارهاب: قبل قرابة السنة عقدت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ندوة علمية بعنوان «تعزيز دور الاندية الرياضية والثقافية في التوعية بمخاطر الإرهاب والتطرف» شارك فيها اكثر من 112 مشاركاً من مختلف الجهات من اكثر من 12 دولة عربية، وذلك في محاولة لصياغة استراتيجية علمية لتعزيز دور الأندية الرياضية والثقافية في التوعية بمخاطر الإرهاب والتطرف. وبالتالي فالاستثمار الرياضي سوف يسهم بالتأكيد في تعزيز الأمن داخل المجتمع من خلال دفع الشباب للمشاركة في الأنشطة الرياضية وملء الفراغ وبناء شخصيتهم سواء من الناحية البدنية أو من الناحية النفسية والاجتماعية والأخلاقية، والابتعاد عن التطرف والارهاب، وترسيخ قيم المنافسة والتسامح وقبول الآخر. رابعا: السمعة العالمية: تطوير منظومة الرياضة بشكل احترافي، والاستثمار الأمثل للموارد والخبرات وبناء وتفعيل الشراكات لخلق بيئة رياضية جاذبة ومنتجة، والسعي لاستضافة مجموعة من أهم البطولات والأحداث الرياضية العالمية، سينعكس بلا شك في الترويج للمملكة عالميًّا وابراز صورتها وعلامتها التجارية على الساحة الدولية، وهو ما يرسخ الصورة الإيجابية عن المملكة في الوعي الجماهيري العالمي.