تحمل الزيارة التاريخية، التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى المملكة العربية السعودية، وما سيتبعها من قمم عربية إسلامية أمريكية، العديد من الدلالات بالغة الأهمية، فهي الزيارة الخارجية الأولى لترامب منذ توليه سدّة الرئاسة، كما أنها تبرز أهمية وثقل الدور السعودي في المنطقة العربية والدور الكبير، الذي تقوم به في مكافحة الإرهاب ومواجهة التمدد الفارسي بالمنطقة. ويحمل اللقاء المقبل للرئيس الأمريكي مع قادة العالم الإسلامي بين طيّاته الكثير، كما أنه سيرسم ملامح مرحلة جديدة لمواجهة التطرّف، الذي زعزع المنطقة وزرع فيها عدم الاستقرار، بحسب صحيفة أمريكية، كما تأتي تأكيداً للنهج الجديد للإدارة الأمريكية، وطي صفحة الإدارة السابقة برئاسة باراك أوباما، وأيضاً أملتها تزايد الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط. إحياء الشراكات القديمة أوضح الخبير الإستراتيجي في الشؤون الدولية سامي نادر في تصريح ل«اليوم» ان «الزيارة الاولى الخارجية التي يقوم بها الرئيس دونالد ترامب بعد وصوله الى سدة الرئاسة، مليئة بالدلالات»، مشدداً على ان «الزيارة الأولى تعبر دوماً عن السياسة الخارجية لأمريكا، فهي تأتي من أجل إحياء شراكة قديمة تقليدية كان قد وعد بها ترامب خلال حملته الانتخابية والتي اعاد اطلاقها خلال خطاب القسم، ومن ثم نفذت على ارض الواقع من خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الى السعودية، وما تبعها من تحوّل في أساس السياسة الخارجية الامريكية تجاه المملكة العربية السعودية». مواجهة التمدد الإيراني وكرر سامي نادر التأكيد على ان «ترامب يعمل على احياء الشراكات القديمة لأمريكا، الا ان هذه الزيارة تأخذ طابعا اضافياً، كونها تجيء في اطار الابتعاد عن سياسة الانفتاح على ايران. وزاد: ها نحن اليوم امام سياسة تشديد اللهجة معها، التي تلتقي فيها مع المملكة العربية السعودية، ففي الوقت الذي تقوم به المملكة بوضع حد لتوسع ايران، تأتي الولاياتالمتحدةالأمريكية لتوضح تحالفاتها في المنطقة وعلى رأسها التحالف مع المملكة، وكذلك العلاقة الامريكية مع اسرائيل وتركيا، فكل هذه التحالفات او الشراكات القديمة مع امريكا تلتقي على ضرورة الحد من التمدد الايراني في المنطقة وتدخل إيران في الشؤون الداخلية لهذه البلاد». بُعد اقتصادي وقال نادر: «لا بد من التوقف عند البعد الاقتصادي لهذه الزيارة كونها تأتي في لحظة تريد فيها أمريكا إحياء الشراكات الاقتصادية مع دول معينة، فهي تريد أفضل العلاقات التجارية مع بريطانيا، كما تريد تصحيح الخلل القائم فيما يخص العلاقات التجارية مع الصين، زد على ذلك ان هنالك تعاونا مع المملكة العربية السعودية على أكثر من صعيد، ليس فقط على الصعيد النفطي، بل هنالك تعاون عسكري فيما يتعلق بمد المملكة بالسلاح، مع ملاحظة أن هنالك تحوّلا اقتصاديا كبيرا يقوم به ولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان في السعودية تحت عنوان «رؤية 2030»، حيث كان لافتاً الحفاوة التي استقبل بها الرئيس ترامب الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته واشنطن». الحرب على الإرهاب وأضاف الخبير الإستراتيجي في الشؤون الدولية نادر: «هنالك عنوان آخر بارز لهذه الزيارة، الا وهو «الحرب على الارهاب»، فترامب قد اختار لاعباً اساسياً في هذه المواجهة وهو الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي يمثل حليفا إسلاميا من الدرجة الأولى، وهو الذي يتمتع بموقع رمزي مهم جداً بحسب ما اشار ترامب في خطابه الذي شرح فيه اسباب هذه الزيارة، حينما