أكد سياسيون أن اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترامب السعودية في أول زيارة رسمية له خارجية بعد توليه منصب الرئاسة يدل على مكانة السعودية، ودورها في العالم الإسلامي والعربي على حد سواء. وأشاروا في حديثهم ل«الحياة» إلى أن العلاقات السعودية - الأميركية علاقات تاريخية وقديمة بدأت منذ الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وتطورات العلاقات عبر العقود الماضية لتصبح أكثر علاقات استراتيجية ذات عمق بين دولتين. وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد أن اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المملكة لتكون بداية جولته الخارجية، يعكس دور الرياض المحوري عربياً وإسلامياً. وقال خلال لقاء صحافيين في مقر سفارة المملكة في واشنطن أول من أمس: «إن الزيارة تعكس احترام أميركا للقيادة الحكيمة في المملكة، التي تسعى دائماً إلى تعزيز الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة والعالم». وأضاف: «المملكة هي الشريك الأول لأميركا في العالم العربي والإسلامي وفي مواجهة الإرهاب والتطرف والقضاء على داعش والقاعدة، وفي مقدمة الدول التي تتصدى لتدخلات إيران السلبية في شؤون المنطقة، وهذا موضوع مهم جداً بالنسبة لأميركا، لذلك فإن الشراكة مع المملكة أمر مهم جداً». وأكد أن «المملكة دولة رئيسة في محاربة الإرهاب والتطرف، وهي من قدم مبادرة السلام العربية التي تعتبر الآن مرجعاً أساسياً لحل سلمي للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني الذي يسعى ترامب إلى إنهائه»، مشيراً إلى أن «المملكة شريك اقتصادي قوي لأميركا، وأكبر مصدر للبترول لها ومن أكثر المستثمرين في العالم». ولفت إلى أن «السعودية وأميركا تربطهما علاقات تاريخية واستراتيجية، والإدارة الأميركية تدرك أهمية المملكة، وخصوصاً في القضاء على داعش والإرهاب والتطرف والتصدي لإيران، وتعزيز الاستثمارات والتجارة بين البلدين وإيجاد فرص عمل في البلدين»، واصفاً الزيارة بأنها «تاريخية بكل المقاييس». وقال: «إن الرئيس ترامب يرغب في استعادة دور أميركا في العالم وهذا محل ترحيب حلفاء أميركا، كما عبر عن رغبته في تدمير تنظيم داعش الإرهابي والجماعات الإرهابية، وهذا أمر يرغب فيه أيضاً حلفاء أميركا، كما يرغب في صد أنشطة إيران غير المشروعة في المنطقة، وهو الأمر ذاته الذي يرغب فيه حلفاء أميركا في المنطقة، لذلك فنحن حلفاء مع الإدارة الأميركية في هذه القضايا». وأضاف: «هذه زيارة تاريخية بكل المقاييس، فالمملكة هي مهد الإسلام، وخادمة الحرمين الشريفين ولا يمكن هزيمة الإرهاب والتطرف من دونها، ونحن أقرب الشركاء في الحرب ضد الإرهاب والتطرف، وفي مقدمة الدول ضد أنشطة إيران السلبية غير المشروعة، وفي مقدمة الدول التي تحارب تنظيم داعش الإرهابي، والمملكة هي الدولة التي قدمت مبادرة السلام العربية، وللمملكة دور رئيس في تحريك عملية السلام إلى الأمام، كما أن لها استثمارات هائلة في الاقتصاد الأميركي، وهي شريك تجاري كبير مع أميركا، وهذا يعني وجود مصالح اقتصادية ومالية هائلة بين البلدين، لذلك فإن القدرة على تحقيق الأهداف التي وضعها الرئيس ترامب سواء في استعادة دور أميركا أم هزيمة داعش أم احتواء إيران أم لتعزيز السلام أم لتعزيز الاستثمارات والتجارة والازدهار، فإن المملكة العربية السعودية هي مفتاح هذه القضايا، وأحد أهم الشركاء الدوليين في ما يخص الاقتصاد والتجارة والاستثمار»، وأوضح أن زيارة الرئيس الأميركي للمملكة ستشمل قمة ثنائية، وقمة مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقمة مع قادة الدول العربية والإسلامية. وقال: «إنها رسالة واضحة للعالم بأنه يمكن لأميركا والدول العربية والإسلامية تكوين شراكة»، مضيفاً: «نرى أنها ستؤدي إلى تعزيز التعاون بين أميركا والدول العربية والإسلامية في مكافحة الإرهاب والتطرف وسيكون للزيارة فوائد هائلة على المنطقة والعالم». وفي تغريدة له على حسابه في «تويتر» كتب الجبير: «جهد جبار لولي ولي العهد بتوليه لملف العلاقات أثمر عن أول زيارة بالتاريخ لرئيس أميركي لدولة إسلامية فشكراً محمد بن سلمان ومرحباً بالرئيس ترامب». وكان الجبير عقد خلال زيارته إلى الكونغرس الأميركي أول من أمس (الخميس) لقاءات مع كل من النائب تيد ليو، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور بوب كوركر، ونائبه