المفوضية الأوروبية تتهم جوجل بانتهاك قواعد المنافسة بعقود تقدمها إلى الشركات المصنعة للهواتف النقالة التي تستخدم نظام التشغيل أندرويد التابع لها. مفوضة المنافسة في أوروبا، مارغريت فيستاجر، أشارت إلى ذلك في كلمة ألقتها قبل أسبوعين. تماما كما هي الحال مع قرار مكافحة الاحتكار في وقت سابق بشأن جوجل، البيروقراطيون مخطئون: من غير المعقول اتهام جوجل بتضييق الخناق على الابتكار. ومع ذلك، ينبغي على جوجل ألا تقاتلهم: فهي قادرة تماما على المنافسة دون محاولة للتفاوض حول ميزة غير عادلة. بدأت اللجنة تحقيقها في العام الماضي. مشكلتها مع جوجل هي أن هذه الشركة العملاقة تلوي ذراع الشركات المصنعة للهواتف لكي تفرض عليها أن تقوم مسبقا بتنزيل مجموعة من التطبيقات الأساسية، بما في ذلك البريد الإلكتروني من جوجل ومجموعة من البرامج المكتبية المعتمدة على السحابة، وجعل جوجل محرك البحث الافتراضي لها. وقالت فيستاجر في كلمتها إن إجراءات جوجل قد تضر غيرها من المبدعين: «ما نشعر بالقلق حياله هو أنه، من خلال إلزام الشركات المصنعة للهواتف والمشغلين بإجراء تحميل مسبق لمجموعة من تطبيقات جوجل، بدلا من السماح لهم أن يقرروا أي التطبيقات يرغبون في تحميلها، بعملها هذا، يمكن أن تغلق جوجل واحدة من الطرق الرئيسية التي يمكن من خلالها أن تصل تطبيقات جديدة إلى العملاء.» الهاتف المحمول هو حيث نمو جوجل في هذه الأيام. ووفقا للرئيس التنفيذي سوندر بيتشاي، فإن الشركة لديها ستة منتجات يتمتع كل واحد منها بأكثر من مليار مستخدم نشط شهريا: البحث، والخرائط، ومتصفح كروم، ويوتيوب، وجوجل بلاي و Gmail. كل هذه التطبيقات يتم تثبيتها مسبقا على معظم الهواتف النقالة التي تستخدم الاندرويد، والتي تلفت مقل العيون إلى الإعلانات التي تشكل 90 في المائة من عائدات الشركة. وقالت روث بورات، كبيرة الإداريين الماليين في ألفابت، الشركة الأم لجوجل، خلال أحدث بيان للأرباح إن البحث على الجوال هو «المحرك الرئيسي» لنمو الإيرادات. تقدر جوجل أن 30 في المائة من جميع عمليات الشراء عبر الإنترنت تتم الآن على الهواتف الجوالة، مما يجعل إعلانات الجوال من خلال قنوات متعددة أمرا فعالا ومربحا على حد سواء. أحد المحامين مع أوراكل التي تقاضي جوجل بتهمة التعدي على حقوق التأليف، كشف في جلسة استماع بالمحكمة في شهر يناير أن جوجل دفعت إلى أبل، منافستها الرائدة لنظام تشغيل الهواتف الجوالة، مليار دولار في عام 2014 لتكون محرك البحث الافتراضي على أجهزتها النقالة. وقدر المحامي أن آندرويد ولد 31 مليار دولار من الإيرادات و22 مليار دولار من الأرباح منذ إطلاقه عام 2008، على الرغم من أن نظام التشغيل هذا يُعطى مجانا للشركات المصنعة. الطريقة التي تكسب فيها هذا المال - وهامش الربح الهائل - هي عن طريق زيادة جمهور الإعلانات المعروضة على جوجل. من الطبيعي إذن لجوجل أن تستخدم كل فرصة لجعل تطبيقاتها بارزة على أي هاتف جديد، وأفضل فرصة لها هي من خلال آندرويد. في الربع الأخير من عام 2015، كان نحو 68 في المائة من جميع الهواتف المحمولة التي تباع في أوروبا تعمل بنظام آندرويد، وفي كل حالة تقريبا كان قد تم تثبيت حزمة تطبيقات جوجل على الهاتف، وكان محرك جوجل هو محرك البحث الافتراضي. تستخدم الشركة المصنعة لآندرويد مجموعة من سياسات الترهيب والترغيب لتحقيق ذلك. إنها لا تدفع لصانعي الهواتف بالطريقة التي تدفعها لأبل: بدلا