أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الحداد الوطني ثلاثة ايام من السبت الى الاثنين، وقال اثر اجتماع ازمة في قصر الاليزيه: إنه سيتم تمديد حالة الطوارئ المطبقة في بلاده منذ هجمات باريس التي قتل خلالها 130 شخصا في نوفمبر الماضي لمدة ثلاثة أشهر أخرى، عقب الاعتداء الذي شهدته مدينة «نيس» الساحلية بجنوب شرق البلاد ليل الخميس بعدما انطلق مسلح بشاحنة ثقيلة مسرعة صوب حشد كان يشاهد عرضا للألعاب النارية خلال الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي. وأدى الهجوم الإرهابي لوقوع ما لا يقل عن 84 قتيلا، ولا يزال 18 حالتهم حرجة، فضلا عن 50 جريحا اصاباتهم «طفيفة». وسارعت العديد من الدول الأوروبية لتشديد اجراءات الأمن، حيث أعلن رئيس بلدية لندن صادق خان امس أن إجراءات الأمن في المدينة سوف تخضع للمراجعة. كما شددت السلطات الايطالية من جانبها اجراءات الأمن على حدودها مع فرنسا، ووصف هولاند الهجوم بأنه عمل إرهابي، فيما دعت الحكومة البلجيكية لعقد مجلس وطني امني صباح أمس يضم الوزراء ومسؤولي قوات الامن. والقى اعتداء نيس بظلاله على قمة اوروبا-آسيا التي افتتحت في منغوليا، حيث كانت مناقشة جهود مكافحة الارهاب على جدول الاعمال، لكنها اتخذت طابعا اكثر الحاحا بعد الاعتداء الإرهابي في فرنسا، وشارك قادة وممثلون عن حكومات من ايرلندا الى اندونيسيا في دقيقة صمت حدادا على ارواح الضحايا في افتتاح القمة في اولان باتور. وقال رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك: «من المفارقة المفجعة ان المستهدفين في هذا الهجوم كانوا اشخاصا يحتفلون بالحرية والمساواة والاخوة». وأبان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لنظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو أن الهجوم يظهر الحاجة إلى تسريع الجهود الدولية للتصدي للإرهاب. وجاءت أولى الإدانات العربية من السعودية التي أعلنت وقوفها إلى جانب فرنسا، ووصفت الهجوم الإرهابي بالشنيع. أهازيج فرحة الاستقلال تختلط بصراخ المدهوسين ما ان انتهى عرض الالعاب النارية بمناسبة العيد الوطني الفرنسي الخميس في نيس، حتى انتشر الرعب بين المشاركين مع انقضاض شاحنة كبيرة بسرعة قصوى دهست الحشد، وشقت الشاحنة طريقها بين أسر وأصدقاء كانوا يستمعون إلى الموسيقى أو يتمشون على الشاطئ باتجاه فندق نجرسكو العتيق. وقال عضو البرلمان إريك سيوتي لإذاعة فرانس إنفو: «كان مشهدا مرعبا». مضيفا: إن الشاحنة «دهست المئات». وقال جاك الذي يدير مطعم لو كويني على الشاطئ للإذاعة: «الناس كانوا يتساقطون مثل مجسمات البولينج». وقال أحد المارة ويدعى فرانك سيدولي لرويترز وقد بدت عليه الصدمة: «شاهدت الناس وهم يسقطون، ثم توقفت الشاحنة، كنا على بعد خمسة أمتار فقط. كانت هناك امرأة فقدت ابنها. كان ابنها ينزف على الأرض». وينتشر أفراد مسلحون من الجيش والشرطة خلال الأحداث المهمة في فرنسا منذ هجمات باريس، لكن يبدو أن الأمر استغرق دقائق طويلة قبل إيقاف الشاحنة التي اخترقت طريقها على الرصيف ومنطقة للمشاة. وطلبت الشرطة من سكان المدينة التي تقع على بعد 30 كيلومترا من الحدود الإيطالية أن يبقوا في منازلهم أثناء تنفيذ مزيد من العمليات، رغم أنه لا تبدو أي مؤشرات على حدوث هجوم آخر. واستدعى أولاند أيضا جنودا وأفراد أمن سابقين بعد أن هرع عائدا إلى باريس من جنوبفرنسا في أعقاب الهجوم. وحين بزغ فجر اليوم الجمعة كانت الأرصفة مخضبة بالدماء الجافة بينما تناثرت عربات الأطفال المهشمة والحطام على المتنزه المطل على البحر. وبدا أن المشهد يؤكد ما قاله مسؤول في المدينة من أن الشاحنة تحركت لمسافة كيلومترين بطول المتنزه بعد أن صعد المهاجم على الرصيف. وظلت الشاحنة -التي قال مسؤولون محليون إنها مؤجرة- في المكان الذي توقفت فيه وقد اخترق الرصاص زجاجها الأمامي. ووصف أولاند المأساة التي حدثت في اليوم الذي تحتفل فيه فرنسا بذكرى اقتحام الثوار لسجن الباستيل عام 1789 في باريس بأنه هجوم على الحرية من متطرفين يستهينون بحقوق الإنسان. وذكرت وسائل الإعلام المحلية في فرنسا أن المحققين المختصين بمكافحة الإرهاب يقودون التحقيق في هجوم نيس، وقال مسؤول محلي: إن الشاحنة التي استخدمت في عملية الدهس كان بها أسلحة وقنابل. التعرف رسميا على سائق الشاحنة وتم «التعرف رسميا» الى منفذ الاعتداء الذي انقض بشاحنته على الحشود المتجمعة وقالت الشرطة إنه فرنسي من أصل تونسي يدعى محمد لحويج يبلغ من العمر 31 عاما فتح النار أيضا قبل أن تقتله الشرطة بالرصاص. واتضح انه منعزل وعنيف التصرفات والأفعال، إلى درجة أن حكماً قضائياً صدر بحقه ومنعه قبل 4 سنوات من دخول بيته العائلي بشمال نيس، ولاحقا اعتقلت الشرطة زوجته السابقة.