قد يصر البعض على اتخاذ بعض القرارات أو تحويل بعض الأفكار إلى واقع ملموس، وذلك لامتلاكهم قناعات شخصية فيما يتعلَّق بجدوى هذه القرارات، أو بهدف إثبات كفاءتهم في اتخاذها وتنفيذها دون النظر لما قد يترتب على ذلك من نتائج سلبيَّة قد تنعكس آثارها على المحيطين بهم بشكلٍ أو بآخر. وقد يوجد من يتخذ قراراً خاطئاً ومن ثمَّ يُصرُّ على الالتزام به كنوع من الدفاع عن النفس، إلى جانب أنَّه قد يُقدم على اتخاذ قرارات خاطئة تليه بهدف دعمه، وكلَّما واجه هذا القرار مقاومة أو تأخر في التنفيذ زادت رغبة متخذ القرار بالالتزام والتمسك به، ويبقى من المهم أن يدرك كل شخص يملك القرار أنَّ الأشخاص يختلفون عن بعضهم البعض فيما يتعلَّق بمستواهم التعليمي وعاداتهم وقيمهم وخبراتهم السابقة، كما أنهم مختلفون في شخصياتهم ودوافعهم وقدراتهم، وأنَّ هذه الاختلافات تنعكس على خطوات اتخاذ القرار ومن ثمَّ على الحلول النهائية التي يتم التوصل إليها، وأنَّ تحكيم العقل قبل اتخاذ القرارات أولى من اتخاذها بفرديَّة محضة. جدوى القرار وقال «عبدالرحمن المهجري» -معلم-: إن من المفترض ألاَّ يصدر القرار عن الشخص إلاَّ حينما يكون واثقاً تمام الثقة من جدوى هذا القرار، مُضيفاً أنَّه يجب عليه أن يتحمَّل كافَّة النتائج المترتبة على اتخاذه هذا القرار، لافتاً إلى أنَّ العديد من المديرين والقياديين قد يُصرُّون على رأيهم ويتخذون قراراتهم بشكلٍ فردي دون الرجوع لأحد، مُوضحاً أنَّهم قد لا يتراجعون عن ذلك حتى لو أدركوا أنَّ في قراراتهم هذه شيئاً من الأخطاء أو أنَّه سينتج عنها أضرار للآخرين، مرجعاً ذلك لرغبتهم الأكيدة في عدم اهتزاز صورتهم أمام المحيطين بهم، متناسين أنَّ الاعتراف بالخطأ فضيلة. وأضاف أنَّ الشرع الحكيم أكَّد على أهميَّة مبدأ الشورى، وبالتالي فإنَّ من المهم أن يتم اتخاذ القرارات وفقاً لهذا المبدأ، ذاكراً أنَّ الحياة اليوميَّة زاخرة بالعديد من المواقف التي تبنى على أنقاض بعض القرارات الخاطئة التي أصَّر أصحابها على اتّخاذها دون الرجوع للآخرين، ومن ذلك قضايا الطلاق بين الزوجين في وجود أو عدم وجود أبناء، أو حينما يُصّر أحدهم على الزواج بامرأة ثانية دون مراعاة لمشاعر الزوجة الأولى، وفي عدم وجود مُبرِّرٍ أكيدٍ لهذا الزواج، إلى جانب اتّخاذ العديد من القرارات المصيرية المهمة في مجالات الدراسة أو العمل. روح المشاركة ولفت «سليمان الغالبي» -موظف- إلى وجود مدير سابق لديهم في العمل كانت كُلِّ قراراته ارتجاليَّة وتعسفيَّة بحق الموظفين، مُضيفاً أنَّه كان لا يسمح لأحد لمناقشته في قراراته التي يتخذها مهما كانت، مُوضحاً أنَّه كان يُكثر من الدفاع عن قراراته حتى لو أدَّى ذلك إلى إصدار قرارات أُخرى تغطِّي ثغرات قراره الأول وتدعمه، مُشيراً إلى أنَّ كثرة الشكاوى ضده من قِبل باقي الموظفين أدَّت إلى إقالته وإبداله بمدير آخر، لافتاً إلى أنَّه أيضاً كان على درجةٍ كبيرة من الفرديَّة والمزاجيَّة عند اتّخاذ بعض القرارات بيد أنَّه لم يكن على الدرجة نفسها من الصلف الذي كان عليه المدير الأسبق. وقال: إنَّ عدم نجاح قرارات العديد من الأفراد تعود إلى أنَّهم غالباً ما ينظرون للأمور من زاويةٍ واحدة، ولا يفكرون فيما سيحدث بعد إصدار القرار، ومن سيتضرر منه، وكم شخص سيدفع ثمن هذا القرار سواءً على صعيد الاستمرار في العمل معه من عدمه أو في التأثير على مستوى إنتاجية الأفراد العاملين معه، أو حتى بقتل روح المشاركة في بعض الإدارات. فشل القرارات وبيَّن «سلطان الشهراني» -طالب جامعي- أنَّ من صور الإصرار على القرارات ما قد يواجهه العديد من الأبناء من آبائهم حول تقرير مصير حياتهم، سواءً كان ذلك على صعيد العمليَّة التعليميَّة أو العمل أو الزواج، معتبراً أنَّ التمسك ببعض القرارات قد يكون إيجابياً وقد يكون غير