لا شك أن إعلان الرياض المتمخض عن قمة مجلس التعاون الخليجي ال 36 التي انتهت يوم أول أمس، جاء ليترجم حلحلة لملفات شائكة وصعبة: كملف محاربة الإرهاب والتطرف، وملف اليمن، حيث وجه الإعلان بإعمار اليمن بعد التوصل لاتفاق سلام ينهي أزمته، وكذلك الملف السوري حيث شدد البيان الختامي على دعم حل الأزمة السورية سياسيا، وكذلك مساندة الشعب الفلسطيني؛ لمواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم على أرضه ومقدساته. هي ملفات هامة، رأت القمة أنها تمثل زعزعة لأمن دول المنطقة واستقرارها ووحدتها الوطنية، فثمة متغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية تنعكس إفرازاتها مباشرة على دول مجلس التعاون الخليجي، ولا بد لدول المجلس أن تلعب دورا في تسليط الضوء عليها، والبحث عن حلول ناجعة لها، انطلاقا من المسؤولية التاريخية التي تضطلع بها دول المجلس، وهي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية. وقد كانت رؤية المملكة واضحة من خلال ما طرحه قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-، حيث ركز على تعزيز التكامل بين دول المجلس، والاهتمام بالملفات المطروحة أمام الدورة الأخيرة بالرياض؛ للتوصل إلى حلول ناجعة لكل القضايا المطروحة، والخروج برؤية موحدة تجاهها للتوصل إلى تسويتها بما يعود بالنفع والخير على الأمة العربية، وينشر علامات الاستقرار والأمن في ربوعها. والخطوات التي اتخذت كما جاء في نصوص البيان الختامي، تستهدف خير أبناء دول الخليج وتحقيق طموحاتهم وآمالهم المستقبلية، ورؤية خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- انصبت حول تعزيز المكانة الدولية لمجلس التعاون، وتبيان دوره المؤثر في القضايا الإقليمية والدولية، وكذلك دوره في إنجاز الشراكات الإستراتيجية والاقتصادية، بما يعود نفعه على مواطني دول المجلس وعلى المنطقة بأسرها. إن دعم القضايا العربية كما أكد البيان الختامي، ينم عن المواقف الخليجية المشرفة تجاه سائر تلك القضايا، وفي بحثها وتسويتها تركيز على استعادة الأمن والاستقرار المفقودين بفعل ما تتعرض له المنطقة العربية من تحديات صعبة ازاء اشتعال الأزمات في فلسطين واليمن وسوريا، وقد أكد البيان الختامي على أهمية حلحلة تلك الأزمات؛ وصولا إلى تحقيق أعلى نسبة من الأمن والاستقرار للمنطقة العربية. ودعم الحل السياسي في اليمن يمثل خطوة حميدة نحو استعادة هذا القطر العربي العزيز لأمنه واستقراره من جديد، بعد معاناته من الحرب الدائرة حاليا في ربوعه، وقد استعد المجلس بإعادة إعمار اليمن من جديد بعد عودة السلام إليه، وهنأ وصول الأطراف اليمنية إلى الاتفاق على الحل السلمي المنشود، الذي سوف يعيد إلى اليمن وحدته الوطنية المفقودة، ويعيده من جديد إلى حظيرته العربية والدولية. ورؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك، وتعزيز القدرات التي اتخذها المجلس في دورته الأخيرة، هي رؤية صائبة وسديدة، تصب كلها في تحقيق الأهداف الخيرة التي يتمنى تحقيقها كل مواطن خليجي، وتصب كذلك في روافد الخير والعطاء للأمة العربية، بالعمل على تسوية نزاعاتها وأزماتها؛ وصولا إلى تحقيق التضامن العربي المنشود، ووصولا إلى عودة الاستقرار والأمن إلى كافة الدول العربية.