لم تكن رحلة تصدير النفط من أراضي المملكة العربية السعودية سهلة أبدا، فقبل تصدير أول برميل نفط من أراضي السعودية مرت المملكة بخيبات أمل كبيرة، تقول بعض المصادر إن جلالة الملك عبد العزيز «طيب الله ثراه» قد طلب سلفة بمبلغ نصف مليون جنيه استرليني من الحكومة البريطانية لدعم جهود التنمية ومحاولة استكشاف الثروات المعدنية في البلاد. حيث لم يكن لدى الحكومة السعودية في ذلك الوقت مصدر دخل يعتمد عليه للنهوض بهذه المملكة الوليدة، الا ان الحكومة البريطانية رفضت ذلك متحججة بأن مغامرة الدخول في استكشاف النفط والغاز في الأراضي السعودية تعتبر عالية المخاطر مع العلم انه في ذلك الوقت كانت الشركات الإنجليزية تعمل في منطقة الخليج العربي خصوصا في جنوبإيران، حيث بدأت شركة النفط الأنجلو-فارسية التي أصبح اسمها فيما بعد بريتش بتروليوم. بدأت هذه الشركة في انتاج النفط من جنوبايران كان ذلك في عام 1908 م وبعد هذا التاريخ كان هناك صراع بين الدول الاستعمارية بريطانيا والمانيا وفرنسا للاستئثار بمنطقة الخليج العربي التي كانت المؤشرات تدل على غنى هذه المنطقة بالذهب الأسود وبعد ايران تحول الصراع الى أرض العراق وتوحدت جهود الألمان والبريطانيين في استخراج النفط من العراق، وبعد أن سيطرت الشركات البريطانية على النفطين الإيرانيوالعراقي يبدو ان هذا جعلها غير مهتمة باستكشاف واستخراج النفط من أراضي المملكة العربية السعودية. لا شك ان هذا القرار شكل خيبة أمل لجلالة الملك عبدالعزيز فقرر استقدام شركات النفط الأمريكية، وفعلا وقع جلالة الملك في يوم 29 مايو من عام 1933م اتفاقية التنقيب عن البترول مع شركة سوكال، في بداية الأمر لم تكن النتائج مشجعة فلم تنجح الشركة في استخراج النفط على مدى خمس سنوات، إلا أنه في عام 1938م تم اكتشاف أول بئر ومع ذلك لم تكن النتائج بالشكل المطلوب الذي يضع المملكة في مصاف الدول المهمة في إنتاج البترول، واستمر ذلك حتى عام 1950م وبعد ذلك بدأ الإنتاج يتدفق بشكل كبير خصوصا بعد ان تم مد خط التابلاين الذي يربط حقول النفط في شرق المملكة العربية السعودية بالبحر الأبيض المتوسط واصبح خط نقل للبترول للدول الغربية بطريقة سهلة واقتصادية، ومع ذلك ايضا لم يكن سعر برميل النفط خالصا للمملكة العربية السعودية، فقد كانت السعودية تحصل على ما مقداره أربعة شلنات ذهب للطن الواحد (كما تقول مصادر وزارة البترول) أي ما يعادل 22 سنتا للبرميل الواحد وقد كان سعر البرميل في ذلك الوقت 2 دولار. ولكن بعد عام 1950م بدأت السعودية تطالب برفع نصيبها من سعر برميل النفط حتى نجحت في الوصول الى المناصفة مع الشركة المنتجة، وتقول المصادر ان مبدأ المناقصات مع الشركات العالمية هي بالأصل فكرة سعودية، بعد ذلك بدأت الدول الأخرى بانتهاج نفس أسلوب وطريقة المملكة بالطلب من الشركات الأجنبية المناصفة. لا شك أن إدارة مصادر الطاقة في العالم أمر غير سهل قد يكلف الدولة استقلاليتها ووحدتها، لان الطاقة هي من يحدد مصير العالم ونفوذه، فما كان لبريطانيا وأمريكا من بعدها من التربع على عرش الهيمنة الدولية إلا بفضل امدادها بمصادر الطاقة، فلهذا كان من غير المسموح تهديد منابع النفط أو محاولة معاقبة الدول الكبرى بقطع الإمدادات عنها، الا ان المملكة استطاعت في عام 1973م التهديد والتلويح بقطع هذه الإمدادات، وقد رأينا كيف أن المملكة استطاعت بحكمتها وسياستها مشاركة الدول الغربية والشركات الغربية التي تدير عملية استخراج وبيع النفط منذ الخمسينيات وبعد ذلك استطاعت أن تسيطر وتهيمن على هذه الثروة الوطنية بنسبة 100%، ان استكشاف النفط واستخراجه ومن ثم بيعه لم تكن عملية سهلة خصوصا ان هذا البترول كان في اراضي دول العالم الثالث، واعتقد أن التحدي القادم بعد أن استطعنا ان نملك وندير إنتاج وبيع البترول، التحدي الآن هو استثمار اموال النفط بالطريقة المثلى التي تعود على الاقتصاد الوطني بأفضل ما يمكن تحقيقه من فائدة.