توفير خيارات وبدائل سكنية من المهام الرئيسة لوزارة الإسكان، وهناك كثير من التجارب الدولية، التي يمكن أن تقيس عليها احتياجاتنا وتستوعبها في منظوماتها السكنية، لأن عددا من الدول مرت بأزمات ومشكلات إسكانية واستطاعت أن تتجاوزها بابتكار حلول ومعالجات أسهمت في المعالجة النهائية لأزمة المساكن لديها، والآن مع تطور تقنيات البناء وظهور أنظمة المباني الذكية بات بالإمكان أن تتطور الحلول السكنية، بحيث يسهل على طرفي المعادلة حل المشكلة، وهما الوزارة والمواطن. مؤخرا، نظمت وزارة الإسكان مؤتمر تقنية البناء بالرياض، وبرزت مؤشرات إيجابية لمخرجات المؤتمر تتعلق بأسعار الوحدات السكنية من واقع استخدام تقنيات جديدة في بناء المساكن، وأول ذلك تخفيض سعر الوحدة السكنية باستخدام تقنيات البناء الى ما بين 250 ألفا وحتى 700 ألف ريال، إضافة الى تنوع المنتجات، وتقليص الوقت بحد أدنى الى 35 يوما، وذلك يتناسب مع الطموحات لوفرة سكنية ومعالجات تحسم المشكلة بتمليك كل مواطن السكن المناسب بالسعر، الذي يتوافق مع قدراته الشرائية. وللحقيقة، رغم أن الوزارة جاءت متأخرة في سياق تقنيات البناء، إلا أنه كما يقال أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، لأن تمليك المساكن لا يزال دون السقف الذي نتطلع إليه، ولكن مع توظيف هذه التقنيات فلا شك في أننا سنقترب كثيرا من حسم المشكلة، ولعلنا نستند إلى ما قاله المشرف العام على برنامج الابتكار وتقنيات البناء والرئيس التنفيذي للشركة الوطنية لخدمات الإسكان محمد بن معمر من أن لدينا في المملكة طيفا واسعا من تقنيات البناء، لكننا ما زلنا في الجيل الأول من هذه التقنيات، بينما العالم الآن يدرس تطبيق الجيل الرابع من تقنيات البناء الحديثة، وأن الوزارة تسعى في حال ثبوت جودة هذه التقنيات دراسيا، إلى تطبيقها وخلق ثقافة تتقبل التقنيات الجديدة بين المواطنين المستفيدين. من المهم أن تتغير الثقافة السكنية؛ لأن ذلك يختصر الوقت ويوفر الخيارات في توفير المساكن، فالشقق في السابق لم تكن ضمن الخيارات، ولكن بمرور الوقت أصبحت مقبولة، وهكذا من الأهمية مواكبة تطورات العصر فتقنيات البناء الحديثة ربما تجد شكوكا حول جدواها أو تقليلا من قيمتها غير أنها واقع العالم الحديث وأصبحت بنظام المراحل والأجيال كما ذكر ابن معمر، وربما نحن متأخرون عن غيرنا لأن ثقافتهم السكنية تستجيب أسرع للمستجدات والخيارات الجديدة، لذلك نأمل أن تبدأ الوزارة في تطبيق التقنيات وتراعي في ذات الوقت النمط التقليدي في نمط سكن الناس، بحيث لا يحدث انتقال واسع وفجائي، وإنما مزيج بين التقليدية والحداثة، وأن تتنوع الخيارات بحسب تلك التقنيات لاستيعاب أكبر قدر من احتياجات المواطنين المستفيدين حتى لا يبدو أن الأمر وكأنه واقع ينبغي التسليم به بعرض مساكن لا تتفق مع طموحات المواطنين فيزهدوا فيها ولا يقبلونها لنعود الى المربع الأول والبحث عن خيارات تقليدية تبدو بدورها صعبة على الكثيرين.