تأكيد جديد على ارتماء القيادة القطرية في أحضان إيران، والمراهنة عليها بديلا لبيتها الخليجي، وتسلميها في ذات الوقت، مفاتيح أمنها وأسرارها، وها هي ترسل وزير اقتصادها وتجارتها، ممثلاً لها في مراسم أداء رئيس نظام إيران حسن روحاني اليمين الرئاسية لفترة ولاية ثانية، وكأنها تقدم شكرها وتقديرها وولاءها لنظام خامنئي، الذي استغلها مدعيا وقوفه بجانبها إبان بداية الأزمة؛ بإرسال المؤن الغذائية وتصريحات مسؤوليه أن موانئ ومطارات طهران مفتوحة في أي وقت للقطريين. وتأتي مشاركة ممثل القيادة القطرية في المناسبة في ظل أزمتها مع المملكة والإمارات والبحرين، التي تطالب الدوحة بسلسلة من المطالب، من بينها وقف العلاقات مع إيران، إضافة إلى وقف دعم وتمويل الإرهاب، واستضافة إرهابيين، ونشر خطاب الكراهية والتطرف في الإعلام، وسبق أن شددت القمة العربية الإسلامية الأمريكية المنعقدة بالرياض في مايو الماضي؛ على عزل نظام إيران، باعتباره الراعي الأول للإرهاب في العالم. وكانت وكالة «تسنيم» الإيرانية الرسمية قد أفادت بأن رئيس الوزراء القطري عبدالله بن ناصر آل ثاني، سيمثل بلاده في مراسم أداء اليمين للرئيس الإيراني حسن روحاني لولاية ثانية. ونقلت الوكالة تصريحاً عن رئيس الحكومة القطرية أكد فيه مشاركته في المراسم ممثلاً لأمير قطر، لافتاً إلى أن بلاده تقدر وتثمن ولن تنسى الدعم الإيراني لها في ظروف العقوبات الحالية، في إشارة إلى مقاطعة الرباعية العربية لها منذ شهرين. على حقيقتها وظهرت العلاقات الإيرانيةالقطرية جليا وعلى حقيقتها منذ بدء أزمة قطر جراء قطع العلاقات معها من الرباعي الداعي لمكافحة الإرهاب، وهي علاقة سبق أن أكدت الدوحة في مناسبات عدة أنها لن تكون على حساب جاراتها في الخليج، وهو ما ناقضته؛ بارتمائها للاسف في الحضن الفارسي، محققة لطهران حلم توسع جديد واستلاب عاصمة عربية خامسة تنضم لأخواتها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. وراهنت حكومة قطر، عوضاً عن تصحيح المسار، على البلد الذي تتغلغل ميليشياته في سوريا والعراق واليمن، ما يضرب بعرض الحائط بمقررات مجلس التعاون الخليجي وشروط الدول المقاطعة، التي بعثتها لقطر مؤخراً لإنهاء الأزمة. كما سعت الدوحة، ومنذ إطاحة أميرها السابق في 95، إلى الاحتفاظ بعلاقاتها مع إيران، على حساب جاراتها في الخليج، فتشاورت مع طهران في شتى المجالات، ورفضت استخدام قاعدة العديد ضد إيران في 2010، يشار إلى أنه حتى قيادتها الشابة التي أتت مؤخراً وقفت مع إيران وبرنامجها النووي أمام الأممالمتحدة في 2015. وبلغ التعاون القطري - الإيراني إلى الحد، الذي لم تجد فيه قنوات الإعلام القطرية أو المدعومة من الدوحة أي حرج في التماهي بجانب قنوات الإعلام الإيرانية، التي لا تنفك تهاجم دول المجلس. أحضان إيران اكدت نشرة اخبارية إماراتية، ان القيادة القطرية التي ترتمي اليوم في أحضان إيران وتسلّمها مفاتيح أمنها وأسرارها، دون التأمل