في بلدان عديدة، الحكومات تتغيّر كل يوم وكل شهر وكل عام ولكن الحال يبقى كما هو كل يوم، ولا جديد!! والحكمة ليست في تغيير الوجوه بقدر ما هي في تغيير العقول القادرة على الانجاز وتخطي الصعاب وتحويل اللا ممكن الى ممكن والمستحيل الى لا مستحيل وبعزم الرجال إصرارهم على النجاح يصبح الصعب سهلًا. ولست مع أولئك الذين يرون ان الزمن قد تغيّر ويبنغي ان يتغيّر معه الوزراء كما حدث في بعض بلدان الربيع العربي.. والتي لم تستطع بعد ثوراتها ان تحقق الاستقرار والامن على ارضها.. وتفاقمت مشاكلها وانهار اقتصادها وتفشت الفوضى في كل مدنها.. وجاءت هذه الثورات بالوبال والشقاق والفتنة والخراب على اهلها. ومنذ زمن ليس ببعيد، نصف قرن او اقل قليلًا لا اكثر قال امبراطور حكيم يدعى هيلا سلاسي لأحد وزرائه والمقربين منه عندما طالبه بتغيير الحكومة والوزراء لتفشي الفساد قال له: ليس بوسعي ان استبدل الوزراء الحرامية الحاليين بلصوص جُدد.. فهؤلاء القدماء قد نهبوا وسرقوا بما يكفي.. وسوف يتجهون الى العمل اذا ما تمّ إصلاحهم. أما من سيأتي من الوزراء الجدد فهم جاهزون ليسرقوا اكثر ولن يستفيقوا من فسادهم إلا بعد ان تمتلئ جيوبهم وخزائنهم.. وربما في ذلك حكمة!! ولم يطل الزمن بحكيم الحبشة فقد ثار عليه الشعب الاثيوبي ودفنه قائدهم «منجستو» في مرحاض قصره وأخفيت جثته الى الابد.. ومثلما فعل منجستو وثواره بهيلا سلاسي.. فعل به ايضا الثوار مرة اخرى.. وهرب متخفيًا قبل ان يقتل.. وهكذا هي الكثير من الثورات في امريكا اللاتينية وفي بعض بلدان الوطن العربي والكثير من الدول الافريقية. ان هذه الثورات تأكل بعضها.. وهذا ما نراه ونلمسه اليوم كما عرفناه بالامس. فمن كانوا يرون انهم طغاة وجلادون ولصوص.. وثاروا عليهم، لم يكن حال من جاء بعدهم بأحسن منهم بل ازداد الفقر والفوضى.. والقتل وانعدام الامن والامان. لقد كانت هذه البلدان المغلوبة على امرها تنعم بالاستقرار والامن.. في ظل الحكم السابق.. فهل استطاع الحكام الجدد الذين تناز عتهم الرغبة في التسلط وقوى الشر ان تصنع الامان والاستقرار والرخاء لشعوبها.. تأملوا حالهم اليوم بعد ثوراتهم وهذا يكفي.. ولا أزيد..