عندما تصافح موسوليني مع هتلر لم تكن مصافحة شوق او مودة وانما كانت التقاء مصالح سلطوية يسعى كل منهما لاثبات الذات حافرين القبور لكل المبادئ التي تعترض هذا الطموح ولا مانع لديهما من تفصيل المبادئ والقيم بمقاسات يحددانها ما دامت المقصات في حوزتهما ويفنى الكون وابقى انا مع المبادئ والقيم التي ارسمها وستظهر جيلا يحفظها. متناسين ان ذلك الجيل المنتظر يحتاج الى ام ترضعه ووطن يضمه ومبادئ تحميه من هذه الاشكال الرعناء التي تتخبط في رسم المبادئ وتحدد القيم وكأننا في صالة للفنون التشكيلية امام لوحة سريالية كل رسام يضيف على اللوحة من منظوره لونا ويعتقد انه ابدع واعطى عمقا. فكثر التنظير فالاشتراكيون امموا ونهبوا باسم العدالة الاجتماعية والشيوعيون صادروا الحريات باسم المساواة وازالة الفروق والقوميون فتنوا الشعوب باسم الوطن الاكبر والعلمانيون اشبعونا بالتنظير دون نتيجة. فهتلر عرفناه بالنازية وموسوليني بالفاشستية وجور باتشوف بالبريسترويكا والسونيستا وتعددت علينا الالوان حتى لم نستطع معرفة الخطوط الرئيسية لهذه المبادئ والقيم فكل حسب منظوره يعطي لها مسميات وبات الانسان مجرد عامل توازن مسلوب من كل ابجديات الحياة والعيش الكريم تمارس عليه تلك الايدلوجيات سيطرتها بما تفرزه من تفاعلات وعندما طالب سكان موسكو بتطبيق هذه الايدلوجية صبغت الساحة الحمراء بالدماء ولم تعجزهم صيغ التضليل فسرعان ما البسوها ثوب المحافظة على الكيان والتوازن بين الرغبة والطموح واصبحت الدولة دويلات. وها نحن بعد نصف قرن تظهر لنا مصافحة جديدة بين بلير وبوش يدخلاننا في معركة بايدولوجيات متصارعة باسم الحرية والديموقراطية وبدون تحديد الاولويات، ولا يأخذان في الاعتبار تلك البراكين الساخنة التي تموج تحت اقدامهما وحممها تتطاير وشظاياها تصيب تلك التوازنات التي اوجداها بفلسفاتهما الموضوعة لرسم خريطة العالم وتحديد المصالح حسب مناظيرهما الضيقة. فهل بقي من تنظير ابشع لهذه الايدلوجيات التي تناست عوامل الربط الانساني ام ان هذه هي الديموقراطية والحرية المنشودة للقرن الواحد والعشرين؟ فاطلبوا العفو والسماح وارجعوا الى عدالة السماء فهي الاحق بالاتباع.. @ بقلم محمد عبدالرحمن المعيبد