خلاف الكوريتين الشمالية والجنوبية، وتراشقهما بالأسلحة يعدّ من بقايا الحرب الباردة، إذ تعتمد الأولى على الصين في دعمها وحمايتها، وتعاطفاً محدوداً مع روسياً، وقد عسكرت شعبها وسخّرت إمكاناتها المحدودة للتسلح رغم أن خوفها غير مبرر لأن الجنوبية لديها إمكانات هائلة أدخلتها نادي الأغنياء ومراكز في الدول المتقدمة، وقد بنت تطورها تحت مظلة القوة الأمريكية، وهو أمر مشروع طالما تحررت من ماضيها، وآثار حربها مع الشمالية، ولا تريد أن تخسر هذه المكاسب.. في الوقت الراهن فشلت الجهود في جمع الفريقين تحت راية السلام أولاً، ثم تعطيل حالات التوتر، وليتم بحث موضوع الوحدة بينهما غير أن الحكومة الشمالية تراودها أحلام التوحيد بالقوة عملاً بتنامي سلاحها التقليدي وغير التقليدي، وأنها تنتظر جلاء القوات الأمريكية في أي وقت حتى تقوم بهذه الخطوة، إلا أن الجنوبية ليست بالضعيفة حتى خارج القواعد الأمريكية ؛ حيث بنت قوة تقليدية غير عادية، وفي حال تغيرت الظروف واتخذت كوريا الشمالية خطوة إيجابية نحو الوحدة فستكون مثل ألمانياالشرقية حيث سيتحمل اقتصاد كوريا الجنوبية الأعباء باعتبارها الأغنى، ومع ذلك لاتزال الأمور تسير نحو التحسس طالما بقيت الأيدلوجية الشيوعية على أفكارها بتوحيد العالم على منظور ماركس ولينين وماوتسي تونغ، بينما جارتها الأكبر الصين تخلت عن هذه الأفكار وتحولت إلى دولة عظمى باقتصادها وليس بتسلحها، والمفترض أن تأخذ بنفس الاتجاه بدلاً من أوهام لم يعد يقتنع بها إلا كوبا وكوريا الشمالية بعد منظومة هائلة كانت داخل المعسكر الشيوعي.. حالياً لا تسمح الصين لحليفتها الشمالية بأن تقوم بمغامرة مجنونة بغزو الجنوبية لأن مصالحها تفرض أن لا تتعرض لأي هزة ما أو يدفعها لأنْ تكون شريكاً في تصعيد أزمات مع أمريكا وحلف الأطلسي، أو اليابان ودول آسيا الأخرى التي لها نفس المصالح، كذلك الشطر الجنوبي الذي لا يزال ينتهج عقلانية أكثر اتزاناً ومحافظة على أعصابه، ومن الجانب الأمريكي لا يريد أن تدفعه استفزازات كوريا الشمالية لفتح معركة ما، طالما لا تزال أمريكا تغرق في حربيْ العراق وأفغانستان، لكن لو حدث تطور يجبرها على الرد على أي مغامرة، فإن كل الأبواب مفتوحة على الاحتمالات، لكنها لن تقف بلا مساعدة لكوريا الجنوبية مهما كانت النتائج.. الحرب ستكون مدمرة، ومع أن دولة الشمال تملك سلاحاً نووياً إلا أنه للتخويف وليس للاستعمال، لأن ما بعد ضرب مدينتيْ هيروشيما ونجازاكي صار الرعب يقود لتحييد هذه القوة، ولا تستطيع أي دولة استعماله إلا بإذن من قوى أكبر تملك القرار والردع السياسي..