أجمعت كل الديانات على كرامة الإنسان وشرعت لها الأسس التي لا تقبل التشكيك وحضت على منهجية إعمار الأرض بالسلالة البشرية وسنت الأنظمة الوضعية مبادئ آدمية الفرد الذي يجب صون حقوقه وعدم استعباده. وأنشأت له منظمات ترعى شؤونه ليعيش حياة كريمة دون إذلال أو تعسف ليمارس ما جبلت عليه النفس من عمل وإبداع ليتوارث الأرض وحصادها. ولكن عندما يتوقع البشر أن في مقدورهم إيقاف ساعة الزمن، ويديرونها بيد مغسولة بالدماء، ويوجهون بوصلتهم لبحور السياسة وهمهم الابتزاز الاقتصادي وهو البحث عن مبررات تتيح لهم فرصة الابتزازالمادي والمساومة على منظومة القيم ويحتقرون أنظمة المجتمعات ويهدرون كرامة الإنسان تحت ظل الوهم الذي صنعوه في مخيلتهم بأنظمة وقوانين يفصلونها على هواهم؛ للاستهتار بالمنظومة الدولية، وبإلغاء الحصانة التي تحمي حقوق الجميع، وكما أطلقوا عليه (قانون جاستا) الخارج عن المألوف حسب التشريعات وىجعلونه سيفا مسلطا على الحكومات والشعوب؛ لاستعبادهم وإذلالهم تحت مسميات الحرية والديمقراطية لرفاه الشعوب المتحضرة، وتناسوا أنهم أبطلوا كل التشريعات عند الدول لتطاولهم على الأنظمة المتفق عليها دوليا، وانتهاك سيادتها، وتناسوا أنهم داسوا كرامة الإنسان شنوا الحروب وغضوا الطرف عن المجازر المرتكبة بأسلحة دمار الكيماويات وبراميل بشار عميلهم في سوريا والعدوان الروسي والايراني والتعاون اللا أخلاقي والاستهتار بقيمة البشر. كل ذلك يذكرنا بدناءة تصرفاتهم السابقة التي سجلها التاريخ عندما استباحوا كرامة الإنسان ووضعوا تسعيرة يقيمون بها الأجناس حسب ولاءاتهم السياسية. فصدام حسين وصل سعره في البورصة الأمريكية 25 مليون دولار أما ابنه عدي فآخر ما توصلت إليه التسعيرة كانت 10 ملايين دولار وكذلك أخوه قصي. أما ضحايا طائرة لوكربي فانتهت بالمساومة إلى 10 ملايين دولار لكل شخص من ذوي الدم الأزرق. أما البورصة الفرنسية فقيمت الفرد لديها من ضحايا الطيران أيضا فقط بمبلغ 150 ألف دولار مما أثار احتجاجهم على هذه الفروق السعرية وطالبوا بتعديل التسعيرة لتتناسب مع التسعيرة الأمريكية. ولكن في أفغانستان قتل المحتفلون في ليلة عرس بحجة البحث عن مطلوبين ونتج بسبب خطأ كما يدعون ويجب دفع قيمته بما لا يتجاوز عن 300 دولار كقيمة للفرد هناك، فهل هناك بجاحة أكثر من ذلك!. أما في العراق يا بلاش 10 آلاف نسمة سفكت دماؤهم بحجة الخطأ أيضا وفي عمليات متفرقة ولكن بورصة تقييم البشر أبت أن تصل بالإنسانية إلى هذا الحضيض فأوجبت التعويض الذي قدر قيمة كل شخص ب 150 دولارا قيمة خروف! وبإجمالي قدره مليون ونصف مليون دولار، ألم أقل لكم تسعيرة بشر في سوق النخاسة. إنها لمهزلة التاريخ الذي سيفتح لها صفحات لن تنسى وسيدرسها أجيال الغد ويصنفها بكوارث الزمن كما نقرأ اليوم عن هولاكو وجنكيز خان وتيمور لنك وموسوليني وهتلر وبوكاسا ومنجستو ماريام وشاسيسكو وبينوشيه وماركوس وهيلا سلاسي. فيقرأ أحفادنا عن طغاة هذا الزمن يسجلهم في صفحاته السوداء ليتذكرهم أحفادهم بأنهم كانوا أعداء البشرية خلفوا وراءهم دمار الكون ففي تربتها يورانيوم مخصب يقتل الزرع والضرع وفي مياهها كيماويات لن تخلف إلا الطحالب وفي سماواتها مركبات ليزرية تحرق الأخضر واليابس. ولم تسلم الكواكب من غزوهم لها للسيطرة والتفرد وتعطش للدماء وجوع للحوم البشر. تحضيرات في هوليود وتطبيقات في أفغانستان وكوسوفو وبغداد؛ عالم الخيال أصبح حقيقة. فهل من عاقل يتبصر وتصحو أمتنا من غفلتها قبل أن يجرفها الطوفان الأتي من الشمال برياح عاصفة لا تبقي ولا تذر. نسأل الله الحماية.