السيناتور بن كاردن، وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية، كما التقى زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ناثان تك، في اتصال ل«الحياة» أمس (الجمعة)، إن زيارة الرئيس الأميركي إلى المملكة عبر عنها بوضوح البيت الأبيض في بيان رسمي، مضيفاً أن البيان أبرز الجوانب كافة حول الزيارة، مستدركاً (حتى الآن). وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض في بيان له (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أن «الرئيس ترامب قبل دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لزيارة المملكة العربية السعودية في وقت لاحق من هذا الشهر». وأضاف البيان أن الزيارة «ستؤكد مجدداً على الشراكة القوية بين أميركا والمملكة العربية السعودية، والسماح للزعماء بمناقشة القضايا ذات الاهتمام الاستراتيجي، بما في ذلك الجهود الرامية إلى دحر الجماعات الإرهابية وإضعاف الآيديولوجيات المتطرفة». من جهته، شدد المحلل السياسي الدكتور أحمد الأنصاري على متانة العلاقات بين السعودية وأميركا، وقال ل«الحياة»: «إن العلاقات السعودية الاميركية علاقات تاريخية وقديمة بدأت منذ الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وتطورات عبر العقود الماضية لتصبح اكثر علاقات استراتيجية وبناءه ذات عمق بين دولتين». وأضاف: «إن العلاقات السعودية الأميركية استمرت على القوة ذاتها في عهد جميع الملوك السعوديين السابقين، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز». واستدرك: «العلاقات السعودية - الأميركية شابها نوع من التوتر والركود في عهد الرئيس الأميركي الأسبق أوباما بسبب سياسته التي أتبعها خلال فترة رئاسته وخصوصاً في ما يتعلق بسياسة أميركا تجاه إيران، وشهدت تلك الفترة ضعفاً وتوتراً في العلاقة مع السعودية، كما أن ضعف السياسة الخارجية الأميركية في عهد أوباما نتج منه عدد من المشكلات في العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط». وزاد: «إن العلاقة المشبوهة التي جمعت الرئيس السابق للولايات المتحدة الاميركية أوباما مع النظام الإيراني منحها الضوء الأخضر لتوسع وتدمير عدد من الأنظمة العربية، والتدخل في شؤون الدول العربية وأسهم هذا في خلق الفوضى وعدم توازن في منطقة الشرق الأوسط». وحدد الأنصاري الدول التي تدخلت إيران فيها، وخلقت صرعات واضطرابات بأربع دول هي العراق وسورية ولبنان وأخيراً اليمن، مشيراً إلى أن التدخل جاء من خلال تمويل الميليشيات الإرهابية لنشر الفوضى والدمار في المنطقة. وأكد الأنصاري في الوقت ذاته على أن «اختيار الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأميركية ترامب للسعودية كأول دولة يبدأ بها زياراته الخارجية دليل على إدراكه للدور المهم والحيوي، الذي تلعبه السعودية وثقلها في العالمين الإسلامي والعربي»، وقال: «إن اختيار السعودية كمحطة أولى يأتي لعلم ترامب بما للسعودية من دور مهم ومؤثر في العالم العربي والإسلامي على حد سواء، وهذا ما أكده ترامب في أثناء إعلانه عن الزيارة حين أشاد بدورها في محاربة الإرهاب، كما أن ترامب يعلم عن مدى قدرة السعودية على التصدي لإيران وإيقاف تمددها في دول الشرق الأوسط وإعادة النظام الإيراني إلى وضعه الطبيعي». واستطرد بالقول: «إن السعودية تعد لاعباً رئيساً ومهماً على الساحة الدولية، إذ تعد قيادات السعودية من القيادات العالم المتوازنة التي تحطي بمكانة واحترام من جميع دول العالم، إضافة إلى أنها من الدول ال20 التي تتمتع بثقل اقتصادي، وهذا كله أسهم في توجه الرئيس الأميركي الجديد للسعودية كأول محطة له». ونوه إلى أن زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لأميركا، أسهمت في إنهاء فترة الضعف في العلاقات - الأميركية السعودية، التي جاءت بسبب سياسات أوباما في المنطقة، إضافة إلى إسهام تلك الزيارة في إعادة صفقات الأسلحة، التي أوقفها الرئيس الأميركي الأسبق أوباما إلى مسارها الطبيعي. وتابع: «هنالك تفاؤل في مستقبل العلاقات السعودية الأميركية، إذ يمكن القول إن فترة البرود في العلاقات التي كانت في عهد الرئيس الاسبق انتهت». ونوه الأنصاري إلى أن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى أميركا قبل نحو الشهر، جاءت كمبعوث خاص لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وشهدت عدداً من اللقاءات