وتحاول الشرطة تحديد إن كان السائق له شركاء في مدينة من المعروف أن بها نشاطا إسلاميا. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن. وقال احد المصادر: ان الرجل لم يكن معروفا لدى اجهزة الاستخبارات، على انه اعتنق الفكر المتطرف. وفي المقابل كان معروفا لدى الشرطة في قضايا الحق العام ولا سيما اعمال عنف. كما ان وجود اسلحة مزيفة في الشاحنة يطرح تساؤلات حول شخصيته. رئيس وزراء فرنسا: نواجه حربا إرهابية تفرض علينا توحيد صفوفنا اعلن مانويل فالس رئيس وزراء فرنسا ان هدف الارهابيين يتمثل فى نشر الخوف والرعب بين المواطنين. وقال فالس عقب اجتماع مجلس الوزراء الأمني فى قصر الاليزيه بباريس: «ان فرنسا دولة عظمى، وديمقراطية راسخة لا يمكن زعزعة استقرارها..». واضاف فالس: «اننا نواجه حربا ارهابية ضدنا، ويجب علينا ان نقف صفا واحدا في مواجهتها». وقال أولاند في كلمة متلفزة للشعب الفرنسي: إن القرار سيعرض على البرلمان للبت فيه. وكان من المقرر ان ترفع فرنسا حالة الطوارئ في 26 يوليو الحالي والتي فرضت في أعقاب الهجمات الإرهابية التي شهدتها باريس في نوفمبر الماضي. إجراءات أمنية في أوروبا وقال رئيس بلدية لندن صادق خان الجمعة: إن إجراءات الأمن في المدينة سوف تخضع للمراجعة. وشددت السلطات الايطالية اجراءات الأمن على حدودها مع فرنسا. وقال انجلينو الفانو وزير داخلية ايطاليا فى تغريدة على موقع تويتر للتواصل الاجتماعى: ان الاجراءات شملت ثلاث نقاط عبور ومحطة سكك حديدية. واكد الفانو عقب اجتماع صباح اليوم مع لجنة مكافحة الارهاب فى البلاد: «ان قوات الأمن الايطالية تعمل بكل طاقتها». ودعت الحكومة البلجيكية لعقد مجلس وطني امني يضم الوزراء ومسؤولي قوات الامن، وقررت «هيئة التنسيق لتحليل الخطر» البلجيكية المسؤولة عن تقييم المخاطر الارهابية، اثناء اجتماع خلال الليل ابقاء مستوى الخطر بالدرجة 3 (خطر «محتمل وجدير بالمصداقية») على سلم من اربع درجات، بحسب ما افادت وسائل الاعلام البلجيكية. واعلنت وزارة الخارجية البلجيكية، انها لم تتلق اخبارا حتى الآن عن عشرين بلجيكيا بعد اعتداء نيس. واعلن رئيس الوزراء شارل ميشال في بيان انه سيعقد مؤتمرا صحافيا قبيل الظهر في ختام مجلس وطني امني، مع اقتراب احتفالات العيد الوطني البلجيكي في 21 يوليو. العالم يدين وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الجمعة لنظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو: إن الهجوم يظهر الحاجة إلى تسريع الجهود الدولية للقضاء على «آفة الإرهاب». وقال كيري في بداية اجتماعه مع لافروف: «أعتقد أن الناس في مختلف أنحاء العالم يتطلعون إلينا وينتظرون منا أن نجد وسيلة أسرع وأكثر واقعية كي يشعروا أنه تم فعل كل شيء ممكن للقضاء على آفة الإرهاب تلك». وألقى اعتداء نيس بظلاله على قمة اوروبا-آسيا التي افتتحت في منغوليا وكانت مناقشة جهود مكافحة الارهاب على جدول الاعمال، لكنها اتخذت طابعا اكثر الحاحا بعد الاعتداء الإرهابي. وشارك قادة وممثلون عن حكومات من ايرلندا الى اندونيسيا في دقيقة صمت حدادا على ارواح الضحايا في افتتاح القمة في اولان باتور. وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي: ان «الارهاب المقزز الذي يحصد الابرياء لا يمكن التسامح معه»، بحسب وكالة جيجي برس. فيما اكدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل وقوف بلادها «الى جانب فرنسا في مكافحة الارهاب». وقالت ميركل: «نحن جميعا في حالة صدمة». واضافت: «تكاد تعجز الكلمات عن وصف» شعور حلفاء فرنسا. ووصف وزير خارجية فرنسا جان-مارك ايرولت الهجوم ب»المأساة» وقال: ان قادة العالم أعربوا عن «تضامن عفوي وصادق مع الشعب الفرنسي». وقال لوكالة فرانس برس قبيل عودته المبكرة الى فرنسا مختصرا زيارته للمشاركة في القمة: «العالم بأسره يشارك فرنسا محنتها». كما اعرب رئيس الوزراء الصيني لي كه شيانغ عن تعاطفه مع الضحايا. خبير بالطب الشرعي يخلي جثة أحد الضحايا المحتفلون يركضون بعيدا لحظة هجوم الشاحنة الشاحنة التي استخدمها الإرهابي طفلة بجوارها لعبتها ماتت بعد أن دهستها الشاحنة المجنونة