وضعت "كتائب القسام" جناح حركة حماس المسلح، بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام اختبار صعب أمام مواطنيه، بعدما نفت أي اتصالات غير مباشرة لها مع الجانب الإسرائيلي بشأن الجنود الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، وأظهر النفي نتنياهو بمظهر العنصري الذي يكذب على المجتمع الإسرائيلي، وفقاً لما جاء على لسان "أبو عبيدة" الناطق العسكري باسم "القسام". فيما يرى مراقبون وخبراء في الشأن الإسرائيلي أن عنصرية نتنياهو تجاه جزء من مواطنيه الإسرائيليين ستظهر بشكل واضح عندما تبدأ مفاوضات استرداد الجنود الأربعة المحتجزين بالقطاع، خاصة وأن من بينهم يهوديين أحدهما من أصل أفريقي، وآخر عربي يحمل الجنسية الإسرائيلية . اختبار العنصرية ويشير المراقبون والخبراء إلى أن نتنياهو لن ينجح في الاختبار الذي وضعته فيه كتائب "القسام"، وبالتالي فإنه من غير المتوقع أن يدفع ثمناً باهظاً لتحرير الأسيرين أبراهام منغيستو من ذوي الأصول الأفريقية والأسير الآخر العربي الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية، ضمن الأسرى الأربعة: اثنان منهما من اليهود ذوي الأصول الغربية هما هدار غولدن وشاؤول آرون، وجميعهم خدموا داخل الجيش الإسرائيلي، بينما سيعمل في المقابل لتقديم الثمن من أجل تحرير الأخيرين، باعتبارهما يهوداً غربيين. إلا أن هذه الحادثة التي تكشف عن "عنصرية" نتنياهو تجاه جزء من شعبه، لن تكون مقدمة لإنزاله من سدة الحكم كما يقول المراقبون. وقال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل ل"اليوم": إن كتائب القسام وضعت نتنياهو أمام اختبار صعب سيكشف عن عنصريته تجاه الإسرائيليين أنفسهم، وأضاف :" الأسيران العربي والأفريقي لدى المقاومة بغزة، كلاهما خدما في الجيش الإسرائيلي، وسبق أن اختبر نتنياهو في كونه عنصريا أم لا، وبالفعل أثبتت الوقائع أن نتنياهو عنصري بامتياز، وتجلى ذلك بشكل خاص عندما بقي متمسكا بيهودية الدولة، إضافة لسنه مجموعة كبيرة من القوانين ذات الطبيعة العنصرية ضد الفلسطينيين وغيرهم". وشدد على أن نتنياهو يمارس العنصرية ضد شعبه الإسرائيلي بكل تأكيد، وزاد :" عندما اعتقل إبراهام منغيستو الإسرائيلي من أصل أفريقي، ووجه هذا الاعتقال بعدم اهتمام من حكومة نتنياهو، وقيل عنه وقتها أنه مريض نفسيا ، مادفع بعائلته إلى تنفيذ احتجاجات ضد الحكومة من واقع شعورها بممارسة العنصرية والتميز ضدها". وراهن عوكل على أن عنصرية نتنياهو ستظهر بشكل واضح عند بدء المفاوضات مع المقاومة بشأن استرداد المفقودين الأربعة، مرجحاً أن لا يعتبر نتنياهو أن الأسيرين العربي والأفريقي مهمان من أجل دفع ثمن كبير لتحريرهما، بالمقابل سيعطي أهمية أكبر للأسيرين هدار غولدن وشاؤول آرون، باعتبارهما يهودا غربيين. وقال:"أعتقد أن نتنياهو سيفشل في الاختبار الذي وضتعه القسام أمامه، ولن يستطيع أن يكون غير رئيس وزراء عنصري، وربما تنعكس عنصريته هذه على مصير الأسيرين العربي والأفريقي، وزاد :" قد يرفض نتنياهو أن يدفع ثمناً لتحريرهما، ففي السابق عندما تمت صفقة الجندي جلعاد شاليط، كان الثمن مقابل الإفراج