في حياتنا نضطر إلى اتخاذ القرار تلو القرار على المستوى الشخصي والعام، وعندما يتخذ الفرد أو الأمة قرارا أو قرارات فإن الانطباع السائد لديهم يوحي بصحة القرار أو القرارات ليثبت لنا الزمن على المستوى الشخصي والتاريخ على مستوى الأمم صحة القرار من عدمه. ولو استعرضنا نجاحات الأشخاص وتاريخ الأمم وسقوط الدول وهزائم الجيوش لوجدنا أن هناك قرارات حاسمة كانت هي السبب حتى لو لم يكن الطرف الآخر هو الأقوى. والحرب العالمية الثانية مليئة بالشواهد التي أثرت في نتائج المعارك وغيرت التاريخ. كثيرا ما نسمع جملة لو عاد بي الزمان لفعلت كذا أو لما فعلت كذا، إما لتبرير ضياع فرصة أو للتخفيف من آثار القرار الخاطئ. ولكن الحقيقة المرة أنه لو عاد به الزمن لفوت ذات الفرص واقترف ذات الأخطاء، ثم عاد لتكرار ذات العبارة. يقرر القرآن الكريم هذه الحقيقة في الرد على الكافرين عندما رأوا العذاب رأي اليقين فطلبوا من الله أن يردهم إلى الحياة الدنيا ليجيبوا دعوة الله ويتبعوا الرسل ويعملوا صالحا ويجعلون الذين أضلّوهم من الناس تحت أقدامهم. يقول تعالى في حق من طلب العودة ليعمل غير الذي كان يعمل بعد أن رأوا العذاب "بل بدا لهم ماكانوا يخفون من قبل ولو رُدُّوا لعادوا لما نُهُوا عنه وإنهم لكاذبون" الأنعام 28 ولهذا فالتمني ليس الحل لاغتنام الفرص وتجنب القرارات الخاطئة. إنما يكمن الحل في عدة خطوات أساسية لابد من توفرها: المعرفة الاستماع للآخرين فرُبَّ كلمة من شخص عادي تفتح آفاقا لم نفكر فيها يوما. الاستشارة وبالذات أهل الرأي والتخصص والاستفادة من التجارب والخبرات الناجحة. المراجعة الذاتية ومحاولة استقراء "السيناريوهات" التي ستنتج عن قراراتنا سلبا وإيجابا. الاستماع للنصح فإن كان فيه خير أُخذ به وإن لم يكن طُرح جانبا. ثم العزم بعد ذلك والإقدام بدون تردد فما يتاح اليوم قد لايتاح غدا. أو كما تلخصها جملة "إن لم نضغط الزناد فلا جدوى من ملء بيت النار بالرصاص" بالطبع كلنا يعتقد أننا نحسن صنعا، ويتفرغ لنقد سواه. فما هي الحقيقة يا ترى؟ الحقيقة أن بعضنا يحسن صنعاً ومثل هؤلاء نحتاجهم. وبعضنا بين بين، وهم من يحتاجون إلى الإصغاء. وآخرون أفعالهم من سوء إلى سوء. المصيبة أن البعض لايدرك سوء عمله بل يراه حسنا من وجهة نظره ويسوق لذلك الحجج ويدافع عن خطئه. هؤلاء لاينفع معهم نصح ولا نقد ولا توجيه. وقد ذمهم الله في كتابه الكريم. "أفمن زُين له سوء عمله فرآه حسنا"فاطر8 "أفمن كان على بينة من ربه كمن زُين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم"محمد14.