من ذلك، هي تقدم الدعم وتشاركهم في ما تحققه من العائدات الإعلانية، وأيضا تجعل عملية الدخول إلى متجر جوجل بلاي، والذي يتميز الآن بحوالي مليوني تطبيق، مشروطا بالتحميل المسبق لمنتجاتها الأخرى. وكانت روسيا أول دولة تعلن أن هذه الممارسات غير قانونية. حيث اشتكت ياندكس، شركة البحث التي تنافس جوجل في روسيا، من أنها كانت تعاني في سبيل وضع التطبيقات على الهواتف الجديدة بسبب مقاومة جوجل، وقضت دائرة مكافحة الاحتكار الاتحادي في صالحها. تصدت جوجل مرة أخرى لذلك، ولكن قضت محكمة موسكو للتحكيم ضد الشركة الأمريكية الشهر الماضي. الآن، يمكن أن يحدث نفس الشيء في أوروبا. موقف جوجل - أن المصنعين يمكنهم استخدام آندرويد من دون أي مساعدة من جوجل وأن الخيار النهائي حول استخدام التطبيقات يرجع للمستهلكين - يمكن أن يتبين أنه لا يمكن الدفاع عنه في أوروبا أيضا. وذلك لسبب واحد، إمكانية الوصول إلى متجر جوجل بلاي هي السبب الرئيسي في أن آندرويد يتغلب على معظم أنظمة التشغيل الأخرى، ويتنافس بنجاح مع نظام التشغيل iOS التابع لأبل. دون الوصول إلى التطبيقات من طرف ثالث، يعتبر الهاتف الذكي بلا فائدة على الإطلاق. ومن ناحية أخرى، فإن المستهلكين كسالى: كثير منهم حتى لا يعيدون ترتيب الأيقونات على الشاشة الرئيسية، ناهيك عن تغيير محرك البحث الافتراضي أو البحث عن تطبيقات بديلة للتعامل مع البريد الإلكتروني. ولذلك فإن الجدل حول قيامهم باتخاذ خيارات مستنيرة يعتبر مخادعا. من المنطقي والبديهي أن الشركة التي تطور آندرويد وتقدمه مجانا ينبغي أن يسمح لها بالاستفادة من دون التدخل البيروقراطي. أبل، التي تكسب أطنانا من المال من صناعة وبيع الهواتف، لا تجري ملاحقتها لأسباب مماثلة على الرغم من أنه أقرب إلى المستحيل أن تتخلص من تطبيقات الملكية التابعة لأبل على أجهزتها. من المحتمل أن من غير العدل ملاحقة جوجل وليس أبل لمجرد أن آندرويد مثبت على عدد أكبر من الهواتف. كما أنه من غير المفهوم أن جوجل تريد أن تستنفد كافة الخيارات القانونية قبل تحرير مستخدمي آندرويد. السماح بتثبيت التطبيقات مجانا للجميع سيكون قفزة في المجهول. ولكن أنا متأكد من أنه يمكن لجوجل البقاء على قيد الحياة وأن تخرج فائزة. أفضل منتجاتها - تلك التي لديها معظم المستخدمين – تعتبر ممتازة. الناس لن تتوقف عن استخدام خرائط جوجل لمجرد أنها ليست مثبتة مسبقا على هواتفهم. إنها من بين أفضل 10 تطبيقات الأكثر تحميلا في متجر أبل لأن مستخدمي اي فون غالبا ما يفضلونها على برنامج الخرائط التابع لأبل نفسها. متصفح الكروم هو من بين أفضل 100 تطبيق الأكثر تحميلا على الرغم من أنه من المستحيل تغيير المتصفح الافتراضي سفاري في نظام التشغيل iOS التابع لأبل دون أن «تخدع» الجهاز وتحرره من دعم أبل. محرك بحث جوجل، أيضا، لن يكون مهيمنا في الأحوال العادية، لكنه يقوم بفهرسة صفحات أكثر من المنافسين ويعطي نتائج أفضل. يوتيوب هو التطبيق الذي يسعى إليه كثيرون، في حين أن خدمات مكتب سحابة جوجل هي مجانية، على عكس، مثلا، مايكروسوفت، وهما تطبيقان ناجحان بالقدر نفسه. هذه منتجات منافسة ورائعة. وهي لا تحتاج حقا إلى دفعة إضافية من صفقات مقيدة بين جوجل وشركات تصنيع الهواتف. لذلك على جوجل أن تتخلى على طريقتها في فرض تحميل عدد من منتجاتها. وعليها أن تقوم بالخطوة المهمة، وأن تقوم بها قبل أن تدخل في المعركة القانونية وتتخذ المحاكم قرارها.