حملت مباريات مرحلة الذهاب في طياتها علامات فارقة عديدة ومستويات متقلبة وعدم استقرار.. ومتناقضات ومفاجآت .. وتخبطات متداخلة .. وخلط أوراق.. وكأننا نتابع مسلسلاً تراجيدياً تلفزيونياً توقف عرضه بعد انتهاء الجزء الاول لالتقاط الانفاس وإعادة حسابات الربح والخسارة .. وفرصة للصيانة وإصلاح الاخطاء.. ووضع الامور في نصابها.. والاستفادة من (ماركاتو) الانتقالات الشتوية للاعبين. ويجمع الخبراء والمتابعون على أن مرحلة الاياب الحاسمة لدوري جميل ستكون أعاصير مفصلية بالغة الصعوبة .. والفرق ستستميت من أجل انتزاع النقاط بالقوة .. وعليها أن تدرك أنها ستكون معرضة لتلقي مفاعيل القوة المعاكسة .. ونحن تواقون بشغف وشوق لاستقبال جولة الاياب .. ونعود الآن لنتصفح أبرز عناوين مباريات الجولة (7) المؤجلة والاخيرة من مشوار الذهاب. أمتعنا فريق الاتحاد بأدائه المفعم بالجرأة والشجاعة والروح القتالية والانضباط التكتيكي .. ونجح في تعميق جراح فريق الوحدة بهدفين نظيفين مهدداً حصانة الزعامة بعد تمسكه بمركزه الثالث .. العميد لم يجد صعوبة في كسر دفاعات الوحدة بالهجمات والقذائف .. فيما مارس الوحدة اعتماده على الحقن والمسكنات والترقيع.. والقص واللصق، كلها وصفات وقتية تدل على ضيق الافق .. واستحق الخسارة. وبات فريق التعاون من الاربعة الكبار برصيد (24) نقطة بعد فوزه بجدارة على فريق الشباب .. ونال اعتراف الجميع بقدرته وكفاءته على نحو (يبنى على الشيء بمقتضاه) أما الشباب فكان مرشحاً للفوز على التعاون في الرياض بعد هزيمته النصر.. لكنه عاد إلى دوامة التخبط والانهيار والتوتر .. وأعتقد أن مشاكل الليث أعمق من نتائجه ومستواه في ظل تخبيص لاعبيه. وتابع الاهلي المتصدر إبداعاته وانتصاراته .. وحقق فوزاً سهلاً على فريق القادسية بهدفين .. والراقي كعادته جسد فنونه على نحو لا يحتاج إلى شهود .. فيما واصل فريق القادسية عروضه المتقلبة وغير المقنعة .. فعندما تأتي الخسارة أمام الكبار مثل الاهلي (عالخشم) لكن عندما تأتي من الاضعف فهذا لا يمكن (بلعه) وإلا ماذا يعني تعادل القادسية أمام الرائد ونجران وهجر وخسارته من الوحدة .. هذا التفريط سيندم عليه وإذا لم يتدارك وضعه فإن رياح الحظر تطارده. وقلنا في السابق إن مواجهات القاع الأرجح أن تكون هزيلة بموجب المعادلة المنطقية .. لكن فريق الرائد استفاق من نومه وخرج من القمقم وهزم فريق هجر بالاحساء وفرض عليه الصيام دون فوز، وبهذا الانتصار قرع رائد التحدي ناقوس الانذار بالعودة .. في حين بقي هجر في القاع وأمامه فرصة العمر للنجاة خلال فترة التوقف لإصلاح أوضاعه. والعجز كشف فريق الفيصلي بمستواه المتقلب وكأنه يمتطي أرجوحة (حبة فوق وحبة تحت) مع الاعتذار للمطرب الشعبي أحمد عدوية .. فخسر على أرضه أمام فريق الفتح وهبط إلى المركز التاسع .. وانفضح افتقاده إلى اللمسات الفنية الجماعية .. كما شعرنا بانخفاض الناحية البدنية.. ولم نلمس الحماس والغيرة من لاعبيه وكان السائد (قلة المروءة) في المقابل واصل الفتح انتفاضته وتألقه .. واعتلى المركز الخامس رافعاً راية التحدي أمام الكبار .. ونُذكر بفوز الخليج على نجران 1/3 في نفس الجولة واقيمت في موعدها الاصلي. والواقع يقول إن الحكم الروسي سيرجي كاسييف أفسد بتردده وأخطائه الفادحة دربي الرياض .. حيث كان بمقدور فريق النصر حسم النتيجة ربما منذ الشوط الاول عطفاً على تفوقه وسيطرته واستحواذه لو تقيّد الحكم الروسي بروح ونص القانون وقام بطرد مدافع الهلال ديجاو على خطئه الثاني في أول ربع ساعة .. وكرر الحكم نفس المشهد المشوه قبل نهاية الشوط الاول مع سعود كريري الذي عرقل السهلاوي المنفرد بالمرمى (والقانون صريح وواضح في هذه الحالة) فمنح الحكم نصف الحق للنصر بركلة جزاء وطنش عن نصف الحق الثاني، والأهم بطرد كريري ونَجَم عن ذلك تحول جذري في موازين ومسارات المباراة في الشوط الثاني.. وفرض على أجوائها .. فوزا وخسارة.. وفرحا وغما.. وصعودا وهبوطا .. وتحقيق آمال وفرض احباطات.. أخطاء الحكم الروسي أوجعت النصر وسقته السم الزعاف.. فالاستعانة بمثل هذا الحكم الاجنبي مهزلة، لأنه أضعف من حكام المملكة النخبة.. وأخيراً لابد من القول: مبروك للزعيم وهاردلك للعالمي .. ولابد من الاشارة إلى المجازفة التي ارتكبها مدرب النصر كنفارو في المراحل الاخيرة من المباراة، متوهماً أن الضغط الاهوج وفتح اللعب سيكشف الهلال ويجبره على التراجع والتقوقع فيسهل اختراقه.. لكن فخ كنفارو وقع فيه فريقه ... وإلى اللقاء.