المضي في سبل معترك الحياة والمغامرة فيها لهو من اشد ما يقوم به المرء تألقا فيما يبتغيه والسعي وراء الى كل ما هو محمود والذي تكسوه الرجاحة والذى نقيضه فداحة، وهو ما يسمى بالصعود أي الارتقاء الذي ليس هو في كل شيء فهناك منه بناء مجد امة وآخر فيه معول للهدم من خلال أناس يجولون طرقا ضيقة مظلمة متعرجة تكبدهم العناء الكثير لاصرارهم الخاطئ الذي يقودهم الى من تهواه نفوسهم الخاوية من الفكر السليم في فعل ما هو مزر خلج في صدورهم، بأن السيئ حسن مصداقا لقول الله تعالى (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا) آية 8 فاطر. بل ان ذلك هلوسة تجيش في ادمغتهم وغياب بصر حاد عن جادة الطريق السوي وبصيرة عما وقع فيه وهو السباق الى الصعود الوهمي انما هو في الحقيقة تحول سفلي ومناعة مكتسبة مصابة بالتسمم الذي قال فيه د- غايستون دروفيل (المتسمم يشعر ويبصر من خلال السموم التي تسري في كيانه). لان التمادي بالصعود مآله الهوى في الحضيض نتيجة غياب الضمير الحي (وهو الصوت الذي يخبرك بأن احدا ينظر اليك وانت لا تراه يقول لك قف عما هو ممنوع اجتيازه) الذي جعله الفيلسوف اليوناني سقراط (انه أي الضمير مرجع واساس لاخلاق الانسان). لكن الحمى التي تغلي في داخل فئة الصاعفليسيين تلجم أفواههم عن القول والفعل الصائب الى ما هو ممقوت للكف عنه وازدرائه، كالتبجح بالمجاهرة للغير لما بدر منه ليلا او نهارا بأني فعلت كذا وكذا وقد ستر الله عليه دون ان يعبأ بما قاله رسول الله صلى الله وعليه وسلم (كل أمتي معافى إلا المجاهرين). بذلك يطمئن نفسه بانه جدير بما اقترفه بينما ليس أهلا لفكره الهابط بل هو عين الحقيقة العمياء بالغلو في الصعود الخاطئ في مناحي الحياة التي تعج بالاقتصاد في جميع موارده التي يروج لها اصحابه بالجودة والدعاية الكاذبة، وما هو معروف بالغش التجاري ورفع الاسعار الذي مآله الكساد او بقدرة قادر يأتيه قدر الله فيكون اثرا بعد عين كالزبد الذي يذهب جفاء بسبب ما عانق السماء، فما لبث ان وقع بالارض كالطير الذي قيل فيه (ما طار طائر وارتفع الا كما طار وقع) وذلك لتصدي الريح له ولعدم قدرته على المقاومة وما الى ذلك من الامور لا حصر لها ومنها ان تكون ملزمة لمعرفة ما يعانيه انسان ما. من اعتلال في صحته حينها تكون المبادرة الى تدخل اجهزة طبية للكشف عما يعانيه من ارتفاع درجة الحرارة او الضغط او السكري او ارتفاع مؤشر المركبة بسبب رعونة قائدها، فتلك المؤشرات الآخذة بالارتفاع تنذر بالصعود الى الاسفل الذي يعني نهاية حتمية للحياة، اذن علينا الا نكون من تستهويه الاغراءات التي تقول عليك بالارتقاء المحموم بالمخاطر الذي هو من فصيلة الوهم لا يرى منه الا السراب، مما يوحي للظمآن بأنه ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا والتمسك بالحقيقة التي هي منتهى الشيء وعلينا التمسك بالبقاء متى ما اراد الله لنا بالفناء. نذالة قال الشاعر راشد حسين : قالوا القنابل عبقري صاغها صدقوا ولكن عبقري سافل