ذلك، مُشيراً إلى أنَّه كلَّما كان الأب مرناً في قرارته، حفظ له ذلك قوَّة القرار وتفهم وجهة نظره من قبل أبنائه، أمَّا عندما يتم فرض هذا القرار بالقوَّة فإنَّه سينتج عنه تمرُّد الأبناء وعدم انصياعهم، وبالتالي فإنَّ الفشل سيكون هو العامل المشترك لكل القرارات التي سيتخذها الأب في المُستقبل. قرارات مصيرية وقال «محمد الراضي» -موظف-: «اتخذت العديد من القرارات على مستوى الحياة الشخصيَّة وعلى صعيد العمل، وكنت لا أتراجع عن هذه القرارات مهما كانت النتائج»، مُضيفاً أنَّه كان لايأبه كثيراً بما قد ينتج عن هذه القرارات من نتائج من الممكن أن تؤثِّر على حياة المُحيطين به، سواءً في محيطه الأسري أو في عمله، مُشيراً إلى أنَّه أخذ عهداً على نفسه بعدم الاستمرار على هذا النهج، وذلك بعد أن تعرَّض لمشكلةٍ نتجت عن اتخاذه لأحد القرارات المصيريَّة على صعيد حياته الشخصيَّة، مُعترفاً أنَّه لم يكن من السهل مواجهة نفسه بهذا الأمر، إذ إنَّ ذلك احتاج منه أسابيع لكي يعيد ترتيب أولوياته، وأن يعمل من جديد على استعادة الثقة بمن حوله فيما يتعلَّق بقراراته، مُشيراً إلى أنَّ العديد من المحيطين به والمقربين منه كانوا يصفون قراراته أنَّها تعسفيَّة، وأنَّه ذا شخصيَّة ديكتاتوريَّة. فكر منطقي وأكَّد «د.خالد جلبان» -رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الملك خالد بأبها- على أنَّه من غير الممكن اعتماد خط فكري ثابت لا تطرأ عليه تغييرات ضمنية متلاحقة ومتناقضة أحياناً، مُضيفاً أنَّ الإنسان يتمتع فطريّاً بثنائية فكرية تعمل بشكلٍ متوازٍ لتخفيف وقع العديد من القرارات المتسرّعة التي عادةً ما يعقبها الشعور بالندم، مُوضحاً أنَّه من هنا تكون أهمية التحلي بالفكر المنطقي التحليلي الذي يتصدى للتسرّع الهوسي، مُشيراً إلى أنَّه لبلوغ هذه المرحلة فإنَّه لا بُدَّ من اعتماد أساليب تدريبية صارمة تخضع الفرد تدريجياً لحكم المنطق السليم، وتخلصه من صراع ازدواجية الرأي، وما يعقبه من شعور بالندم والنقص والإحباط، لافتاً إلى أنَّ البعض قد يقول «لن أتراجع عن قراري ولا بأيّ ثمن» اعتقاداً منه أنَّه إذا تراجع عن قراره مرة، فإنَّه لن يكون لقراراته أيَّ قيمة لدى الآخرين في المستقبل. وأضاف أنَّه قد يوجد من يتخذ قراراً خاطئاً ومن ثمَّ يُصرُّ على الالتزام به كنوع من الدفاع عن النفس، مُشيراً إلى أنَّه قد يتم اتخاذ قرارات خاطئة تليه بهدف دعمه، مُوضحاً أنَّه كلَّما واجه هذا القرار مقاومة أو تأخر في التنفيذ زادت رغبة متخذ القرار بالالتزام والتمسك به، لافتاً إلى أنَّه من الضروري أن يعرف كل شخص يملك القرار أنَّ الأشخاص يختلفون عن بعضهم البعض فيما يتعلَّق بمستواهم التعليمي وعاداتهم وقيمهم وخبراتهم السابقة، كما أنهم مختلفون في شخصياتهم ودوافعهم وقدراتهم، وأنَّ هذه الاختلافات تنعكس على خطوات اتخاذ القرار ومن ثمَّ على الحلول النهائية التي يتم التوصل إليها، مُبيِّناً أنَّ المشكلة لابُدَّ أن يتم إدراكها بشكل مختلف حسب قدرتنا على التمييز بينها وبين المشكلات الأخرى، وأنَّ ذلك يعتمد على حجمها ودرجة تعقيدها وارتباطها بالمشكلات الأخرى، مُؤكِّداً على أنَّ تحكيم العقل قبل اتخاذ القرارات أولى من اتخاذها بفرديَّة محضة. وأشار إلى أنَّ إدراك الفرد للمشكلة وتشخيصها ومعايير حلَّها يتوقف على خبراته السابقة ومهاراته، مُشيراً إلى أنَّ من يتمسك بقراره غالباً ما يكون مِمَّن يُعانون من عظمة الأنا بداخله، كما أنَّه لايجد الثقة بداخله إلاَّ عن طريق فرض قراراته بالقوة على من حوله، لافتاً إلى أنَّ هؤلاء غالباً ما يكونون بحاجةٍ إلى علاج نفسي تأهيلي للتصالح مع الذات أولاً، ومن ثمَّ التصالح مع الآخرين، إلى جانب النظر إلى الأمور من زوايا عديدة وليس من زاوية واحدة؛ لكي ينجحوا في اتّخاذ القرار المناسب.