اللافت هو المكابرة الفادحة الثمن التي يمارسها عبدالملك الحوثي زعيم عصابة الميلشيا الأشهر في اليمن، وعلي عبدالله صالح المخلوع الذي تنكر لوطنه ولكل ما فعلته دول مجلس التعاون من أجله، واتبع شهوة الانتقام. عبدالملك الحوثي أطلق عبارات مكابرة عن الصمود والقدرة وشحذ همم مقاتليه الذين أودت بهم سياساته قصيرة النظر وطاعة إيران العمياء إلى أتون النيران وجحيم الحروب. والغريب أنه كلما غرق الحوثي أكثر في سوء أعماله مني بهزائم جديدة، يتحدث بلسان الأبطال، فيما تفر ميلشياته من مواقعها في جنوب اليمن وفي تعز. وكان الأجدى بعبدالملك وصالح أن يسعيا إلى انقاذ ما يمكن انقاذه والاعتراف بفشل خططهما واستراتيجية معلميهما في طهران، والجنوح إلى السلام واعطاء كافة الضمانات التي تمنع الحوثي وصالح من ارتكاب أية اعتداءات أو محاولات انقلاب ضد الشرعية في اليمن. وحتماً سوف تتوقف الحرب يوماً، خاصة بعد أن تلقى المعتدون الحوثيون هزائم ودروساً قاسية، وحتماً سوف يتعهد الحوثيون التزام السلام. ويتعين على المملكة ودول التعاون التي لدغت من الحوثيين وعلي عبدالله صالح، ألا تقبل بمجرد إعلان تلفزيوني للحوثي أو لغيره بالجنوح إلى السلام، وإنما تطلب ضمانة قوية ودائمة بأن الميليشيات التابعة لعبدالملك والمخلوع لن تكرر الخديعة والانقلاب مرة أخرى وإثارة الاضطرابات في اليمن. وأولى هذه الضمانات أن يسلم الحوثيون أسلحتهم إلى الحكومة الشرعية اليمنية ويمتنعوا عن اقتناء أي سلاح غير فردي، وأن تنزع الأسلحة من جميع الاحزاب، وأن تكون الأسلحة الحربية في اليمن في عهدة الدولة اليمنية، لتفادي سوء الاستخدام أو الحرب الأهلية. ويجب نزع أسلحة الحوثيين لضمان الاستقرار في اليمن وأمان الحدود السعودية لأن كلا من اليمنيين والسعوديين قد اكتووا بخدائع الحوثي مرتين، فقد هاجم الحوثيون الحدود السعودية واعتدوا على قرى عام 2009، وبعد أن دكت مواقعهم وتلقوا هزيمة ساحقة، تعهدوا بألا يعتدوا على المملكة بضمان سلامة أراضيهم. ولكن منذ أن احتل الحوثيون صنعاء في سبتمبر الماضي عاد الحوثيون إلى تهديد المملكة واستعراض الأسلحة الهجومية والصواريخ وأعلنت وسائل إعلام وتابعون لهم صراحة أنهم ينوون مهاجمة الأراضي السعودية، وتكررت نفس التهديدات من إيرانيين وعراقيين موالين لإيران يتحدثون بلسان الحوثي ونواياه، فاضطرت المملكة لقيادة تحالف عربي والتدخل لإعادة الاستقرار إلى اليمن ومنع الحوثيين من تهديد المملكة. وهذا يعني أنه إذا لم ينزع سلاح الحوثيين فإن احتمالات تكرار عدوانهم على المملكة وإثارة الفتن في اليمن قائمة، بل إن حتى التعهدات التي يلتزم بها الحوثيون غير ذات جدوى لأنهم موظفون لدى إيران ولا يملكون الإرادة الحرة للامتناع عن العدوان إن لم يتلقوا أوامر من طهران.. لهذا فالضمان الأقوى هو نزع سلاح الحوثيين وليس الاكتفاء بتعهدات لا قيمة لها ويجدون ألف سبيل لانتهاكها وأعذارهم جاهزة من الآن.