كتبت سابقاً عن ضرورة تفعيل «التربية الوجدانية» في مناهجنا التعليمية، واليوم أعود وأكرر الطلب خاصة وأنها موجودة بالفعل في المقررات الدراسية التي تمتلئ بكل المفردات التي تنمي الوجدان والانتماء والمواطنة، لكن للأسف عند التطبيق على أرض الواقع نجد أن تلك المنظومة الوجدانية تُهمل، والاهتمام كله يُوجه لحفظ المواد، وشرح الدروس بشكل نمطي في بعض المدارس. والكثير منا يهتم ويراهن على الدرجات العالية والتحصيل المرتفع، سواء أكانت المدرسة أو البيت. هذا البعد الغائب وغير المفعل، يعتبر منهجًا في علوم الذات، ويتضمن التنمية الاجتماعية ومهارات الحياة، ينمي الذكاء الشخصي الذي يشكل الشخصية الإنسانية المتكاملة للفرد. ضرورة تفعيل التربية الوجدانية لم يأت من فراغ، وإنما من خلال أبحاث ودراسات شملت عشرات الآلاف من الأشخاص في الولاياتالمتحدة في التسعينيات، كلها أثبتت أن نجاح الإنسان وسعادته في الحياة لا يتوقفان فقط على شهاداته وتحصيله العلمي، وإنما يحتاجان لنوع آخر من الذكاء وهو الذكاء الوجداني المكتسب بالتعلم وبالتربية الوجدانية التي تجمع بين الجانب العقلي والانفعالي وفي نهاية المطاف تولد علاقة إيجابية مع الآخرين.عندما يُكتسب هذا الذكاء ويُنمى يصبح نضجًا وجدانيًا يجعل التفكير أكثر فعالية في الحالات الانفعالية فينظمها، وأيضا يكون أكثر قدرة على التكيف في المواقف الاجتماعية، وفي التعبير عن المشاعر، وتحقيق الحب، واحترام الآخر، ومواجهة الصعوبات بثقة مع استقلالية في الرأي وتحكم في الانفعالات. دراسات علمية كثيرة في هذا المجال أُجريت، وجهود خبراء أتمنى أن نستفيد منها حتى في المؤسسات العامة والخاصة، فقد أثبت المختصون نجاح الذكاء الوجداني في العمل وأنه جزء مهم من فلسفة أي مؤسسة ناجحة في اختيار وتدريب أفرادها. يؤمل مع الشكر جعل هذا البعد حاضرًا ومفعلًا خاصة في رياض الأطفال؛ لأنها فترة بناء وتأسيس، ولا ننسى تطبيق كل محاور التربية الوجدانية، وأهمها الأسرة، المحضن الأساس الذي يبدأ فيه تشكل الفرد، وبالطبع، المدرسة تأتى في المرتبة الثانية من حيث الأهمية كمؤسسة اجتماعية، لها أثرها الفعال في مختلف جوانب الطفل النفسية، الاجتماعية، والأخلاقية، والسلوكية، خاصة وان الصغير مطبوع على التقليد والتطبع بالقيم التي تسود مجتمعه الذي يعيشه في المدرسة.نحتاج لكل أنواع العلاقات الإنسانية؛ لتوسيع الدائرة الاجتماعية بشكل منظم، ونحتاج للمزيد من غرس العقيدة الإسلامية الصحيحة والقيم والمبادئ.