أمام اجتماعات المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته السادسة والثلاثين التي بدأت أمس بالرياض، بدعوة كريمة من قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - ملفات حيوية وهامة يتحتم على القادة بحثها، واتخاذ الخطوات اللازمة لحلحلتها تعزيزا لأمن واستقرار دول منطقة الخليج واسدال موجات أخرى من الأمن والاستقرار على المنطقة العربية برمتها. الملف السوري أضحى شائكا ومعقدا لا سيما بعد التدخل الروسي في مجرياته، والأمل يحدو بخروج اجتماعات المعارضة بالرياض المنعقدة في وقت متزامن مع انعقاد القمة الخليجية بقرارات حاسمة تؤدي الى توحيد فصائل المعارضة تمهيدا للبحث في الفترة الانتقالية التي سوف تؤدي الى حل سلمي للأزمة سياسيا، والتوصل الى هذا الحل يكمن في ارادة السوريين لاعادة السيادة والاستقلال والوحدة الوطنية الى أراضيهم من جديد. والرغبة لدى قادة دول مجلس التعاون فيما يتعلق بالأزمة اليمنية أن ينتهي حلها سياسيا، ولعل الهدنة التي دعا لها الرئيس اليمني لعودة أطراف النزاع لصوت العقل والبحث في دعم مختلف الجهود العربية والاسلامية والدولية لانهاء الصراع القائم في اليمن تكون فرصة أخيرة للميليشيات الحوثية وقوات صالح للوصول الى مخرجات صائبة تنهي الحرب القائمة في هذا القطر العربي وتعيد السلام اليه. ويأمل قادة المجلس في اقامة علاقات سوية تقوم على أسس من الصداقة وحسن الجوار مع إيران، وإقامة تلك العلاقات يحتم على ايران احترام المواثيق الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس ودول المنطقة والعمل على بناء الدولة الايرانية بعد رفع العقوبات عنها، والسعي حثيثا لتسوية وانهاء الصراع القائم بينها وبين دولة الامارات العربية المتحدة بشأن الجزر المحتلة الثلاث. ولعل من بين أهم الملفات المطروحة على جدول أعمال قمة الرياض ملف الارهاب، فهذه الظاهرة الخطيرة ما زال أخطبوطها ممتدا الى دول المنطقة ودول العالم بأسرها، وما زالت تهدد أمنها واستقرارها بأفدح الأخطار، ولا بد من البحث في الوسائل الناجعة لاحتواء تلك الظاهرة من خلال التضافر المنشود مع المجتمع الدولي لدحر كافة التنظيمات الارهابية ومكافحة الفكر المتطرف وصولا الى الاستقرار المنشود لكافة دول المنطقة ودول العالم. والأمل كبير بتحقيق المزيد من التعاون بين الدول الخليجية الست في كل المجالات لا سيما في المجال الاقتصادي تحديدا، فدول المنطقة تتعايش في الوقت الراهن مع تكتلات اقتصادية كبرى، ولا بد بالتالي من استكمال توحيد اجراءاتها الاقتصادية وصولا الى تكوين تكتل اقتصادي خليجي فاعل، وهو أمر من شأنه دعم المسارات الاقتصادية المنشودة بين الدول الخليجية لتحقيق المزيد من رفاهية أبنائها وتحقيق المزيد من أمن واستقرار شعوبها. كما أن الأمل معقود لمواجهة كل التحديات على الساحة الخليجية، وقد حان الوقت ليتجاوز المجلس مرحلة التعاون ويدخل في مضامير مرحلة الاتحاد، وهي مرحلة انتقالية نوعية مهمة سوف تحقق الخير لأبناء دول المجلس، وتترجم مختلف المشروعات الاتحادية التي يطمح لها الخليجيون ويأملون في تحقيقها، ومن شأن هذا الاتحاد أن يتحول الى قوة سياسية واقتصادية واجتماعية فاعلة في ظل الظروف والتحديات التي تواجهها دول المجلس.