تعد تغيرات العصر المتلاحقة ثورة , ودعوة فى الوقت نفسه للبحث عن الذات فى وعيها وسط هذا الزحام الهائل من الضغوط الحياة المادية , والتى كان لها دورها فى الضعف الوعى الذاتى أو البصيرة النفسية , وانتشار التطرف الوجدانى , والأمية الوجدانية , وضعف المهارات الأساسية للتعامل مع مجريات الحياة وارتفاع معدلات الجريمة فى شتى صورها , لدى كل الفئات العمرية , ولذا فنحن فى أمس الحاجة إلى التعليم الوجدانى منذ المراحل الأولى للنمو , لآن الإهمال فى هذا النوع من التعليم قد يكون أكثر تدمير للعلاقات الذاتية والبين شخصية , وما يترتب عليها من خلق جيل يعانى من القلق والتشتت , واللامبالاة , والعدوانية , والانسحاب من المواقف الحياتية , هذا كله يمثل فاقداً فى الكادر البشرى بوصفه ثروة الأمم , ومصدر قوتها , وتقديمها . وقد ظهر مفهوم الذكاء الوجدانى كمدخل تفاعلى لتطوير العصر وسيطرة الجانب المادى على الجوانب الأخرى. مفهوم الذكاء الوجدانى : يعتبر مفهوم الذكاء الوجدانى من المفاهيم الحديثة نسبياً فى التراث السيكولوجى , إلا أنه هو القدرة على تقديم نواتج إيجابية فى العلاقة الفرد بنفسه وبالآخرين , وذلك من خلال التعرف على أنفعالات الفرد وانفعالات الآخرين , والنواتج الإجابية تشمل النجاح فى الدراسة والعمل والحياة . أبعاد الذكاء الوجدانى : هناك خمسة أبعاد للذكاء الوجدانى يمكن عرضها فيما يلى : o البعد الأول : الوعى بالذات : وهو قدرة الفرد على إدراك حالته النفسية وتفكيره عن الحالة المزاجية الراهنة . o البعد الثانى : التحكم فى الانفعالات : وهو قدرة الفرد على ضبط انفعلاته المزعجة بصورة مستمرة o البعد الثالث : الدافعية الذاتية : وهو تحفيز الفرد لذاته . o البعد الرابع : التفهم ( التعاطف العقلى ) : وهو استحضار مشاعر الآخر نفسها إلى داخل المتعاطف ذاته . o البعد الخامس : المهارات الاجتماعية ( التواصل مع الآخرين ) : وهى الكيفية التى يعبر بها الفرد عن مشاعره , ومدى نجاحه أو فشله فى التعبير عن هذه المشاعر . قياس الذكاء الوجدانى : ظهر فى الآونة الأخيرة عدد من أدوات قياس الذكاء الوجدانى منها : أدواة مكونة من عدة تساؤلات هى : ( هل يمكنك التحكم فى انفعالاتك ؟ هل يمكنك تهدئة نفسك ؟ هل يمكنك قراءة مشاعر الآخرين ؟ هل يمكنك تأجيل الإشباع , أو الإرضاء ؟ ) وإن الإجابة على هذه التساؤلات تعطى نظرة متعمقة عن نسبة الذكاء الوجدانى , وتستند هذه الأداة على فكرة أن المعرفة الوجدانية جديرة بالدراسة والتعلم لضرورتها من أجل النجاح فى الحياة . الذكاء الوجدانى وعلاقته بالتعلم المدرسى والموهبة والتفوق وصعوبة التعلم : يعد التعلم الوجدانى منهجاً فى علوم الذات والذى يتضمن : التنمية الاجتماعية , مهارات الحياة والتعلم الجتماعى والانفعالى والذكاء الشخصى , وبمقضاه تحول مصطلح التعلم الوجدانى إلى تعلم السلوك الوجدانى ذاته , ومن أمثلته : الوعى بالذات , التفهم , المشاعر نحو الآخرين , معالجة الانفعالات , المهارات الاجتماعية , والكفاءة الوجدانية , وهناك بعض المتعلمين يتدنى مستوى تحصيلهم