اجمعت كل الديانات على كرامة الانسان وشرعت لها الاسس التي لا تقبل التشكيك وحضت على منهجية اعمار الارض بالسلالة البشرية وسنت الانظمة الوضعية مبادىء آدمية الفرد الذي يجب صون حقوقه وعدم استعباده. وانشأت له منظمات ترعى شؤونه ليعيش حياة كريمة دون إذلال او تعسف ليمارس ما جبلت عليها النفس من عمل وابداع ليتوارث الارض وحصادها. ولكن عندما يتوهم البشر ان في مقدورهم ايقاف ساعة الزمن ويديرونها بيد مغسولة بالدماء ويوجهون بوصلتها لبحور السياسة وهمهم الابتزاز الاقتصادي يستذلون الخلق ويهدرون الكرامة تحت ظل الوهم الذي صنعوه في مخيلتهم وهو البحث عن اسلحة الدمار الشامل او التفتيش عن الاسلحة النووية وجعلوه سيفا مسلطا على رقاب البشر لاستعبادهم واذلالهم تحت مسميات الحرية والديموقراطية ورفاه الشعوب المتحضرة وتناسوا انهم داسوا كرامة الانسان عندما وضعوا تسعيرة يقيمون بها الاجناس حسب ولاءاتهم السياسية. فصدام حسين وصل سعره في البورصة الامريكية 25 مليون دولار اما ابنه عدي فآخر ما توصلت اليه التسعيرة كانت 10 ملايين دولار وكذلك اخيه قصي. اما ضحايا طائرة لوكربي فانتهت بالمساومة الى 10 ملايين دولار لكل شخص من ذوي الدم الازرق، أما البورصة الفرنسية فقيمت الفرد لديها من ضحايا الطيران ايضا فقط بمبلغ 150 الف دولار مما اثار احتجاجهم على هذه الفروق السعرية وطالبوا بتعديل التسعيرة لتتناسب مع التسعيرة الامريكية. ولكن في افغانستان قتل المحتفلين في ليلة عرس بحجة البحث عن مطلوبين ونتج بسبب خطأ كما يدعون ويجب دفع قيمته بما لا يتجاوز عن 200 دولار كقيمة للفرد هناك فهل هناك بجاحة اكثر من ذلك. اما في العراق يا بلاش 10 الاف نسمة سفحت دماؤهم بعذر الخطأ ايضا وفي عمليات متفرقة ولكن بورصة تقييم البشر ابت ان تصل بالانسانية الى هذا الحضيض فاوجبت التعويض الذي قدر قيمة كل شخص ب 150 دولارا (قيمة شاة) وباجمالي قدره (مليون ونصف) دولار الم اقل لكم تسعيرة بشر في سوق النخاسة. انها لمهزلة التاريخ التي سيفتح لها صفحات لن تنسى وسيدرسها اجيال الغد ويصنفها بكوارث الزمن كما نقرأ اليوم عن هولاكو وجنكيز خان وتيمور لنك وموسوليني وهتلر وبوكاسا ومنجستو ماريام وشاسيسكو وبينوشيه وماركوس وهيلا سلاسي فسيقرأ احفادنا عن طغاة هذا الزمن يسجلهم في صفحاته السوداء ليتذكرهم احفادهم بانهم كانوا اعداء البشرية خلفوا وراءهم دمار الكون ففي تربتها يورانيوم مخصب يقتل الزرع والضرع وفي مياهها كيماويات لن تخلف الا الطحالب وفي سمائها مركبات ليزريةتحرق الاخضر واليابس ولم تسلم الكواكب من غزوهم لها للسيطرة والتفرد وتعطش للدماء وجوع للحلوم البشر. تحضيرات في هوليود وتطبيقات في افغانستان وكوسوفو وبغداد، عالم الخيال اصبح حقيقة. فهل من عاقل يتبصر وتصحو امتنا من غفلتها قبل ان يجرفها الطوفان الاتي من الشمال برياح عاصفة لا تبقى ولا تذر. نسأل الله الحماية.