إليكم طريقة لطيفة لمفاجأة الزملاء: اسألهم عن أي جزء من العالم الذي كان يمتاز بأسرع نمو اقتصادي على مدى السنوات العشر الماضية. وأي الحكومات والبلدان التي تمتعت بأعظم عائدات استثمارية من بين الأسواق الناشئة في العالم. بالطبع، لن يتوقع أي أحد بأنك تتحدث عن إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. خلال السنوات العشر الماضية، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لأكبر 11 بلدا في جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 51 بالمائة، أكثر من ضعفي النسبة العالمية البالغة 23 بالمائة وتقريبا أكبر بأربع مرات من التوسع في الاقتصاد الأمريكي، أكبر اقتصاد في العالم، البالغة نسبته 13 بالمائة،، وفقا لبيانات جمعتها بلومبيرج. هذا التوسع القوي كان مصحوبا بالتضخم الباعث على الاستقرار في القارة الإفريقية، مع تراجع مؤشر الأسعار الاستهلاكية لكل إفريقيا إلى 7.8 بالمائة، بعد أن كان أكثر من 13 بالمائة في عام 2008، وبقاء مؤشر الأسعار الاستهلاكية للقارة أقل من 8 بالمائة منذ عام 2013، بحسب ما تظهر بيانات بلومبيرج. هذا الاقتران الذي يجمع بين النمو السريع والتضخم الآخذ في الانخفاض يثبت بأنه إغراء لا يقاوم للمستثمرين العالميين، الذين شهدوا الاتجاهات المعاكسة وهي تؤذي أكبر بلدان الأسواق الناشئة، أي البرازيلوروسياوالهند والصين. للحصول على دليل على حماس المستثمرين، لا داعي لأن تنظر أبعد من كينياونيجيريا، اللتين فاق أداء سنداتهما الحكومية أداء معظم السندات في العالم. خلال السنوات الخمس الماضية، كان للسندات الصادرة من قبل الدولتين إجمالي عائدات (الدخل مع ارتفاع قيمة العملات المحلية بعد تحويلها إلى الدولار الأمريكي) بلغت 56 بالمائة و40 بالمائة على التوالي، وفقا لبيانات بلومبيرج. على سبيل المقارنة، قدم مؤشر السندات الحكومية للبلدان المتقدمة عائدا بنسبة 2 بالمائة (بما يعادل الدولار) خلال السنوات الخمس الماضية، وسلة مشابهة من سندات الأسواق الناشئة التي بلغت نسبة عائداتها 12 بالمائة. عندما يتم مقارنة سندات الحكومة المعيارية ل 32 بلدا في الأسواق الناشئة منذ عام 2010، تكون كينياونيجيريا من بين أعلى خمس دول، بحسب ما تظهر بيانات بلومبيرج. من بين الدول الأقل أداء: خسرت روسيا 36 بالمائة، وفقدت البرازيل 29 بالمائة، وكولومبيا 26 بالمائة وتركيا 23 بالمائة. أما جنوب إفريقيا فهي الدولة الخاسرة الكبيرة الوحيدة من بين بلدان جنوب الصحراء، ومعظمها بسبب عملتها، الراند، حيث تراجعت بنسبة 51 بالمائة. يمكن تفسير جزء من التوسع في إفريقيا من خلال النمو السكاني المتفجر. منذ عام 2000 ارتفع عدد سكان البلدان ال 11 الأكبر في جنوب الصحراء، المقاس بحسب الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 41 بالمائة، إلى 634 مليون، أو أكثر من ضعف عدد السكان في الولاياتالمتحدة البالغ عددهم 318 مليون نسمة، وفقا لبيانات جمعتها بلومبيرج. خلال الفترة نفسها، توسعت الهند بنسبة 23 بالمائة، والعالم بنسبة 18 بالمائة، والولاياتالمتحدة بنسبة 13 بالمائة، والصين بنسبة 7 بالمائة. هذا الاتجاه الديموغرافي لن يهدأ قريبا ببساطة لأن الأفارقة في جنوب الصحراء هم في سن الشباب. في نيجيريا، على سبيل المثال، هنالك ما نسبته 43.7 بالمائة من السكان ممن هم تحت سن الخامسة عشرة. في كينيا، تبلغ نسبتهم 42.1 بالمائة، وفي غانا 35.3 بالمائة، وفي جنوب إفريقيا 28.3 بالمائة. أما المتوسط العالمي فهو 25.8 بالمائة. تبلغ النسبة المئوية للنيجيريين ممن هم فوق سن الخامسة والستين 3 بالمائة، مقارنة مع نسبة 14.5 بالمائة في الولاياتالمتحدة، و8.3 بالمائة بالنسبة للعالم ككل، وفقا لبيانات بلومبيرج. لذلك فإن المستثمرين العالميين يركزون على المستهلكين الجدد في المنطقة، الذين ساعدوا الصناعات الرئيسية الخمس هناك في أن تتفوق على أقرانها في الأسواق الناشئة منذ يونيو من عام 2014، عندما بدأ النفط بانخفاضه الذي بلغت نسبته 58 بالمائة. فاق أداء قطاع الصناعة المالية في جنوب الصحراء أداء نظيراتها من الأسواق الناشئة بنسبة 11 بالمائة، وحققت الشركات الاستهلاكية التقديرية (أي التي لا تبيع سلعا أو خدمات أساسية) تفوقا بنسبة 18 بالمائة، وشركات اللوازم اليومية الأساسية بنسبة 5 بالمائة، والمواد بنسبة 16 بالمائة. فقط شركات الطاقة كانت الخاسرة، حيث كان أداؤها أدنى من غيرها بنسبة 0.5 بالمائة. تشمل شركات جنوب الصحراء 200 شركة في البورصات الرئيسية السبع، مع الحد الأدنى من القيمة السوقية للشركة هو في حدود 200 مليون دولار: جنوب إفريقيا ونيجيرياوكينيا وبوتسوانا وزامبيا وغانا ومالاوي. تبلغ الرسملة السوقية لها الآن 533 مليار دولار، أكثر من القيمة السوقية للبرازيل البالغة 505 مليارات دولار وأقل من القيمة السوقية لإيطاليا البالغة 637 مليار دولار. سجلت شركات التكنولوجيا أعلى معدل من العوائد، بنسبة 10 بالمائة. إذا لم تقتنع حتى الآن، انظر إلى نيجيريا. يشكل النفط 90 بالمائة من تجارتها العالمية، ويشكل تقريبا 35 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المعروف أن أسعار النفط الخام أصيبت بالانهيار مؤخرا. أخفقت العملة النيجيرية في الانتعاش من الانهيار الذي أصابها في أواخر العام الماضي. مع ذلك المستثمرون العالميون، الذين اقتنعوا بأن نيجيريا تنطوي على إمكانيات تفوق كثيرا ما لديها من السلع الأساسية، يدفعون أسعار سنداتها إلى الأعلى. يبدو أننا نستطيع أن نقول الشيء نفسه عن نصف القارة.