فتح حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي حول حدوث تطور مهم في مسألة جنوده المفقودين في قطاع غزة عبر "القنوات السرية" بعيدًا عن الأضواء، الباب على مصراعيه لتساؤل حول إمكانية إتمام صفقة تبدل بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، التي اشترطت عدم إبرام أي صفقة جديدة إلا بعد إفراج الأخيرة عن الأسرى الفلسطينيين الذين جرى تحريرهم ضمن صفقة "وفاء الأحرار". وقال بنيامين نتنياهو، قبل أيام، في تصريحات صحفية نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية، إنه يتابع شخصيا مسألة الجنود الإسرائيليين في غزة، وإن هناك تطورا مهما حدث في هذا الموضوع، لم يفصح عن فحواه. في حين تؤكد حركة حماس من جانبها أنها لن تباشر بأي حوارات غير مباشرة مع إسرائيل حول صفقة تبادل جديدة إلا إذا أفرجت الأخيرة عن بقية الأسرى المشمولين بصفقة شاليط. وأفرجت إسرائيل في أكتوبر2011 عن 1050 أسيراً وأسيرة مقابل إطلاق الجندي جلعاد شاليط الذي أسرته كتائب القسام جناح حماس المسلح بالاشتراك مع فصائل أخرى في 25 يونيو 2006، وتمكنت المقاومة من الاحتفاظ به لمدة 5 سنوات داخل القطاع. وتعتبر أعداد الجنود الإسرائيليين الذين قتلتهم المقاومة الفلسطينية أو أسرتهم خلال تصديها للعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، صيف العام 2014، من أسرار المقاومة. أوراق ضاغطة ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية المختص بالشؤون السياسية، الدكتور عمر جعارة: "إن المفاوضات بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل تجرى على قدم وساق، والمقاومة تمتلك أوراقا ضاغطة على الإسرائيليين فيما يتعلق في تبادل الأسرى، تماماً مثل التي امتلكتها في صفقة شاليط". وأكد جعارة خلال حديثه مع ل"اليوم" أن الإعلام الإسرائيلي يعطي مساحة بارزة لمفاوضات بين المقاومة وإسرائيل بشأن الجنود المفقودين، وأن ضغط الشارع الإسرائيلي سيحرك ملف التبادل، قائلاً:" والدة الجندي هدار جولدن المفقود في العدوان الأخير على قطاع غزة عقدت عدة مؤتمرة صحفية وفي أول مؤتمر قالت بالحرف الواحد: "أوجه كلامي لهنية- نائب رئيس المكتب السياسي لحماس- وقالت هنية بالعبرية، وأضافت: أعطيني إشارة تتعلق بابني وسأقلب إسرائيل وحكومات العالم رأسا على عقب حتى تنطلق عملية التبادل ما بينك وبينهم". واختفاء الضابط الإسرائيلي في لواء "جفعاتي" هدار جولدن في 1 أغسطس 2014 خلال الحرب على قطاع غزة، بعد وقوع قوته في كمين لعناصر القسام شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تلاه ارتكاب جيش الاحتلال مجزرة بحق المواطنين في المحافظة أسفرت عن استشهاد العشرات وإصابة المئات من سكان القطاع. وبين جعارة أنه وفق متابعته للإعلام الإسرائيلي فإنه يرى أن ناقلة الجند التي اعتقل منها الجندي شاؤول آرون في حي التفاح بغزة، إذا تم تدميرها قبل وصول كتائب القسام- جناح حماس المسلح - إليها، فإن الحديث يدور عن جرحى وأشلاء في صفوف الجنود، لكن إذا جرى تدميرها بعد وصول القسام، فإن الحديث يدور حول أسر عدد من الجنود". وأشار إلى أن تدمير تلك الناقلة اعتبره الإعلام الإسرائيلي فضيحة هزت أركان الجيش الإسرائيلي، سيما وأن الناقلة يعود صنعها لعام 1970. قال:" الإعلام الإسرائيلي تساءل عن احتفاظ الجيش بناقلة قديمة يرسلها للقتال بغزة ويضحي بجنوده، وشن هجوما كاسحاً على رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس حين كان قائدا للجيش بتلك الفترة. واعتبر جعارة أن إعلانا عن تفاصيل مهمة حول ناقلة الجنود بالشجاعية سيكون نقطة الفصل فيما يتعلق بوجود جنود أسرى أحياء أو غير أحياء في يد المقاومة. التبادل قادم مؤكداً أن إسرائيل مقدمة على صفقة تبادل مع المقاومة ليس أقل من صفقة شاليط، سيما بعدما رفضت أسرة الجندي هدار فكرة موت ابنها. وكان القسام أعلن في العشرين من يوليو للعام 2014 عن خطفها للجندي الإسرائيلي شاؤول آرون في عملية نوعية شرقي حي التفاح بغزة، أعلن بعدها الجيش الإسرائيلي بأيام عن فقدان أحد جنوده، ورجح في ذات الوقت أن يكون قد قتل أثناء المعارك التي دارت خلال عدوانه الأخير. وبعد توقف العدوان بفترة كشفت أجهزة الأمن الإسرائيلية وجود أسيرين جديدين لدى حركة حماس داخل قطاع غزة عن طريق الخطأ في شهر سبتمبر من العام قبل الماضي، وتقول إسرائيل: إن إبرهام منغيستو (28 عامًا) من سكان مدينة عسقلان وصل قطاع غزة عن طريق البحر بالخطأ. في حين أن الأسير الثاني من سكان بلدة حورة البدوية في النقب، عندما تجاوز الحدود مع قطاع غزة خلال شهر سبتمبر عام 2014، وجرى القبض عليه فورا من قبل حماس، حيث تم نقله بعد ذلك إلى مكان غير معلوم، ولاحقا جرى إبلاغ عائلته بوقت قصير بأنه أسير لدى حركة حماس وفقاً لما نقله الإعلام الإسرائيلي. الصفقة من جانبه، يرى المختص بالشؤون الإسرائيلية شاكر شبات، أن سلطات الاحتلال فشلت في تغييب قضية الجنود المخطوفين عن الشارع الإسرائيلي، سيما وأن الجيش والحكومة لم يعلنا بشكل رسمي عن وجود مختطفين، وإنما جاءت تصريحاتهم لتؤكد أن المختطفين قتلى في محاولة لطي الملف إعلامياً خوفاً من الضغط شعبي من عائلات الجنود. وأوضح المختص شبات خلال حديثه مع "اليوم" أن تسرب بعض الأخبار من المقاومة الفلسطينية كشفت إلى حد كبير زيف تصريحات مسئولين الإسرائيليين بأن المفقودين قتلى لم تعد مقنعة لعائلات الجنود. وأكد أن الشارع الإسرائيلي وعائلات المفقودين سيضغطان لتنفيذ عملية تبادل أسرى كما حدث سابقاً. واعتبر أن اتساع دائرة الضغط الشعبي الإسرائيلي على الحكومة مرهون باعتراف المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بوجود مفقودين أحياء بغزة، مشيراً إلى أن حديث الأخير مؤشر واضح تجاه ذلك، قائلاً: "إذا كان لدى المقاومة- كما أعلنت في أكثر من مناسبة- جنود أحياء فستدفع إسرائيل ثمنا باهظا لتحريرهم، وإذا كانوا قتلى فستدفع أيضا ثمنا للحصول على جثثهم، وفي كل الأحوال سيكون هناك صفقة وتحرير للأسرى الفلسطينيين".