استكمالاً لما تم تناوله في المقال السابق الأسبوع الماضي عن مكان إقامة الدعوى (الاختصاص المكاني) وما تم توضيحه من أن القاعدة العامة أن الدعوى تقام في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها المكاني محل إقامة المدعى عليه، وما تم توضيحه من الاستثناءات على هذه القاعدة وتحدثنا عن أن سكوت المدعى عليه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة المكاني وتعرضه لموضوع الدعوى بطلب أو دفع منه يعتبر قبولاً منه ضمنياً لإسقاط حقه بالدفع بعدم الاختصاص المحلي، كما تحدثنا على أن المدعية في المسائل الزوجية والحضانة والزيارة ومن عضلها أولياؤها لها الحق في اقامة دعواها في بلد اقامتها وسوف نواصل اليوم معكم ما بدأناه من هذه الاستثناءات. حيث إن من هذه الاستثناءات الاستثناء على الدعاوى التي تقام في حوادث السير، حيث ينبغي على صاحب الدعوى بها أن يكون على علم أن له الخيار في إقامة الدعوى بين محل إقامة المدعى عليه وذلك تماشياً مع القاعدة العامة سالفة الذكر أو إقامتها في البلد الذي وقع به الحادث استثناءاً من القاعدة العامة لأن الإجراءات القضائية قد تستوجب سماع شهود الحادث، أو معاينة مكان وقوعه، فتكون المحكمة التي وقع الحادث في نطاقها المكاني أقدرعلى تحقيق العدل، ولا فرق في ذلك أن تكون الدعوى المقامة متعلقة بالحق الخاص أو الحق العام حيث نصت المادة التاسعة والثلاثون الفقرة الثالثة من نظام المرافعات الشرعية الصادر بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم 13/ت/5332 وتاريخ 19/05/1435ه (يكون للمدعي في الدعاوى الناشئة عن حوادث السير التي تقع في بلد غير بلد المدعى عليه الخيار في إقامة الدعوى في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها مكان وقوع الحادث أو مكان إقامة المدعى عليه) حيث جاءت هذه المادة موضحة بجلاء الخيار للمدعي في حوادث السير بمكان اقامة الدعوى. كذلك من ضمن هذه الاستثناءات الدعوى التي تقام في قضايا الجرائم حيث إن الدعوى تقام في أحد مكانين إما لدى المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل وقوع الجريمة ويعد مكاناً للجريمة كل محل وقع فيه فعل من أفعالها، أو ترك فعل يتعين القيام به، وحصل بسببه ضرر جسدي، كما يمكن أن تقام الدعوى لدى المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها المكاني محل إقامة المتهم (المدعى عليه) تمشياً كذلك مع القاعدة العامة في محل اقامة الدعاوى، ويعد المكان الذي وقعت فيه الجريمة آخر محل إقامة للمتهم ما لم يثبت خلاف ذلك فإن لم يكن للمتهم محل إقامة معروف فيتحدد الاختصاص بالمكان الذي قبض عليه فيه، كما نص على ذلك نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/ 2 في 22 محرم 1435ه بمادته الثلاثين بعد المائة (يتحدد الاختصاص المكاني للمحاكم في مكان وقوع الجريمة، أو المكان الذي يقيم فيه المتهم، فإن لم يكن له مكان إقامة معروف يتحدد الاختصاص في المكان الذي يقبض عليه فيه) كما أنه إذا لم يكن للمدعي والمدعى عليه محل إقامة في المملكة، فللمدعي إقامة دعواه في إحدى محاكم مدن المملكة وفقاً لما نصت عليه المادة السادسة والثلاثون الفقرة الثانية من نظام المرافعات الشرعية السابق ذكره، حيث نصت المادة (إذا لم يكن للمدعي