عندما أتناول كلاسيكو الأهلي والهلال الملتهب في إياب دوري جميل لابد أن أتوكأ على أربعة مرتكزات، أولاً: تقارب المستوى الفني والنقطي، إضافة لتوافر فرص الحسم بامتياز للفريقين..ثانياً: الحذر والخوف فرض نفسه في مرحلة القمة المصيرية..ورسم الأفراح والأتراح..ثالثاً: أهمية وحساسية المباراة كونها نتيجة حصاد موسم دوري كامل دام تسعة أشهر..رابعاً: الاحتقانات المحمومة والرهانات التي سادت الشارع الرياضي السعودي والتي سبقت الكلاسيكو ارتدت طابع التوتر والفوران..وأشعلت نار التحدي. وفريق الأهلي(بطل الدوري) ضرب فريق الهلال بقسوة في مقتل..وألحق به هزيمة مؤلمة ومريرة قوامها (1/3) وانتزع بجدارة كأس جميل3 قبل انتهاء الدوري بجولتين وبعد جفاء وصيام دام حوالي 34سنة..وبعد نجاحه في إبطال مفعول اللغم المفخخ وإحباط التحدي المُعلن والمُعدّ لإسقاط الأهلي الذي صفق بكأس دوري المحترفين السعودي لكرة القدم وطار به وحطه في (فاترينة) النادي الملكي وقضى على آمال وأحلام الزعيم وحرمه سنة خامسة من نيل الدوري. وعودة إلى كلاسيكو، أمس الأول، نقول: الهلال في الشوط الأول تميز بالسيادة والاستحواذ وفق استراتيجية راسخة ومنظمة.. وروح قتالية وحماس وسرعة.. وبدت خطواته متراصة.. وتجلت كفاءة ومهارة لاعبيه في الاختراقات والتحركات والأدوار وتوج تفوقه بهدف البرازيلي ادواردو المبكر، وقدم شوطاً نموذجياً وأجبر الأهلي على الارتباك والتراجع ومن شاهد الأهلي في الشوط الأول فلن يصدق أن يكون نفس الفريق في الشوط الثاني، حيث فرض نفسه فأبدع وأبهروأقنع ونجح مدرب الأهلي السويسري جروس وتفوّق على مدرب الهلال اليوناني دونيس في قراءة المباراة، حيث أعطى تعليماته بتشديد الضغط الهجومي بنهج متوازن وأثمرهذا الضغط عن هدفين لعمر السوما مع بداية الشوط الثاني، وعززالمقهوي النتيجة بالهدف الثالث.. وخطط للفوز بالضربة القاضية ونجح في لجم الاندفاعات الهلالية.. وغيّر التكتيك والخرائط بما يتناسب مع مسارات اللعب.. وفرض حلولاً ناجعة وسريعة. ولا أحد ينكر أن دفاع الهلال ظهر مهزوزاً.. وفشل في إغلاق النوافذ والأبواب وعانى من عدم التجانس والتفكك والرعونة والتخبط.. وعَجِز الزعيم عن نصب حواجز ومتاريس لإعاقة الراقي وتعطيل مفاعيله بعد انتفاضته في الشوط الثاني.. واختيار دونيس في الشوط الثاني بدائل خاطئة مما زاد من تأزم وضع الزعيم، ولهذا بدا عليه التوتر والارتباك والمنطق يقول: (الفشل لايفتح أبواب الحلول.. ولايحل العقد) وللأمانة نقول: إن دونيس خسر مرتين أمام جروس الأهلي في الدوري ذهاباً وإياباً وفشل أمام غالبية الفرق الكبيرة.. وعجز فريق الهلال عن مجاراتها والتفوق عليها. وهناك فارق بين أن يُرَكّب الرأس على الجسم.. وبين أن نُركب الجسم على الرأس.. وهذه المعادلة يدرك الجميع دلالاتها وأبعادها بما فيه الكفاية.. والشيء المؤلم جداً والمدهش أن يُرسّخ فريق الهلال أقدامه ما بين المركزين الأول والثاني في داخل فضاء صدارة الدوري ولم يَحِد عنها منذ بداية الدوري وحتى الجولات الأخيرة.. كان خلالها الزعيم رائداً وسيداً.. لكنه اهتز في الجولات الأخيرة ووضع نفسه في خانة اليّك الحرجة وأهدر كل جهوده واجتهاداته وفقد البطولة للسنة الخامسة على التوالي.. بسبب أخطاء استراتيجية غير منضبطة وضعف في الإرادة والتصميم.. وأخطاء فردية وجماعية في اللاعبين وإغفالهم مبدأ(العبرة بالخواتيم). وأثبت فريق الأهلي قدرة نوعية على إحداث تعديل في موازين القوى..وفتح العمليات الجراحية لمنافسة الهلال وأسقطه وكان الهلال قد فاز على الأهلي في نهائي كأس ولي العهد، هذا الموسم.. وأمام الفريقين مواجهة رابعة قريباً في نصف نهائي كأس الملك.. ويؤكد الخبراء أن الأهم والأبرز في الكلاسيكو الأخير خسارة الهلال بطولة الدوري.. والخوف من أن تأخذ انتكاسة الزعيم القاسية منحنى تصاعدياً غاضباً.. وأبعاداً أشد خطورة من ذي قبل.. ويؤسس لأخطار متشبعة وقادمة من كل الاتجاهات. وقد أثار فوز الأهلي وخسارة الهلال اعتراضات من الجانب الهلالي على حكم المباراة وهذه مغالطة لأن الحكم الألماني فيليكس بريش كان ناجحاً وموفقاً بإجماع كل نقاد التحكيم وهو من حكام النخبة في العالم وأي تشكيك هو محاولة لإيجاد معان ومفاهيم مغلفة وتبريرات واهية لتخفيف الهزيمة وغطاء مكشوف..والمطلوب من أهل الحل والربط في الهلال ألايقرؤوا الحاضر بلغة الماضي..زعيم زمان راح..والواقع المرير الذي أنجبه الزعيم الحالي يمكن أن يُنجب لاحقاً ماهو أخطر منه إذا استشرى التخبط وإذا لم يتم الإسراع برأب الصدع.. خاصة وأن الجماهير الهلالية مطوقة بالقلق.. وساخطة عما يجري.. ونأمل ألا ينعكس هذا الإخفاق سلبياً على استحقاقات الزعيم القادمة وبالتحديد في التصفيات الآسيوية وفي كأس الملك... وإلى اللقاء.