إقبال كبير تشهده المحلات التجارية مع دلوف موسم الشتاء وبرودة الطقس لا سيما في المحلات ذات العلامات التجارية الكبرى التي تتسابق فيما بينها لتقديم الخصومات الوهمية وبنسب متفاوتة تصل إلى 75% ليبدأ الزحام في تلك المحال التجارية والتي تسعى لتصريف مخزونها- والذي قد يكون من العام الماضي- ما يغري بعض ضعاف النفوس لترويج إعلانات تسويقية غير صحيحة، ولا تعكس واقع سعر السلعة الحقيقي وسعرها بعد التخفيض ما يتطلب رفع درجة الوعي لدى المستهلكين بعدم الانسياق لهذه التخفيضات، ومع الجهود التي تبذلها وزارة التجارة والصناعة في ملاحقة المحلات المخالفة بسبب تكرار مخالفات بطاقة السعر وتقديم إعلانات تسويقية مضللة، إلا أن ظاهرة التخفيضات الوهمية التي تتحايل بها بعض المحلات التجارية لجذب المتسوقين مازالت منتشرة وبكثرة. أصحاب تلك المحلات هم مواطنون ولا أعلم لماذا في كل موسم (موسم الأعياد، موسم المدارس، موسم الصيف، موسم الشتاء) يبالغون في كسب الأرباح ومع تفهمي للصعوبات التي يعيشها بعض التجار وكساد الحركة التجارية وانتشار التجارة الموازية الالكترونية وتراجع المقدرة الشرائية للمواطن السعودي عموما إلا أن سلوك بعض التجار بالإعلانات المضللة التي تندرج تحت غطاء الغش التجاري له أثر سلبي على المستهلك ويفقد السوق مصداقيته بعد أن أصبحت ظاهرة التخفيضات الوهمية أداة للكسب غير المشروع إلى جانب ضعف الوازع الأخلاقي والرقابة الذاتية لدى البعض ما يتطلب من وزارة التجارة تكثيف أعداد المراقبين في الفترة الحالية لإيقاف مثل هذه الممارسات ومضاعفة قيمة الغرامات المالية تجاه المحلات المخالفة، بعض التجار يطبق المثل «التجارة شطارة» وهي كذلك، لكن بعض الشطارة كذب واستغفال وظلم للمستهلك، مشكلتنا أن التجار يعلمون أن المستهلك يعجبه أن يقدم له خصم من سعر السلعة التي يرغب شراءها، وأن الخصم كلما كان كبيرا كان أكثر إغراء للزبون بالشراء وكانت الخصومات في السابق تقدم للزبون حسب شطارته في المفاوضة أو (المكاسرة) و(المفاصلة)، وأحيانا حسب ظروف التاجر ورغبته في التخلص من سلعة نهاية موسم أو لزيادة المبيعات بسبب الركود. منذ فترة ليست بالقصيرة ظهر نوع من الخصومات الدائمة على بطاقات السعر وهي ثابتة لجميع العملاء على حد سواء، طلب خصم أو لم يفعل وفي كل وقت، والهدف هو عدم إعطاء الزبون فرصة للمفاصلة في السعر، بحيث يحصل التاجر على السعر الذي يريده بالضبط، والخصم الذي قدم للزبون ما هو إلا زيادة في سعر السلعة تم وضعها لتخصم فيما بعد لإرضاء الزبون وإسكاته، والخصم ليس حقيقياً وقد بدأت تنتشر لتشمل كل السلع التي لا تعرف قيمتها الحقيقية في السوق، إما لأنها محتكرة، أو لشدة تباينها وكثرة أصنافها وتنوع مستوياتها وبعض البائعين وصلت بهم الجرأة في هذا الأمر أن ينتهي سعر البيع إلى أقل من 30% من السعر الذي وضع على السلعة دون أن يشعروا بأنهم يستغفلون الزبون بهذه الطريقة ويفقدون ثقته في بضاعتهم وأسعارهم. وبعض المحلات لديها خصومات لا تقل عن 75% طوال العام، فهل يعقل هذا؟ لو لم تكن تلك الخصومات وهمية وعلى المستهلك تحديد احتياجاته واولوياته ولا ينخدع بهذه الاعلانات الوهمية وأن يكون واعياً لأساليب التجار، ولا أتوقع أن يغلب الزبون التجار، لكن أن يخفف قدر الإمكان من استغلالهم له، والحقيقة الغائبة عنا جميعاً أن العيب ليس في التجار ولكن في الناس الذين مجرد ما يسمعون أو يقرأون عن خصومات يتسابقون للشراء بدون تعقل، يشترون ما يحتاجونه وما لا يحتاجونه.