قال: ان السعودية لديها موقع ريادي في العالم الاسلامي، وهي ارض الحرمين الشريفين وهي الى جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية لمواجهة الاسلام المتطرف». وختم الخبير الاستراتيجي حديثه بالقول: «مما لا شك فيه ان زيارة ترامب الى السعودية تزعج ايران، فهذه الزيارة سبقتها مواقف واضحة ومتأزمة وصلبة للامير محمد بن سلمان تجاه ايران. وأضاف: اما روسيا فهي لا تمانع من زيارة من هذا النوع، خاصة ان كانت المملكة العربية السعودية او حتى واشنطن لا يرفضون مد اليّد الى موسكو، بل هنالك تعويل على شراكة معها تقيمها واشنطن ضمن شروط مقبولة، تمكن وتثبت الجبهة في وجه تمدد النفوذ الايراني، خاصة ان البيت الأبيض واضح في تصوير التحديات حينما قال: ان مَنْ يقف في وجه المصالح الأمريكية في المنطقة هي ايران». ملفات المنطقة من ناحيته، شدد الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب في تصريح ل«اليوم» على انه «بغض النظر عن المآخذ التي اتخذت حيال سياسة ترامب بعد تسلمه الحكم، الا أنه منذ مجيئه إلى الآن، هنالك أكثر من محطة تعبّر عن ان الإدارة الأمريكية الجديدة تستشعر بأن المدخل لمعالجة ملفات المنطقة لا تكون من البوابة الإيرانية، التي سبق واختبرتها على مدى السنوات الثماني الماضية، التي اغرقت المنطقة في الحروب والأزمات وفي بحر من الدماء، فلقد أيقنت الإدارة الأمريكية الجديدة أن المعالجة ستكون مختلفة، ومدخل هذه المعالجة سيكون دول الخليج العربي أو بالأصح الدول الإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية باعتبارها دولة فاعلة ومؤثرة في ملفات المنطقة». وقال: «تسبق الزيارة العديد من المحطات التي تشير لدلالات واضحة بتوجه الإدارة الأمريكية الجديدة، فبعد انتخاب ترامب، كان الاتصال الأول له خارج الإدارة الأمريكية بجلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما ان الشخصية العربية والإسلامية وربما تكون الشخصية الوحيدة غير الأمريكية، التي استقبلت في البيت الأبيض كان لقاء ترامب مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حيث ركزت المباحثات فيها على نظرة الإدارة الأمريكية والمملكة العربية السعودية للمعالجات، التي ستحصل في المنطقة ومنها الملفات المشتعلة سواء في سوريا، اليمن، العراق ولبنان، بالإضافة الى الاختراقات الإيرانية لأمن دول الخليج من خلال بعض المجموعات الإرهابية، التي جرى اكتشافها واحباطها قبل أن تنفذ عملياتها في الدول العربية». تعاون مستقبلي وأضاف المحلل السياسي يوسف دياب: «من هنا تأتي زيارة ترامب الى المملكة العربية السعودية لتضع خطة التعاون المقبلة بين المملكة والإدارة الأمريكية على سكة التنفيذ. وأبان: إدارة أوباما كانت تعتقد أنها اذا هادنت ايران فإنها بذلك ستتمكن من احتوائها، الا ان التجربة اثبتت أنه لا يمكن مهادنة ايران، كونه كلما قدم لها أوراقا، تمددت إيران في المقابل بالمنطقة وشكلت خطرا على الأمن القومي والعالمي. وأضاف: من هنا تأتي أهمية الزيارة التي ستناقش ملفات أساسية، كالارهاب والملفات الاقتصادية في المنطقة، والمصالح المشتركة التاريخية بين الدول العربية والإدارة الأمريكية الجديدة، التي تؤسس لمرحلة من التعاون الطويل الأمد بين أمريكا والدول العربية. وأوضح ليس بإمكان الولاياتالمتحدةالأمريكية بأي حال من الأحوال إعادة الدخول الى المنطقة وتكون مؤثرة فيها الا عبر بوابة المملكة العربية السعودية»، مشدداً على ان «هناك تحوّلا جذريا سيحصل في المنطقة يتمحور بشكل أساسي بكف يدّ إيران عن التمدد في المنطقة واللعب بأمنها».