نادت المملكة مرارا وتكرارا وفي موسم حج كل عام، بعدم اقحام هذه الفريضة الإيمانية في أي خلاف سياسي بين الدول، وهي مناداة عقلانية وصائبة، ذلك أن ما يهم المملكة في هذه المواسم إنجاحها والوصول إلى أفضل وأمثل السبل المؤدية لخدمة ضيوف الرحمن، ورفعة شأن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. إقحام الخلافات السياسية في هذه الفريضة أمر مرفوض بكل تفاصيله وجزئياته، فالمملكة من خلال خدمتها للحرمين الشريفين وضيوف الرحمن تتوخى الوصول إلى أسمى الغايات والأهداف الإسلامية المنشودة، وهي وحدة المسلمين وتحقيق تكاتفهم وتآزرهم وتضامنهم، وترجمة أبعاد اخوتهم إلى واقع مشهود على الأرض من خلال تجمع المسلمين في أشرف بقاع الأرض وأطهرها بالمدينتين المقدستين. ومن خلال برنامج ضيوف خادم الحرمين، فإن القيادة الرشيدة بالمملكة تؤكد دائما تمسكها بتسهيل فريضة الحج وتيسييرها لسائر المسلمين بدعم مطلق، أدى إلى تثمين وتقدير المسلمين في سائر أنحاء العالم لما تقوم به المملكة من جهود حثيثة لخدمة الإسلام والمسلمين، وتلك جهود لا تريد من ورائها المملكة منّة من أحد، وإنما تريد بها التقرب لوجه رب العزة والجلال بهذه الأعمال الجليلة. هذا البرنامج الذي التزمت به المملكة في كل موسم، يدل- بوضوح- على سقوط شعارات تسييس الحج، فمن حق كل مسلم أن يؤدي فريضته الإيمانية بكل يسر وسهولة وطمأنينة وأمن، وهي فريضة لا يمكن أن تتحول إلى تسييس لإزعاج الحجيج والاخلال بالموسم. ولا بد على المسلم وهو يقوم بتأدية هذه الفريضة الابتعاد عن الترهات التي ترفع عنها الإسلام، وحض المسلمين على تجنبها، والحرص دائما على تأدية المناسك بكل خشوع وسكينة تقربا للمولى القدير بصالح الأعمال، وعلى رأسها هذه الفريضة الإيمانية التي حث الإسلام عليها لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، فالابتعاد عن كل المنغصات التي تزعج ضيوف الرحمن هو من شروط الحج ومستلزماته. ويهم المملكة أن يؤدي المسلمون من كل مكان أحد أركان عقيدتهم الإسلامية السمحة دون أن يؤدي ذلك إلى مخالفة الأنظمة وإقحام هذه الفريضة في الخلافات السياسية، فالأماكن المقدسة هيئت للعبادة، ولم تهيأ لأي غرض آخر، ومن الخطأ الفادح أن يتحول الحج الى تصفيات سياسية لا يمكن ربطها بأداء هذه الفريضة، التي لا بد من تأديتها في أجواء مفعمة بالروحانية والطمأنينة والسكون. وما زال العالم يثمن ما تقوم به المملكة من أدوار كبرى لخدمة الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن، ويرى أن القيادة الرشيدة تقوم بتأدية تلك الأدوار على خير وجه، وقد نجحت- بعون الله وفضله- بشهادة تلك الدول على إنجاح مواسم الحج دائما، ونجحت بتسهيل أمور ضيوف الرحمن منذ قدومهم إلى الأراضي المقدسة؛ لأداء هذه الفريضة، وحتى عودتهم إلى بلدانهم غانمين سالمين بإذن الله.