المثمرة والبناءة بين البلدين في المجالات كافة سواءً العسكرية أم السياسية أم الحرب ضد داعش في سورية وكذلك العلاقات الاقتصادية، إذ شهدت لقاءات مثمرة مع عدد من الشركات الاميركية. في المقابل، قال المحلل السياسي الدكتور أحمد الركبان ل«الحياة»: «إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرك تمام حجم السعودية وتأثيرها في دول المنطقة والدول الإسلامية، كما يدرك تماماً أن الملك سلمان بن عبدالعزيز لم يلتفت إلى الدول العظمي فقط بل التقت إلى دول شرق آسيا أو الدول التي تعزز اقتصاد السعودية». ونوه إلى أن اختبار ترامب للسعودية في أول زيارة له يؤكد أن الملك سلمان بن عبدالعزيز ذو تأثير كبير على دول المنطقة، ولاسيما دول الخليج العربي بعد ما وصفه ب«نوع من البرود في العلاقات السعودية - الأميركية بسبب سياسة أوباما مع إيران»، مشيراً إلى أن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى أميركا أسهمت في توضيح رغبة السعودية في إفشاء السلم في منطقة الشرق الأوسط والقضاء، على التدخلات الإيرانية في المنطقة ومحاربة الإرهاب، ما حفز الرئيس الأميركي للبدء بالسعودية في أول زياراته الخارجية، وقال: «الزيارة تعد إعادة للثقة بين الدولتين، وانتهاء لحال البرود في العلاقات التي تسببت بها سياسة أوباما الخارجية، وتحديداً مع إيران التي منحها الفرصة في العبث في أمن دول الشرق الأوسط». فيلد: اجتماع ولي ولي العهد وترامب كان «نقطة تحول تاريخية» جدد الباحث في معهد واشنطن ناثان فيلد، التأكيد على أن العلاقات السعودية - الأميركية تعود في مرحلة ترامب إلى «أسسها العميقة»، كاشفاً في تقرير له أن «الاجتماع الذي عقد، أخيراً، بين الرئيس ترامب، وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المكتب البيضاوي حقق نجاحاً كبيراً، وصف بأنه (نقطة تحوّل تاريخية) طبعت تغيراً مهماً في العلاقات في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية بين الرياضوواشنطن». وقال فيلد في تقرير نشره المعهد في السابع من نيسان (أبريل) الماضي: «أمضيت عامين في السعودية مستشاراً وراقبت ردود الفعل في أرجاء المملكة، وأرى أن التفاؤل في العلاقات حقيقي، ومن المنطقي تماماً أن يبدأ ترامب ولايته بحكمة من خلال إحياء علاقة ذات منفعة متبادلة مع الحكومة السعودية، بعد التدهور الذي شهدته خلال إدارة أوباما، نظراً إلى أن البلدين يتشاركان مصالح أساسية في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية». من جهته، أشار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي إلى أن «الزيارة هي إحدى نتائج زيارة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى أميركا، والذي بذل خلالها جهداً كبيراً في إعادة العلاقات بين الرياضوواشنطن إلى نصابها». وأضاف الحارثي أن «للزيارة دلالات مهمة أولها التأكيد على الدور السعودي ومحوريته إقليمياً وعالمياً، وثقل وعمق المملكة إسلامياً، وأن واشنطن تعول كثيراً على الثقل السعودي في القيام بأدوار مهمة في تثبيت الاستقرار الإقليمي والعالمي». وقال: «زيارة ترامب إلى المملكة ولقاؤه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تؤكد على أن لا علاقة للأديان بالإرهاب، وهذه نقطة مفصلية، إذ إن الرئيس الأميركي سيؤكد خلال الزيارة على دعم التحالف الإسلامي العسكري، ودعم جهود المملكة في مواجهة الإرهاب، وهناك نقاط التقاء بين الرياضوواشنطن في هذه الملفات». ولفت رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى إلى أنه من المنتظر أن يكون «ملف السلام في منطقة الشرق الأوسط من أهم الملفات المطروحة على طاولة المحادثات، إذ إن المملكة ستلعب دوراً كبيراً ومحورياً في إعادة إحياء قضية السلام، وإنهاء هذا الملف وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني، ومواجهة النفوذ الإيراني، وهذه ملفات ثلاثة ستطرح على الطاولة، إضافة إلى أن القمة المرتقبة بين خادم الحرمين الشريفين وترامب، ستتناول كذلك وبكثير من التوسع ملف (2030) الذي سيتوج باتفاقات كبرى بين الجانبين». وعما ستشهده الزيارة من لقاءات قال الحارثي: «من المتوقع أن تشهد الزيارة ثلاث قمم: الأولى بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس ترامب، والثانية بين ترامب وقادة دول مجلس التعاون، والثالثة ستكون بين الرئيس الأميركي وعدد من زعماء العالم العربي والإسلامي».