والمدعى عليه مكان إقامة في المملكة فللمدعي إقامة دعواه في إحدى محاكم مدن المملكة) ويتم تبليغ المدعى عليه بموعد الجلسة عن طريق وزارة الداخلية، ويكون ذلك بموجب كتاب من المحكمة إلى إمارة المنطقة، أو المحافظة، وللقاضي عند الاقتضاء بعد اجراء ما ذكر أن يعلن المدعى عليه عن طريق التبليغ في إحدى الصحف المحلية. كذلك من الاستثناء على قاعدة اقامة الدعوى في بلد اقامة المدعى عليه الدعاوى الخاصة بالتنفيذ (تنفيذ الاحكام) والتي تقام في محاكم التنفيذ حيث جاء في المادة الرابعة من نظام التنفيذ الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/53 وتاريخ 13/08/1433ه حيث نصت المادة المذكورة على يكون الاخصاص المكاني لقاضى التنفيذ - بحسب الحال - في (1) دائرة المحكمة التي أصدرت السند التنفيذي أو(2) في مكان الجهة التي أنشئ المحرر في منطقتها أو (3) في موطن المدين أو في (4) موطن عقار المدين أو أمواله المنقولة، حيث حددت هذه المادة معالم الولاية المكانية لقاضي التنفيذ، وأبانت بأن الولاية المكانية تنعقد لقاضي التنفيذ وفقا لهذه المعالم الأربعة وهي مكان إصدار السند التنفيذي، ومكان نشوء المحرر أو العقد، وموطن المدين، ومكان وجود أموال المنفذ ضده الثابتة أو المنقولة، ولكون هذه المعالم تختلف فيها الأماكن والدوائر القضائية حيث إن لطالب التنفيذ الحق في اختيار الدائرة المكانية المختصة وفقا للمعالم الأربعة المشار لها في هذه المادة لكون الأصل أن صاحب الحق يجب الوفاء له بحقه دون تحميله نفقات ذلك الأداء وأن أجرة أداء الحق تكون على الذمة التي شغلت ذمته به لأن أداء الحق واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وحتى لا يضطر إلى رفع دعوى من قبل طالب التنفيذ يطالب المنفذ ضده بأجور التنفيذ، والأصل أن يكون الاختصاص المكاني للدائرة التنفيذية التي يقيم المنفذ ضده في نطاقها وفقا للفقرة الثالثة من هذه المادة، وإذا كانت أموال المنفذ ضده بحكم مالي موجودة في موطن مغاير لموطن إقامته سواء كانت في بلد واحد أو بلدان متفرقة فإن الاختصاص المكاني ينعقد لكل دائرة تنفيذية يوجد أموال ثابتة أو منقولة في نطاقها المكاني وفقا للفقرة الرابعة من هذه المادة ولكن بعد أن يقوم قاضي التنفيذ الذي تولى الحجز أولا بإنابته واستخلافه والذي غالبا ما يكون المنيب هو القاضي الذي يكون المنفذ ضده مقيما في حدود ولايته المكانية، وفي حال اشتراط طرفي التنفيذ أثناء التعاقد أو نشوء المحرر بينهما بأن تكون معاملة التنفيذ في مكان ما فيجب الالتزام بذلك المكان ولو كان مغايرا لموطن إقامة المنفذ ضده لوجوب الوفاء بالشروط الصحيحة وفقا للفقرة الثانية من هذه المادة، وفي حال عدم معرفة عنوان للمنفذ ضده، أو قبول المنفذ ضده مكانا معينا لقبول الترافع فيه، أو اقيمت الدعوى القضائية على المنفذ ضده في محكمة بلد ما لكونه مقر إقامته الأخير فإن دائرة المحكمة التي أصدرت السند التنفيذي بحقه هي التي ينعقد لها الاختصاص المكاني في إجراءات التنفيذ والشروع فيه وفقا للفقرة الأولى من هذه المادة، وعلى كل فلطالب التنفيذ الخيار في اختيار الدائرة المكانية المختصة ما لم يكن هناك شرط بينهما يخالف ذلك أو كانت أموال المنفذ ضده في بلد معين فيجب أن يكون التنفيذ في النطاق المكاني لتك الاموال.