ما رأيكم في هذه الكارثة المحتملة: يراهن المتداولون على أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يرفع أسعار الفائدة بشكل متواصل تماما في الوقت الذي تواجه فيه الشركات اندفاعا متسارعا في تواريخ استحقاق السندات. وفي حين أن أسعار الفائدة كانت قريبة من الصفر منذ 2008، وهو ما مكَّن الشركات من اقتراض تريليونات الدولارات بأسعار فائدة رخيصة نسبيا، إلا أن متداولي المشتقات يراهنون على أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يرفع أسعار الفائدة المرجعية إلى 1.83 بالمائة بحلول نوفمبر 2018، بحسب بيانات من تجميع بلومبيرج. في العام الحالي وحده، لدى الشركات ذات السندات الخطرة ما قيمته 200 مليار دولار من السندات التي اقترب تاريخ استحقاقها، وفقا لبيانات من تجميع بنك باركليز. يبدأ جدار تواريخ استحقاق السندات بالانحدار من تلك المرحلة. سوف يستحق على الشركات أكثر من تريليون دولار من السندات واجبة السداد في السنوات الثلاث التي تلي ذلك، حسب البيانات. وقد أصبحت الأسعار مكلفة منذ الآن بالنسبة للشركات ذات التقييم الائتماني المنخفض من حيث إعادة تمويل فواتيرها، حتى مع وجود أسعار الفائدة في مستوى قريب من الصفر. ارتفع متوسط العوائد على السندات الخطرة إلى 7.9 بالمائة، بعد أن سجل رقما متدنيا قياسيا عند 5.7 بالمائة في يونيو 2014. أفضل السيناريوهات هو الذي يتصور أن الاقتصاد سوف يتسارع بصورة قوية للغاية، ما يسمح لهذه الشركات بتسديد ديونها للمستثمرين بدون الوقوع في المزيد من الديون، بصرف النظر عن الإجراء التي سوف يتخذه الاحتياطي الفدرالي. لكن أسوأ السيناريوهات يتصور أن المستثمرين ربما يرفضون إقراض المزيد من المال إلى تلك الشركات، التي سوف تضطر في هذه الحالة إلى تسريح العاملين وإشهار إفلاسها، وهو ما يمكن أن يدفع بالولاياتالمتحدة مرة أخرى إلى هوة الركود الاقتصادي. بطبيعة الحال، ربما يتبين أن تنبؤات متداولي المشتقات غير صحيحة وأن الاحتياطي الفدرالي ربما ينتظر فترة أطول لدفع أسعار الفائدة إلى الأعلى. قال مسؤولو أقسام البنك المركزي في الولاياتالمتحدة إنهم يعتزمون إبقاء أسعار الفائدة منخفضة نسبيا لفترة أطول، لأنهم لا يتوقعون أن يرتفع التضخم بصورة حادة في المستقبل القريب. وبصورة عامة يتفق معهم في ذلك متداولو السندات. العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 سنة هي الآن عند مستوى 3.1 بالمائة، مقارنة مع 4.8 بالمائة في المتوسط على مدى العقدين السابقين. يراهن متداولو العقود الآجلة على أن هناك فرصة تزيد على 20 بالمائة في أن الاحتياطي الفدرالي سوف يرفع أسعار الفائدة إلى ما فوق 1 بالمائة بحلول هذا الوقت من العام القادم، بحسب بيانات بلومبيرج. هذا يمكن أن يخلق حالة من الاضطراب. لنفرض أن العوائد على السندات الأمريكية المأمونة تبدأ بالارتفاع بشكل متواصل، بصرف النظر عن استمرار التحفيز النقدي في أوروبا والصين. ما لم يفاجئ الاقتصاد الأمريكي الجميع ويتسارع بدون مساعدة النمو القوي في البلدان النامية، فما الذي يمنع المستثمرين من الغوص في سندات الخزانة الأمريكية؟ بإمكانهم في الواقع تحقيق عوائد فعلية، على خلاف ما حدث في السنوات التي تلت الأزمة، حين تراجعت العوائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى مستوى 1.4 بالمائة. لن يكون لدى المستثمرين حافز لصب أموالهم في سندات الشركات الخطرة ذات الرفع المالي العالي، تماما في اللحظة التي تحتاج فيها هذه الشركات أكثر ما يمكن إلى أموالهم. وحتى لو كان لدى المستثمرين ميل لشراء سندات هذه الشركات، فإنهم بالتأكيد سوف يطالبون بعلاوة كبيرة، ما يدفع إلى الأعلى بتكاليف الاقتراض المترتبة عليها. من الناحية التاريخية، يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة المرجعية من أجل ترويض التضخم والحيلولة دون أن ينفلت النمو من عقاله. لا يبدو أن الاقتصاد الأمريكي في وضعه الحالي معرض لخطر التسارع الشديد. إذا كان متداولو المشتقات مصيبين في توقعاتهم، فإن الاحتياطي الفدرالي يمكن أن يجعل الأوضاع تتجه على مسار يؤدي إلى اصطدام مؤكد مع دورة متعمقة من حالات الإعسار والإفلاس.