عنه كبيرا، لكن اليوم القسام لديها أربعة أسرى، ما يعني أن نتنياهو وحكومته أمام اختبار آخر سيكشف عن مدى استعداده لدفع الثمن. إلا أن عنصرية نتنياهو لن تفقده أي مكانة سياسية داخل الحكومة الإسرائيلية، لكون الحكومة الحالية هي حكومة يمينية متطرفة، وبالتالي، فإن أية إجراءات عنصرية سيتخذها نتنياهو تجاه الأسيرين العربي والإفريقي، ستلقى ترحيباً من حكومته، سيما وأنها سترى في تلك الإجراءات محافظة على وجودها. أما أسباب ذلك فيوجزها في قوله :" اليمين المتطرف سيحمي نفسه، لأن الإطاحة بنتنياهو تعني الإطاحة باليمين"، ونجاح نتنياهو في اختبار العنصرية ليس أولوية لدى الإسرائيليين، رغم أن ذلك سيؤثر على شعبيته، لكن المهم بالنسبة لهم هو أن نتنياهو يتلقى دعمه من جمهوره الأساسي، وهم مجموعات المستوطنين المتطرفين في عمليات الاستيطان"، فهؤلاء المستوطنون يرون أن نتنياهو يدعم مصادرة حقوق الفلسطينيين، وبالتالي، فإنهم سيقدمون له مزيداً من الدعم. حماس بحاجة لإنجاز وبدوره، اعتبر المختص في الشؤون الإسرائيلية حسن عبدو، أن نتنياهو منذ فترة يحاول الهروب من مأزق جنوده المفقودين بغزة عبر إشغال الرأي العام الإسرائيلي عن هذا الملف، وبرز ذلك الأمر عندما تحدث عن وجود تقدم غير معلن في قضية الجنود، وعندما نفى القسام ذلك اتسع المأزق، وتمكن من وضع القضية على طاولة الرأي العام الإسرائيلي حتى يلعب دور الضغط تجاه إنجاز صفقة تبادل، خاصة وأن حماس تشعر أنه في الوقت الحالي بحاجة لتحقيق إنجاز. وأوضح عبدو في حديثه للصحيفة، أن الرأي العام الإسرائيلي حالياً منشغل بالإعلام الاجتماعي، معتبراً أنه من المبكر الحديث عن أن نتنياهو أمام اختبار "العنصرية"، وأضاف :" إلى الآن لا يمكن الجزم بأنه يعيش أزمة، لكن تشكيل الرأي العام الإسرائيلي لحالة ضاغطة عليه بشأن الأسيرين العربي والأفريقي ستضعه في أزمة حقيقية". وبين أنه يأمل أن يكون القسام قد نجح بالفعل في جعل ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين بغزة، ملفاً ضاغطاً على الحكومة اليمينية، مشيراً إلى أن حكومة نتنياهو ستجد نفسها مجبرة مستقبلاً على فتح هذا الملف والذهاب نحو مفاوضات غير مباشرة لإنجاز صفقة تبادل، مبيناً أن الترقب سيكون سيد الموقف خلال الفترة المقبلة، سيما وأن إسرائيل لا تعتبر الأسيرين العربي والأفريقي اللذين يحملان الجنسية الإسرائيلية أسرى. وفاء الأحرار «2و3و4» إلى ذلك، أكد القيادي في حركة حماس مشير المصري، أن "القسام" تتجهز لصفقة "وفاء الأحرار" (2و3و4) حتى تبيض كافة سجون الاحتلال الإسرائيلي، وقال المصري خلال وقفة نظمتها الحركة النسائية التابعة لحركة "حماس" أمام حاجز بيت حانون "ايرز" بعنوان "للأرض فداء فلترق منا الدماء" بمناسبة إحياء الذكرى ال 40 ليوم الأرض: "إن حماس باتت اليوم أقوى على الرغم من الحصار الذي استمر لأكثر من عشرة أعوام". وأضاف :"حماس لم تعد تمتلك مسدساً واحداً فقط، بل أصبحت تمتلك الصواريخ وراجمات وطائرات الاستطلاع بفضل الله"، مشيراً إلى أن حركته ستواصل طريق المقاومة، حتى دحر الاحتلال الإسرائيلي، وتحرير الأرض الفلسطينية مهما كلف ذلك من ثمن.