لم تكن علاقتي بالفنان والنحات السعودي حسنين الرمل مجرد علاقة سفر جمعتنا في إحدى المشاركات الدولية في كازاخستان قبل أيام، بل كانت اندماجا كاملا مع عالمه الفريد، فضاءاته التي لا تنفصل عنه وعن فنه المقدم وحضوره فيه بين الخشب بألوانه والحرف واللغة والتغليف والحرص الكامل على القطع وكأنها جزء منه، وهو ما أسس حميمية بينه وبين منجزه الفني، وقد اختارها لتكون بزخرف إسلامي معتق بالحرف ومشكل بالخشب، فلكل باب من أبواب التشكيل المعتمد على الحرف العربي خصوصية، ولكل تداخل في تفاصيله فنية أسلوبية تدمج الخامات مع الكتل التي تبقى في الذاكرة بروائحها وألوانها فتكون هي دون غيرها، لتصنع قيما حقيقية الإنجاز وثلاثية الأبعاد في المشاهد الهندسية التي تتماهى مع الابتكار الذاتي النابع من عشق للغة العربية وحروفها ومعانيها المتكاملة التي تعكس حضور الحرف المتفرد والمتشكل والمرتبط بالمعنى.. تلك الخصوصية الفنية ميّزت الابتكار في تجربته الفنية وبأعماله التي تبدو في سماتها الأسلوبية منطلقة من الطبيعة ومن الخشب المتماهي مع الأرض في تداخلات الحضور الفني الرمزي لتشكيلات الخط العربي، حيث يتشارك مع الكتل المشاعر والتجليات في أعماقه والسطوح التي ينحتها ويحفرها لتمطر جمالا يحمل حرفية الشغل اليدوي وأسلوب التطوير من الكلاسيكي المسطح في الكتابة الظاهرة إلى التشكيل الهندسي ثلاثي الأبعاد الذي يخدم عمق الفكرة وحضورها الحيوي، ومن هنا استطاع أن يقدّم رؤية جديدة في التعامل مع الخط العربي وكيانه البارز. يتواصل الرمل مع أعماله بوجدانه حيث يركز بفكرته على المعنى الدلالي برمزية تتحدى الخامة لتجعلها تتشكل بحرفية تتجاوز المادة الجامدة نحو تفاعل الطبيعة في اللون والرائحة في الانجاز المرن، فهو دقيق جدا في اختيار المادة التي يبتكر منها منحوتاته. فالتناغم الذي يخلقه في المنجز لا يقف عند الحركة التي يختارها بل يخلق داخله دورا حيويا بموسيقى تقع على إيقاعات الترتيب للهندسة التكاملية بين الخطوط الأفقية والعمودية في الكتلة ككل وفي الفراغات التي تتسع وتضيق، فأسلوبه المتميز منحه الثقة في التجريب والبراعة في التشكيل. الرمل لم يكتف بالمشاركات المحلية في المعارض الفنية، بل شارك في ملتقيات عربية وخليجية للنحت، وقدم عدة ورش تدريبية في مجال الخشب، حائزاً على جوائز آخرها جائزة سوق عكاظ.