في تداعيات تلك الخطوة، إنما تزيد في تعميق الشرخ مع جيرانها وأشقائها، وتسهم عن عمد في قطع طريق العودة إلى حضنها الخليجي والعربي، فالإعلام الإيراني الذي يحتفي اليوم بمشاركة قطر في مراسم تنصيب الرئيس حسن روحاني لولاية ثانية في طهران، ويواصل التهليل لزيارات المسؤولين السياسيين والعسكريين الإيرانيين للعاصمة القطريةالدوحة، إنما يعكس نوايا طهران ومساعيها الانتهازية لاستغلال الأزمة القطرية بما يمكّنها من الإضرار بوحدة الصف الخليجي والإساءة إلى حاضر شعوب المنطقة ومستقبلها. ولفتت النشرة الإماراتية فى افتتاحيتها تحت عنوان «قطر.. والمزيد من شق الصف الخليجي» الى ان نظام الدوحة عجز عن استيعاب فكرة الانسجام ووحدة الصف الخليجي لخدمة الأهداف السامية المشتركة، ورفض الاستجابة لمطالب دول المقاطعة الأربع التي تصبّ في وقفه لدعم الإرهاب والتطرف وتمويلهما، التي كان من شأنها إخراجه من مأزقه الراهن، فلجأ إلى أساليب عدة من شأنها أن تزيد من تصعيد الأوضاع وتعقيدها، حيث أثبتت كل تجارب التاريخ أن الاستقواء بالعدو لضرب الشقيق لن يفضي إلا إلى المزيد من الفوضى والانحدار. وهو درس كان يجدر بالقيادة القطرية أن تعيه جيداً قبل أن تتجه إلى نسج فصل جديد من العلاقات مع النظام الإيراني، وتجمع حولها الإرهابيين والمتطرفين الهاربين من العدالة والمتورطين في زعزعة أمن بلدانهم. خطوات التقارب واشارت النشرة الاخبارية الإماراتية الى انه عندما يتحدث الإعلام الإيراني عن تعزيز العلاقات مع الدوحة ويرحب بكل خطوات التقارب معها تحت شعار تعزيز العلاقات الاقتصادية، فإنه لا شكّ يعبّر عن أكاذيب مختلقة، لأن أهدافه الأساسية التي تنطلق من مبادئ تصدير الثورة على أساس طائفي تكمن في الرغبة في المزيد من التوسع والهيمنة على حساب دول المنطقة وشعوبها. وشددت النشرة على ان الدوحة تدرك التداعيات السلبية للارتماء في أحضان إيران وتتجاهلها عن قصد وعمد، في مواصلتها لسياسة تحدّي أمن دول المنطقة واستقرارها، وهو الأمر الذي لا يخدمها ولن يخرجها من أزمتها الراهنة. وقالت النشرة: «برغم مرور شهرين على مقاطعة الدول الأربع واجراءاتها ضد دولة قطر، فإن نظام الدوحة لا يزال يمارس سياسة الإنكار والتعنت، والمراوغة والالتفاف على الحقيقة البارزة جلياً بدعمه وتمويله للجماعات الإرهابية والمتطرفة، وتورّطه في الدسائس والفتن الهادفة إلى ضرب أمن المنطقة العربية واستقرارها عموماً ومنطقة الخليج العربي خصوصاً». وختمت النشرة الإماراتية تقريرها بالقول: «ان إصرار قطر على الاستقواء بأطراف خارجية؛ وإدارة ظهرها للباب الذي حاول أشقاؤها مراراً وتكراراً تركه مفتوحاً لها لتعود إلى رشدها وتتوقف عن مسارها الخطأ بحق شعبها وشعوب المنطقة قبل فوات الأوان، من شأنه أن يزيد حزم الرباعي في التشبّث بمطالبه، ومواصلة الضغط عليها حتى توقف مغامراتها التي لن تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى ما لا يحمد عقباه».