راوحت أزمة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب مع قطر مكانها بعد رجوع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون لبلاده، دون إحراز أي اختراق في الأزمة. وفي أول رد فعل عقب مغادرة الوزير الأمريكي قالت دولة الإمارات العربية المتحدة: إنه لن تكون هناك نهاية سريعة للخلاف بين قطر والدول العربية الأربع، التي بينها الإمارات. وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه الرسمي على تويتر: «متجهون إلى قطيعة ستطول، هو ملخص الشواهد التي أمامنا، وكما تصرخ قطر بالقرار السيادي، فالدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب تمارس إجراءاتها السيادية». وأضاف: «الحقيقة أننا بعيدون كل البعد عن الحل السياسي المرتبط بتغيير قطر لتوجهها، وفي ظل ذلك لن يتغير شيء وعلينا البحث عن نسق مختلف من العلاقات». إجراءات مستمرة وتوحي الكلمات بأنه لا انفراجة في الموقف بعد أن غادر وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الخليج أمس الأول الخميس عقب جولة خليجية استغرقت ثلاثة أيام بهدف تخفيف الأزمة. وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية وأغلقت طرق الانتقال بينها وبين قطر في الخامس من يونيو متهمة إياها بدعم الإرهاب والتحالف الخفي مع إيران. وكتب قرقاش على تويتر: «للدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب كل الحق في حماية نفسها وإغلاق حدودها وحماية استقرارها، وإجراءاتها في هذا السياق مستمرة وستتعزز، حقها أن تعزل التآمر عنها». وتابع: «وبرغم أننا قد نخسر الجار المربك والمرتبك، نكسب الوضوح والشفافية، وهو عالم رحب واسع سنتحرك فيه مجموعة متجانسة صادقة». وأضاف: «نحن أمام خيارات سيادية سيمارسها كل الأطراف حسب مصالحه الوطنية وثقته فيمن حوله وقراءاته لجواره، ولعله الأصوب في ظل اختلاف النهج وانعدام الثقة». وخلال زيارته للدوحة وقّع تيلرسون اتفاقا أمريكيا قطريا يتعلق بتمويل الإرهاب في محاولة للمساعدة في تخفيف الأزمة، لكن الخطوة غير كافية لتغير من مسار قطر الراعية للإرهاب والداعمة للجماعات المتطرفة. وقالت الخارجية الأمريكية الخميس: إن تيلرسون يأمل أن تجري الأطراف المتنازعة مفاوضات مباشرة قريبا. وثائق للحل وتنقل تيلرسون خلال الأيام الماضية بين الطرفين والكويت، التي تلعب دور الوسيط وعاد يوم الخميس إلى الدوحة، حيث التقى بحكام قطر للمرة الثانية خلال يومين. كما اجتمع مع مسؤولين في الكويت والمملكة. والتقى تيلرسون خلال جولته بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لبحث الأزمة. وقال تيلرسون للصحفيين بعد أن غادر الدوحة: «أعتقد أنه كان من المفيد بالنسبة لي أن أكون هنا، وأن أتحدث معهم عن سبل إيجاد طريق للتحرك قدما وأن أستمع وألمس مدى خطورة الموقف ومدى ما تثيره بعض هذه المسائل من مشاعر». وأوضح: «طرحنا بعض الوثائق على الجانبين أثناء وجودنا هنا ترسم بعض السبل، التي ربما تتيح تحريك الموقف». وقال تيلرسون: إنه ليس وسيطا مباشرا لكنه يدعم دور أمير الكويت في بناء الجسور لإنهاء الأزمة. وزاد: «هناك في رأيي تغير في درجة الاستعداد ولو لتقبل الحديث إلى بعضهم بعضا، ولم تكن هذه هي الحال قبل مجيئي». وتتهم المملكة والإمارات ومصر والبحرين قطر بدعم جماعة الإخوان المسلمين. وتستضيف قطر بعض أبرز رموز الحركة ومن بينهم زعيمها الروحي «يوسف القرضاوي». حوار مباشر وقالت هيثر نويرت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، خلال مؤتمر صحفي: إن الولاياتالمتحدة تسعى لإقناع أطراف الأزمة الخليجية بالبدء في حوار مباشر. وأوضحت نويرت أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون أنهى زيارته التي استمرت ثلاثة أيام في منطقة الخليج في إطار محاولة لحل الأزمة الخليجية القطرية، مؤكدة أنه بات مقتنعا بأن عقد مفاوضات مباشرة بين أطراف الأزمة، هو خطوة مهمة لحلها. وقالت المتحدثة: إن تيلرسون أعرب عن أمله في أن يتوافق أطراف الأزمة على القيام بتلك الخطوة، موضحا أنه سيواصل دعم الكويت في جهود الوساطة. عناد وادعاء وتصر قطر على أن تصمّ آذانها عن مطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، وبدلا من ذلك تعمل جاهدة على الترويج لمظلوميتها والاستقواء بقوى أجنبية، عوضا عن تنفيذ تعهدات كانت قد وقّعت خطيا على الالتزام بها في الرياض عامي 2013 و2014. وقطعت المملكة والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر وفرضت عليها عقوبات في بداية يونيو الماضي، بسبب سياساتها الداعمة للإرهاب، ثم قدمت لها مطالبها على أمل إعادتها إلى محيطها العربي لكن دون تجاوب من الدوحة. فردت قطر بشكل سلبي على تلك المطالب التي تقدمت بها الدول الأربع، لتؤكد إصرارها على التمسك بنهجها الحالي الذي يشكل لبّ المشكلة وهو احتضان الإرهاب وتمويله وتبني سياسات تزعزع أمن جيرانها ودول المنطقة. ولم تفلح زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في ثني قطر عن سياساتها ودفعها إلى الالتزام بما خرجت به القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض. بل أصرت على سياسة المكابرة والعناد. وبهذه السلبية التي تتعامل بها قطر مع الأزمة فإنها تدفع بنفسها إلى خسارة جيرانها لزمن طويل، وهي خسارة لا تضر الجيران بقدر ما يترتب عليها من تبعات كبيرة تعجز قطر عن تحملها.