علمت أن ليس للرمل موسم حصاد.. ولن اجمع الهواء في يدي.. وأدرك أن الغيمات تهرب من لفحات الشمس.. والاشجار تفزع من رغبات الرعد.. في لحظات غريبة.. لا تعرف إلا لغة الدهشة.. وحديث الذهول.. أتستجيب الوجوه؟ أم تستيقظ أذهان وتختمر كل فكرة.. وتستعمر معالم الانتظار؟ أهو دوران إحساس في زوايا ممكنة؟ أهي شهقة أصابع خمس؟ أم عويل أجراسي؟ دعونا نبدأ الرنين بشذرات مني تاهت هنا أو هناك: تغرق أمنية جميلة في قلب بريء حين تطفو أكذوبة في لسان قبيح.. وينتهي حلم نبيل حين تبدأ الغيرة. قصة "الكل" تبدأ حين تقول: الكل يميل.. فتميل معهم.. هذا ليس مبررا.. وهذا لا يجعلك تميل معهم.. بل هي فرصة لكي تمشي معتدلا حتى لو مال ظلك. وحين تقول: الكل يخون.. ليس عذرا أن تخون معهم.. فترمي الأمانة.. وتغتال دينك.. وأخلاقك.. فالكل يحاسب فردا. وحين تقول: الكل يكذب.. ليس مسوغا.. أن تكذب معهم.. فصدقك يميزك عن "الكل" الذي تذكره. مؤكد أننا سنرى كل الطرق ملتوية حين تكون النوايا مائلة.. وسنجد كل السبل منحدرة حين تكون العقول متعالية. لم تسأل الزهرة ما المقابل الذي سآخذه من تلك النحلة التي تسلب كل رحيقي مجانا.. تظل صامتة تعطيها الرحيق بكرم.. ولم تتوقف.. كيف نصف ذلك؟ هل للنبات أخلاق أم للنحل سلوك فقط؟ قيمتك لا يرفعها كثرة الحديث عن نفسك.. بل يرفعها حديث غيرك عن فعلك الجميل. حريصا.. قضى هو في صالون الحلاقة خمسين دقيقة يزيّن مظهره.. وحين نطق.. حمقا.. في خمس ثوان أفسده. حين تريد أن تستبرئ لأخلاقك يتوجب أن تتهم نفسك دوما.. فلا تجعلها آخر المتهمين ولا أول البريئين.. واحرص على أن تسامح غيرك ولا تسامح نفسك لتكون متصالحا معها. البعض يضع له قانونه الداخلي، ومسوّغه الذاتي فهو يريد الكثير بقليل.. والبعض الآخر يفعل كل شيء ممكن وغير ممكن لأجل شيء لا يمكن، ويردد طربا "الدنيا تبغى كذا". لترتاح.. دوما.. أنصت لصوت عقلك.. وأصغِ لحديث ضميرك.. وسد َّ قلبك عن ضجيج هواك.. لترتاح لا تفتعل ما ليس داخلك.. ولا تظهر ما لا تشعر به.. ولا ترسم على وجهك غير إحساسك الصادق. مؤكد أن الكل سيسمعون ما تقول.. ولكن أقربهم لك من يسمع ما لم تقل.. وأكيد أن الكل سيرى ما تفعل.. ولكن أدناهم منك من سيرى ما تحس به.. وطبيعي أن الكل قد يرى جرحك الظاهر ولكن قلة سيشعرون بألمه. في الحب كل شيء صدق.. وفي الصدق كل شيء حب.. فالقيم تنمو في كل العواطف.. والمشاعر تكبر في كل القيم. حتى لو تعطلت كل الساعات في الدنيا.. فالوقت سيمضي.. فالأزمنة لا تموت في موانئ الساعات بل تضيع بين أيدينا. البعض كلما مشى يتعثر بقلبه غير السليم ولا يكاد يرضى.. تقول له: استمتع بذكر الله وشكره.. واطمئن ونقِ فؤادك.. وأحسن الظن.. وتفاءل.. وابتسم.. وتؤكد عليه: احبس نفسك في الرضا فأنت لا تستطيع أن تهرب من قدرك.. يرد عليك بغفلة: هاااه. في جدل الباطل إما أن تقول رأيك لأحدهم فيبغضك.. أو يقول رأيه لك فتبغضه.. ونتذكر أكثر الناس للحق كارهون. تأمّل.. لستَ مضطرا أن تطفئ غيرك لتنير ذاتك.. انتبه.. لا تذب نفسك لكي تصلب الآخرين.. واتعظ لا تحاول أن تكبر على إصغار الغير. قولة "عطه جوّه".. "خذه على قد عقله" "خذ وخل".. عبارات ليس فيها معنى ولا ذوق.. لم لا نكون صادقين شفّافين صريحين.