بالرغم من قدرتهم العالية على الآداء , بسبب الشك فى القدرة والخوف من الفشل والإحساس بضعف القدرة , مما يجعلهم يقللون من الجهد المبذول وبالتالى يؤدى إلى حدوث صعوبات فى التعلم لديهم . ولقد أرجع عدد من رجال التعلم أسباب بعض الانحرافات إلى صعوبات التعلم , وبعض مظاهر الانحراف الوجدانى .. من أمثلته : الانسحاب , الشعور بالقلق والاكتئاب , صعوبات الانتباه والتفكير , الجنوح , العدوانية , إلى الضعف فى المهارات والكفاءات الوجدانية , أو الأمية الوجدانية . وحديثاً تزايد الاهتمام بفئة من الأفراد ذوى صعوبات التعلم يظهرون تفوقاً ملحوظاً وموهبة واضحة وبارذة فى مجال واحد أو أكثر من المجالات المتعددة الموهبة , بالرغم من وجود صعوبات تعلم أكاديمية فى التحصيل الدراسى , وهذا يعد من الأمور المتناقصة نظرياً والتى قد لا يعتقد فيها أو يصدقها الكثيرون أن نجد أفراداً متفوقين ولكن يعانون فى الوقت ذاته من إحدى صعوبات التعلم . وينشأ عن عدم تحديد هذه الفئة المتفوقين عقلياً ذوو صعوبات التعلم والتى تتمتع بإمكانات وقدرات عقلية مرتفعة مقترنة بصعوبات تعلم نوعية أكاديمية صعوبة التدخل والوصول إلى استراتيجيات فعالة فى التشخيص والعلاج . وتشير نسب انتشار هذه الفئة بين مجتمع الطلاب إلى معدلات مرتفعة , تمثل نسبا خطيرة تفوق التوقع , وتتعدى نسب الفئات الخاصة الأخرى , مما يدعو للاهتمام بها على المستويين البحثى والتطبيقى . وتأتى أهمية الذكاء الوجدانى فى الحياة التعلمية والدراسية من كونه له دور مهم وفعال فى تيسير ديناميات توليد الأفكار , والموهبة , والتفوق , والإبداع , والتكيف , والتعلم الجيدين داخل المنظمات التربوية . الخصائص السلوكية المميزة للمتفوقين عقلياً ذوى صعوبات التعلم : يتميز المتفوقين عقلياً من ذوى صعوبات التعلم بعدد من الخصائص السلوكية المميزة هى : الإتفاق فرط الحساسية , نقص المهارات الاجتماعية , العزلة الاجتماعية , تقدير ذات منخفض , نشاط حركى زائد , تشتت الانتباه , إحباط متطلبات الفصل الدراسى , فشل من إكمال أو إتمام المهام أو الواجبات المدرسية , النقد المفرط أو الآخرين , رفض أو تمرد ضد التدريب أو التكرار , الاستخفاف بالواجب أو العمل الذى يجب أن يفعلوه . تنمية الذكاء الوجدانى للمتفوقين عقلياً ذوى صعوبات التعلم : هناك عدة عوامل تؤدى لتنمية الذكاء الوجدانى داخل المنظمات التربوية منها : ( أ ) إلقاء الضوء على الأسس الإرشادية لتقديم التعلم الاجتماعى والوجدانى داخل المنظمة . ( ب) إلقاء الضوء على الاستعدادات للتغير , وتحقيق ما تحتاج إليه المنظمات من حيث ( الأهداف التوجيه الذاتى التوقعات الإجابية ) . ( ج) مرحلة التغير ذاتها , والتى يتم فيها التدريب الفعلى من حيث ( تدعيم العلاقات الإجابية بين المعلم والمتعلم التشجيع على التعلم الذاتى تقديم التغذية الراجعة وممارستها ) . ( د ) تقديم أمثلة للطرق التى تمكن أعضاء المنظمة من مساندة التغير الوجدانى , والإبقاء عليه وتقيمه . ماجستير علم النفس المصدر : أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة.