في بداية العام، كانت مخاوف منتشرة على نطاق واسع من أن الركود كان متجها نحو الولاياتالمتحدة - وفي الواقع، محو بقية العالم. حتى الدراسة الاستقصائية التي أجرتها وول ستريت جيرنال المتفائلة دائما على خبراء الاقتصاد تضع احتمالات الركود في الأشهر ال12 القادمة بنسبة 21 بالمائة، وهو ضعف المستوى المتوقع في العام الماضي والمستوى الأعلى منذ عام 2012. بصورة إجمالية، أعتقد أن التشاؤم إزاء التوقعات الاقتصادية وفي الأسواق المالية كان مبالغا فيه في أوائل هذا العام - لكن كانت هناك أيضا مبالغة في النشوة التي حدثت مؤخرا. في أوائل هذا العام، اعترفت البنوك المركزية الرئيسية وكذلك زعماء العالم بدورهم بالعجز المتعلق بالسياسة النقدية فيما أسميه "عصر تقليص الرفع المالي". لقد دعوا إلى إجراء إصلاحات لسوق العمل وغيرها من الإصلاحات الهيكلية، والإنفاق على البنية التحتية، والمزيد من الهياكل الضريبية المناسبة للأعمال التجارية. بالنسبة للصين، أوصوا بإغلاق الشركات المتعثرة مثل مصانع الصلب الغارقة في القدرة الفائضة، وخفض المخزون الضخم لقطاع الإسكان الفائض. في الوقت نفسه، أبدى المستثمرون قلقهم إزاء بعض الأمور الكبيرة المجهولة بما في ذلك ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيواصل رفع أسعار الفائدة، وما إذا كانت الصين قد تستمر في خفض قيمة اليوان، وما إذا كانت المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبي، وما إذا كان الرئيس الأمريكي القادم سيكون دونالد ترامب من اليمين المتطرف أو بيرني ساندرز من اليسار المتطرف. لم أكن خجولا أبدا من قبل بشأن التنبؤ بالركود عندما تصبح الظروف مواتية، كما فعلت وبشدة خلال فترة فقاعة التكنولوجيا في أواخر التسعينيات وفي عام 2007 عندما بدأ يتكشف الانهيار في القروض العقارية لضعاف الملاءة. لكن في هذا العام، أنا لا أرى ببساطة نقطة انطلاق لحدوث هبوط في الأعمال التجارية (على الرغم من أنني أوافق على أنه إذا انخفضت أسعار النفط الخام حتى تصل الهدف المحدد الذي يتراوح ما بين 10 دولارات إلى 20 دولارا للبرميل، فإن التداعيات المالية الناتجة عن ذلك ربما تعجل في حدوث انكماش اقتصادي عالمي). بدلا من ذلك، أشرت إلى أن حالات الركود الاقتصادي كانت تنتج عادة عن الارتفاعات الكبيرة التي يجريها الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة أو الصدمات الكبرى. بالتأكيد، رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في شهر ديسمبر وخطط لإجراء 4 ارتفاعات أخرى في عام 2016، لكنه كان قد أعطانا معلومات غير صحيحة عدة مرات فيما يتعلق بتسريع النمو وسوق العمل المتآكلة بحيث إنه إن لم يفعل شيئاً العام الماضي، لتعرضت مصداقيته للضرر أكثر. ومن ثم، حدث أمر مضحك في الطريق إلى ذلك الركود المتوقع على نطاق واسع. لم تعمل الصين على تخفيض قيمة اليوان بشكل كبير وتحولت، كما فعلت في الماضي، إلى الإنفاق على البنية الأساسية لدرء خطر حدوث انهيار في النمو الاقتصادي، رغم النتيجة التي يمكن التنبؤ بها بالمزيد من الديون والمزيد من القدرة المفرطة في الإنتاج. ومع التضخم الذي يصل إلى ما دون الهدف المحدد من قبل الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 2 بالمائة والانكماش الذي لا يزال يشكل خطرا، قام البنك المركزي الأمريكي بتقليص خططه المتعلقة برفع أسعار الفائدة. في اجتماع السادس عشر من مارس، قام بتنصيف عدد الارتفاعات المتوقعة في الأسعار لربع نقطة هذا العام إلى اثنين، وقلص توقعاته المتعلقة بالتضخم لنهاية عام 2016 إلى 1.2 بالمائة من أصل 1.6 بالمائة. كان مؤشر ستاندرد أند بورز 500، الذي انخفض بنسبة 5 بالمائة في يناير، آخذا في الارتفاع منذ الأسبوع الثاني من فبراير، وهو الآن أعلى بحوالي واحد بالمائة بالنسبة للعام. حتى مع ذلك، لم يتغير التفاؤل نتيجة العديد من الأسباب التي توجب توخي الحيطة والحذر حيال آ فاق النمو في الشهر الماضي أو نحو ذلك. أولا، من المحتمل أن تواصل أسعار السلع الأساسية انخفاضها لأن نمو الطلب العالمي البطيء يجتمع مع العرض الضخم الناتج عن الاستثمار المفرط في الماضي، وميل العديد من منتجي السلع الأساسية نحو زيادة الإنتاج في مواجهة تراجع الأسعار. وهذا ينطبق بشكل خاص على النفط لأن منظمة أوبك تخوض لعبة قاسية لمعرفة أي المنتجين الرئيسيين سيقوم بخفض الأسعار للقضاء على فائض العرض. ثانيا، لا يزال العالم يتعامل مع الديون الضخمة وغيرها من الاختلالات الأخرى المتراكمة خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات. على سبيل المثال، تراجع مجموع ديون الأسر المعيشية الأمريكية كنسبة مئوية من الدخل المتاح (بعد الضريبة) إلى 104 بالمائة من أصل الذروة التي وصل إليها بنسبة 130 بالمائة، لكنه يظل أعلى بكثير من المعيار السابق البالغة نسبته 65 بالمائة. لقد انتعش معدل الادخار للأسر المعيشية من المستوى المتدني البالغة نسبته 2 بالمائة في عام 2005 إلى 5.4 بالمائة في فبراير، لكنه لا يزال أدنى كثيرا من مستوى فترة أوائل الثمانينيات بنسبة 12 بالمائة والتي أتوقع عودته إليها. علاوة على ذلك، انتهت فترة العولمة التي سادت لثلاثة عقود. حيث قامت بنقل قطاع الصناعة التحويلية وغيره من مجالات الإنتاج من أمريكا الشمالية وأوروبا إلى الصين وغيرها من البلدان النامية الأخرى وقادت النشاط الاقتصادي هناك. لكن بالرغم من أن كل شيء يمكنه الانتقال تحرك بالفعل، لم يبق هناك الكثير من القدرة التصنيعية التي يمكن أن تذهب للتصدير. لذلك، من أعماق اليأس والمخاوف المتعلقة بالركود العالمي في يناير، عاد الأمل وثقة المستثمرين في شهري فبراير ومارس. لكن بصورة عامة، هل حدث أي تغيير جذري؟