حذر رئيس الوزراء الفرنسي مانيول فالس امس من أن فرنسا يمكن أن تتعرض لهجوم إرهابي آخر "في أي وقت"، وجاء هذا التحذير بعد مرور أربعة أيام على قيام مسلحين من تنظيم داعش بقتل 129 شخصا وإصابة أكثر من 350 آخرين. وقال فالس في تصريح لإذاعة "إنتر" الفرنسية: "إننا يمكن أن نتعرض لهجمات أخرى في أي وقت، وليس ثمة شك في أننا سنعيش مع هذا التهديد لفترة طويلة من الوقت". وتعهدت الحكومة الاشتراكية في فرنسا بزيادة الإنفاق المخصص للأمن القومي، وزيادة الهجمات الجوية ضد معاقل تنظيم داعش في سورية، وتبني حزمة من الإجراءات الأمنية على المستوى الوطني ردا على حادث باريس الإرهابي الذي يعد أكثر الهجمات دموية التي واجهتها فرنسا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند حزمة الإجراءات الأمنية في خطاب نادر الحدوث ألقاه أمام اجتماع مشترك لمجلسي البرلمان أمس الاول الاثنين، وقال فيه أيضا إن هناك حاجة لتعديل الدستور لمواجهة التهديدات الإرهابية. وأوضح فالس أنه من المقرر تقديم تشريع جديد للبرلمان غدا من المتوقع أن يقترح الإبعاد السريع من الأراضي الفرنسية للأجانب المشتبه فيهم، وإمكانية تجريد حاملي الجنسية المزدوجة المدانين بالإرهاب من جنسيتهم الفرنسية. وحذر رئيس الوزراء الفرنسي قائلا "من أجل كفالة أمن الشعب الفرنسي، ينبغي أحيانا أن يتم تقليص عدد معين من حرياتنا". وكان وزير الداخلية الفرنسي بيرنارد كازينوف قد صرح في وقت سابق لمحطة إذاعية أخرى هي "فرنس إنفو" بأنه تم تفتيش 128 منزلا خلال الليلة قبل الماضية في إطار جهود مكافحة الإرهاب. وقال مساعدو الوزير لوكالة الأنباء الفرنسية إنه تم إلقاء القبض على عشرة أشخاص لاستجوابهم في أعقاب عمليات مداهمة المنازل. ونفذت الشرطة عملية مماثلة الليلة الماضية داهمت خلالها 168 منزلا في مختلف أنحاء فرنسا، وألقت القبض على 23 شخصا لاستجوابهم، كما صادرت 31 قطعة سلاح. وقال كازينوف إنه تم تعبئة 115 ألف شرطي وجندي في أعقاب الهجمات الإرهابية التي وقعت في 13 تشرين الثاني/نوفمبر في باريس، والتي يعتقد أن منفذيها ثلاث مجموعات من المسلحين والانتحاريين الذين يحملون أحزمة ناسفة. وأعلن تنظيم داعش المتطرف مسؤوليته عن هذه الهجمات، وما زالت السلطات في كل من فرنسا وبلجيكا تطارد المشتبه في ارتكابهم هذه الجرائم الإرهابية. وقال فالس "ليس لدينا حتى الآن صورة شاملة عن عدد الأشخاص الذين شاركوا في الهجمات". وحثت فرنسا شركاءها في الاتحاد الأوروبي وبقية أعضاء المجتمع الدولي على بذل مزيد من الجهود لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية. وزار وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرئيس أولاند بقصر الإليزيه، وتعهد بتعاون أميركي أوثق، بعد أن قال لدى وصوله إلى باريس مساء الاثنين إنه ستتم هزيمة هذا التنظيم الإرهابي وكل من يشاركه في "أيدولوجيته الحقيرة". وقال كيري أيضا إنه سيتم عقد لقاء في واشنطن بين أولاند والرئيس الأميركي باراك اوباما الأسبوع المقبل، ويعتزم أولاند أيضا التوجه إلى موسكو لإجراء مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي رد فعل على هذه الهجمات طلبت فرنسا للمرة الأولى في تاريخ الاتحاد الأوروبي مساعدة الدول الأعضاء بالاتحاد استنادا، إلى فقرة من معاهدة الدفاع المشترك للاتحاد تنص على أن ثمة "التزام على الدول الأعضاء بتقديم المعونة والمساعدة" إذا أصبحت دولة عضو "ضحية لعدوان مسلح على أراضيها". وقال وزير الدفاع لفرنسي جان إيف لودريان إن بلاده تسعى للحصول على المساعدة في العمليات العسكرية التي تشنها في سورية وأماكن أخرى. وأوضح لودريان بعد أن التقى في بروكسل وزراء الدفاع بالاتحاد الأوروبي الذين تعهدوا وفقا لقوله بتقديم المعونة لفرنسا أن المساعدة يمكن أن تأتي على شكل "إما التعاون لتعزيز القدرات العسكرية لشن هجمات ضد التنظيم في سورية أو العراق، أو عن طريق تخفيف العبء عن القوات الفرنسية أو دعمها في عمليات أخرى". وأضاف لودريان إن "فرنسا لم تعد تستطيع أن تقوم بمفردها بكل شيء سواء في منطقة الساحل الأفريقي أو جمهورية أفريقيا الوسطى أو لبنان أو الهجمات المضادة في بلاد الشام، وفي مقدمة ذلك كله كفالة أمن فرنسا القومي بقواتنا". ومن المقرر أن تجري باريس الآن مباحثات فنية مع العواصم الأخرى بالاتحاد الأوروبي لتحديد نوع المساعدة التي تريد أن تتلقاها. وكان أولاند قد أعلن خطوة الحصول على المساعدة في خطابه الذي ألقاه أمام البرلمان، والذي دعا فيه أيضا الاتحاد الأوروبي إلى تشديد إجراءات الرقابة على الحدود وإعادة المهاجرين إلى بلادهم والعمل على مكافحة تهريب السلاح والموافقة بحلول ديسمبر المقبل على تأسيس سجل مشترك لبيانات ركاب الرحلات الجوية. إجراءات أمنية مشددة شملت تفتيشاً دقيقاً للسيارات على الحدود الفرنسية - البلجيكية (أ ف ب)