الحياة بكل حركاتها وسكناتها لا تعد سوى مسلسل قرارات، وهذا ما يدفع البعض منا بنفسه أمام أي موقف يحتاج إلى ردة فعل أو إجابة.. أن يجد نفسه أمام عملية قرار. وهذا ما دفع بالقول: إن عملية اتخاذ القرارات هي جوهر الحياة وهذه القرارات قد تكون قرارات مصيرية تؤثر في حياة الشخص، مثل قرار الالتحاق بالجامعة واختيار التخصص فهو قرار له تأثيره في حياة الشخص يستمر مدى الحياة. كذلك من القرارات المصيرية في حياة الانسان قرار الارتباط بالزوجة وتكوين الأسرة وقرار الطلاق. قرارات صعبة لها تأثيرها يتعدى الشخص الى جميع افراد الاسرة، وقد يلحق الضرر بالآخرين من أفراد الأسرة. فالقرارات تتفاوت في درجتها وخطورتها، منها ما يكون له تأثير بالغ في حياة الشخص، ومنها قرارات لا تأثير لها مثل اختيار وجبة أو الذهاب لزيارة صديق أو أحد الاقارب. نحن نرى الكثير من الناس دقيقين في تجميع المعلومات ودراسة الاحوال والمتغيرات، ولكن عندما تأتي لحظة القرار فإنهم لا يعرفون الا طريقا واحدا وهو الارتجالية في اتخاذ القرار وسرعة البديهة. والقرارات البديهية التي يتخذها الشخص قرار سريع والقضايا الطارئة، مثلا الطبيب عندما يتخذ قرارا بصرف الدواء للمريض ويتطلب ان يكون القرار سريعا، وعند اتخاذ قرار مبني على البديهة فإننا لا نلتفت لما يترتب من نتائج لهذه القرارات البديهية المبنية على علم مسبق. ويجب على كل إنسان في وقتنا الحاضر أن يعرف كيف يتخذ القرار وخطوات اتخاذ القرار، بدءا من الاطار الذي يجعلك تفضل قرارا عن قرار آخر، فقرارك يجب ان يكون متفقا مع مبادئك، فلا تغيب اهدافك وقيمك وطموحاتك وقت اتخاذ القرار، وكذلك المعلومة وهي الشيء الجديد الذي يضاف الى مخزون الانسان الفكري أو المعرفي او العلمي، ويمكننا الحصول على المعلومة من مصادر مختلفة. بعض الناس يحصل على المعلومات من الكتب وآخرون من التعليم والسماع، وآخرون من التجربة والخبرة. للمعلومات أهمية كبيرة عند اتخاذ القرار وهي مفيدة لجميع الناس على اختلاف ثقافاتهم وتخصصاتهم المعرفية.. تعتبر المعلومة هي الزاد للعالم والمتعلم وتسهل على الانسان اتخاذ القرارات، وحل المشكلات والمعلومات وسيلة للإبداع والابتكار في الحياة وتعمل على توسيع المدارك والآفاق وهي سبب لرقي المجتمعات المتقدمة. كذلك من الامور الهامة في اتخاذ القرار محاولة التفكير بهدوء وعقلانية والابتعاد عن الانفعال، ولذا ننصح بالابتعاد عن اتخاذ قرار وانت سيئ المزاج والبعد عن الاستعجال والتأني قبل اتخاذ القرار. وان نسجل الايجابيات والسلبيات المترتبة على اتخاذ القرارات وخاصة المصيرية التي يترتب عليها آثار كبيرة. ويجب على متخذ القرار ان يفهم الموضوع جيدا لان الفهم الخاطئ يعطي نتائج بقرار خاطئ، فهذا ابليس عندما امره الله بالسجود لآدم اتخذ قرارا خطيرا وسيئا وهو الرفض وعدم السجود، وذلك نتيجة الفهم الخاطئ بأنه خير من آدم حيث قال: (أنا خيرٌ منه خلقتني من نار وخلقته من طين) ولو كان لديه فهم صحيح لكان عليه إطاعة أمر الله تعالى بصرف النظر عن الحكمة التي لا يعلمها غير الله. حاول أن تفهم الموضوع قبل اتخاذ القرار. كذلك يجب على الانسان ان يستفيد من تجاربه وخبراته لمعرفة القرار الصحيح من القرار الخاطئ، فقد يكون في ماضيك قرارات كثيرة خاطئة تجعلك محطما او تمنعك من اتخاذ قرار جديد فالماضي قد ذهب ودع تفكيرك ونظرك للمستقبل. من المفيد استشارة الآخرين من أهل الخبرة والعلم، فذلك يزيد الانسان بصيرة وقدرة على اكتشاف الايجابيات والسلبيات، والبعض منا يظن أنه يملك الخبرة والمعلومة الكافية في اتخاذ القرارات، وعند التشاور مع الآخرين نجد أننا نفتقد الكثير من المعلومات والخبرات، والمشورة ليست قدحا في العقل او عجز المرء على عدم اتخاذ القرار بل من كمال العقل ان يشاور. وليس صحيحا أن تكون جميع قرارتنا صحيحة، ولكن الصحيح أن نبذل الجهد في اتخاذ القرار الصحيح، فإن وفقنا فالحمد الله تعالى، وان أخطأنا فلا بد ان نراه في حياتنا، فحياتنا ما هي الا قرارات وليست ظروفا.