يقول أجدادنا: «واعد من الجماميل عشرة» والمقصود هنا أنه حين السفر إلى وجهة معينة فلا بأس أن تواعد عشرة من أصحاب الجمال، كل يعتقد أنك ستكون رفيقه ومن ثم تختار أحدهم.. والمعنى الرئيس للمثل هو ضمان أن تذهب إلى وجهتك مع ضمان رفيق في الطريق.في التفكير الاستراتيجي السعودي الحديث، قادة العمل بدأوا يتنبهون لهذا الأمر بعدما كان سبيلنا واحدا تحت الظل الأمريكي ، فإن تأثر اقتصادها تراجعنا.. وحتى إن حاربت جرتنا معها كما فعلت في أفغانستان .. التحرر من التبعية الأساس الذي نريد أن نسير عليه.. تحرر يُبنى على الاحترام والمساواة والمواثيق ذات المصالح المتساوية المشتركة مع الأخرين.. فما الذي يدفعنا أن نعادي بلدا بقيمة الصين مثلا أو روسيا؟ هل لأن أمريكا تريد ذلك.. الأكيد أننا كنا ننضوي تحت ذلك.. نرى الصين كالمارد الذي يريد أن يمزق تماسكنا.. والدب الروسي خطر أحمر علينا أن نقفل كل حدودنا معه ونمنع كل ما يوصل إلى السفر إليه.. رعب أمريكي قائم امتد إلينا ليس إلا أنهم هم من يعيش الرعب ويغشاه حتى بلغ خوفهم أن دبّ الشك بالخيانة بين حكومتهم ومثقفيهم وفقا للمكارثية التي عصفت بهم في الخمسينات الميلادية. الاتفاقات الدولية السعودية الجديدة التي يقودها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هي سبيل لتنويع الصداقات وبنائها من جديد بعد أن كانت محصورة في مخرج واحد جعلنا أسرى لتأثيره .. فالزمن الآن زمن المصلحة ولا شيء يعلو عليها.. أما الشعارات وكل ما بينى على التخويف والترهيب من الآخر، فقد ذهبت مع الفكر المتأخر الذي حصر اقتصادنا ونهضتنا باتجاه واحد. فلنصالح العالم جميعا ونتعامل معه وفق كل ما هو في مصلحة بلدنا وشعبها.. لا نقف عند مكان ونسترجع التاريخ فيه لكي نتنازل عن مصلحة لأجله، فقد سئمنا الكلمات المخضبة بالأخوة والعرق والمصلحة والواحدة.. التي لم نجد منها إلا الطعن في الظهر والخذلان.. فها هي إيران تفعل ذلك وكل أهدافها معاداتنا.. وليتها لوحدها بل كثير من كنّأ سنداً لهم من عرب ومسلمين أصبحوا في صفها؟!. وأين أمريكا التي لم تعاد أحدا إلا كنا ضده، بل كنا الحليف القوي اقتصاديا ولوجستيا.. أين هي الآن حين الأزمات؟.. هي مازالت الأقوى لكن وفق مصلحتها وما يحقق تطلعاتها، ولأجل ذلك لا بأس إن ضحت بحلفائها وحتى المقربين منهم، ولنا في إطلاق يد إيرانوروسيا في سوريا دليل داحض رغم أنها «أي أمريكا» من يراهما الخطرين الأكبر. الأن لا صوت يعلو على صوت المصلحة.. والمملكة تملك النفط ومن مصلحة العالم كله أن يكون صديقا لها لأن «من يملك المال يضع القواعد» لذا علينا أن نبني صداقاتنا وفق مصلحتنا في الصين.. الهند.. وحتى روسيا، ولنتخل عن الماضي الكئيب.