تعلق الكثير من الشركات العائلية وخاصة تلك التي تعمل في مجال التجارة والتصدير والمقاولات وتقديم الخدمات العالمية على عملها في الأسواق الخارجية لخلق المزيد من فرص الأعمال أمامها. ويرى بعض الخبراء أن هذا العصر هو عصر التحول العالمي، وقد أصبح التغيير ممكناً بفضل الابتكار اللوجستي، حيث تستطيع اليوم أصغر الشركات أن تنافس الشركات الكبرى وأحياناً تمتلك ميزات كونها أكثر خفة وسرعة في اقتناص الفرص. وتمثل الأعمال في الأسواق الخارجية سواء من خلال التجارة أو المقاولات أو الخدمات في معظم بلدان العالم حصة كبيرة من إجمالي الناتج المحلي، وهذا الخيار يستحق النظر فيه عند التفكير في تنمية الشركة العائلية؛ كونه مجالا متسارعا أتى نتيجة زيادة التطور في قطاعات الصناعة والنقل وأدوات التواصل. وهنا يمكن للشركات العائلية الاقتداء بخطوات الشركات الكبرى التي تبحث سلفا عن فرص للنمو أبعد كثيرا من حدود بلدها. وفي حالات كثيرة فإن الأرباح الآتية من الخارج قد بدأت تتجاوز الأرباح المحلية لهذه الشركات. لذلك يمكن القول إن فرص الأعمال في الأسواق الخارجية باتت تتزايد أهميتها بشكل كبير بالنسبة إلى العديد من الأعمال النامية، وهي جذابة لكل من الشركات التي تقدم منتجاتها أو خدماتها إلى شركات أخرى أو إلى عملاء. وتتنوع الفرص التي توفرها الأسواق الخارجية. فعلى سبيل المثال قد ترغب بعض الشركات العائلية في تنويع مصادر وارداتها لتستورد سلعا منافسة لما هو موجود في السوق أو قد ترغب الشركة العائلية كمصدر بأن تضع لنفسها موطئ قدم في أسواق في اقتصاديات نامية في الخارج. كما يمكن إذا كانت الشركة العائلية تقدّم عملية تصنيع إلى شركة أخرى أن تستفيد من المؤتمرات عبر الإنترنت ومهارات تكنولوجيا المعلومات لتوسيع مصادر التوريد وقاعدة العملاء كذلك. أو تبحث الشركة عن تحالفات وشركاء في الخارج أو حتى التملك أو الاندماج مع شركات أخرى. كما تبرز في الوقت الحاضر تجارة حق الامتياز «الفرنشايز» التي توسعت عالمياً منذ عقود، فهي نظراً لإشباعها لأسواقها المحلية، باتت تعتمد أكثر على التوسع العالمي. ويتجنب الكثير من تجار حق الامتياز التعامل مع مشتري امتيازات مفردة بل اعتمدوا توقيع اتفاقيات ترخيص لمناطق كاملة أو حتى لبلدان كاملة. لكن من المهم جدا إتباع الذوق والتفضيلات الأخرى لدى الشعوب في السعي للحصول على حق الامتياز من قبل الشركات العائلية في منطقتنا. وأهم المزايا التي تحقق التوسع في الأعمال في الخارج هي تعزيز الإمكانات التنافسية للشركات العائلية وزيادة المبيعات والأرباح والسيطرة على حصة في السوق العالمي وتقليل الاعتماد على الأسواق الحالية والاستفادة من تكنولوجيا التجارة العالمية، كذلك توسيع فرصة المبيعات للمنتجات الحالية وتعزيز القدرة على مواجهة التقلبات الموسمية للسوق وتعزيز إمكانية توسيع الأعمال. لكن في المقابل، هناك العديد من الجوانب السلبية أو التحديات التي ترافق التوسع في فرص الأعمال في الخارج، حيث قد تضطر الشركة العائلية للانتظار؛ كي تحصل على مكاسب بعيدة الأمد، كذلك توظيف المزيد من الكوادر البشرية وإدخال تعديلات على المنتج ليتلاءم مع اشتراطات المقاييس العالمية إلى جانب زيادة التكاليف الإدارية والتعامل مع تراخيص وتشريعات مختلفة. وفي كل الأحوال، على الشركات العائلية التي تسعى للتوسع في فرص الأعمال في الخارج أن تسعى للحصول على استشارة ووضع خطة رئيسية للتسويق العالمي قبل البدء بالعمل في الخارج. ويمكنها هنا أن تستفيد من الموارد الحكومية لتحصل على مشورة حول العمل في الخارج أو توظف محاميا لمساعدتها في هيكلة عمليات التصدير على المدى الطويل، حيث يهتم المحامون في هذه الأحوال بشؤون إتباع تعليمات وتشريعات طرفي الصفقة، ولذا لا غنى للشركة العائلية عنهم كي تتأكد أن نظامها لحفظ السجلات مخطط بشكل صحيح وأن أوراقها القانونية منظمة جيداً، كما يقدّم المحامي لها النصح حول مجموعة كبيرة من مسائل إتباع المتطلبات قبل إجراء عملية البيع وخلالها وبعدها. كما أن الشركات العائلية ولكي تنجح في فرص الأعمال في الخارج يجب أن تمتلك قسما تخصص له موظفين وميزانية وتضع له إجراءات مناسبة، ومن الأفضل أن يتم ذلك وفق دراسة استشارية رصينة ومعمقة. وبالنسبة للشركات التي تنوي التوسع عبر التصدير فإنها سوف تحتاج في الغالب إلى وكيل أو موزع في مرحلة ما. ويمكن التمييز قانونياً بين الوكيل والموزع، حيث إن الموزع يحمل العلامة التجارية للبائع ويقبل المخاطرة بالخسائر ويحقق الموزع أرباحه عبر إعادة بيع البضائع. كما لا يستطيع الموزعون إلزام الشركة المنتجة للبضائع بأي عقود. بعكس الوكيل الذي يمتلك اسما تجاريا خاصا به لكن يتولى الترويج والتسويق لأكثر من علامة تجارية وفق عقود خاصة. وعند النظر في فرص الأعمال في الخارج يجب الانتباه إلى موضوع حقوق الملكية الفكرية الذي يشير إلى النظام القانوني الذي يحمي براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق النشر وأسرار المهنة، ومن المهم جداً للشركات العائلية المصدرة أن تفهم آلية حماية حقوق الملكية الفكرية وما إذا كانت سارية في بلدان أخرى. وجانب آخر مهم للشركات العائلية التي تتعامل مع أسواق خارجية هي المعارض والمهمات التجارية في الخارج وهي قد تكون إما بشكل افتراضي أو أن تنطوي على السفر إلى البلد الأجنبي وذلك لكسب أكبر عدد ممكن من الشركاء والعملاء والإطلاع على أحدث المستجدات.