في ظل التحول الرقمي في حياتنا، والتسارع المعرفي والعلمي الذي بات يحيط بنا ويشكل حياتنا، أصبح من العناصر المكملة لحياتنا وجود ما يمكن أن نطلق عليه السوق الالكترونية. لقد شكلت الأسواق لب التجارة وهذا هو الحال منذ آلاف السنين، إذ تتمحور هذه المساحات حول جمع التجار والمستهلكين لبيع وشراء السلع والخدمات. وقد تطورت الأسواق من مساحات يلتقي فيها التجار حسب الموسم في العصور القديمة الى مواقع جغرافية دائمة مثل سوق خان الخليلي في القاهرة، وسوق الحميدية في دمشق، ومراكز التسوق الحديثة. فلطالما كانت هذه الأسواق جوهر الرخاء الاقتصادي للمدن والدول التي كانت فيها. وأدخل الإنترنت بعدا جديدا للأسواق مما سمح لشركات ناشئة ريادية أن تبني وتتملك أسواقا عامة ومختصة تدور حول جمع البائعين والمشترين على منصة تكنولوجية وتسويقية. لقد حدثت خلال الفترة الأخيرة العديد من التطورات الهامة الكبيرة في تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، أدت إلى تغيير طبيعة ونمط الحياة الاقتصادية لكافة المستهلكين سواء في الدول المتقدمة أو النامية على حد سواء، فقد أصبح بإمكان المستهلك اليوم أن يتسوق ويتم كافة تعاملاته التجارية والمصرفية من المنزل، وأصبح بإمكانه أن يعمل ويدفع إلكترونيا عن طريق الحاسب بدون جهد، فقد كان للتقدم الإلكتروني الكبير والسريع الأثر على عملية ربط العالم بشبكات إلكترونية جعلت منه خلية مترابطة بشكل قوي. لكن هذه الشبكة فور ظهورها رافقتها موجات كبيرة من الخروقات والاعتداءات غير المتوقعة، الأمر الذي تسبب في بروز العديد من الأشكال الجديدة من الجريمة والاحتيال والغش، مما أدى إلى نشوء محاولات نشطة للبحث عن الوسائل والأساليب الكفيلة بالحد من تلك الخروقات والاعتداءات، ومن ثم مكافحة الغش والاحتيال المرافق لها. والسوق الالكترونية، عبارة عن مواقع على الانترنت تعمل كوسيط بين البائع والمشتري وتعرض على صفحتها صورا للسلعة ومميزاتها وصفاتها وكذلك السعر المطلوب. وذلك يتم في كافة السلع التي يمكن شراؤها ومن أي مكان في العالم. صعود وبروز التجارة الإلكترونية حولت جذريا طريقة العالم في تسيير الأعمال على مستوى لا يمكن تخيله من أصغر الشركات الصغيرة التي قامت باتخاذ خطوة أولى مترددة في السوق على الانترنت لخفض ودفع المنافسة العالمية، حيث ان أكبر اللاعبين بالانترنت يتنافسون للسيطرة على السوق. الاهمية المتزايدة للسوق العالمية تقود تدريجيا الى انتسار الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة النقالة، فضلا عن تولفر خدمة الواي فاي المتزايدة باستمرار، وليس فقط داخل المنزل، ولكن أيضا في المناطق العامة، مثل المقاهي، مراكز التسوق ومحلات التجارة التقليدية. وتتضافر هذه العوامل معا لخلق بيئة مما يسهل عمليات الشراء عبر الإنترنت في أي وقت تقريبا وعمليا في أي مكان. ان الاستراتيجيات العالمية للتجارة الإلكترونية تشمل الاستثمار الكبير في التقنيات الرائدة التي تتجه لمواجهة مخاطر الاحتيال. مما يقلل المخاطر الأمنية بجميع أنواعها، وظهور تهديدات بالنسبة للأعمال التجارية عبر الإنترنت من جميع الأحجام يجب التيقظ له. كما تستثمر كبرى شركات الانترنت في السعي لتعزيز تجربة للتسوق في المتجر على شبكة الإنترنت عن طريق انفاق الوقت والمال في سبيل تطوير تقنيات البحث. وقد بات واضحا الآن أن الصناعة الإلكترونية تلعب دور المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي الجديد، متمثلة في صناعات الحاسبات، والاتصالات، والإلكترونيات الاستهلاكية. وتعد هذه الصناعات الثلاث من أكبر الصناعات العالمية الآن وأكثرها ديناميكية ونموا، حيث بلغ رأس مالها في عام 1995 أكثر من 3 تريليونات دولار. ومن المتوقع أن يحرز عصر الإلكترونيات أعظم انطلاقة وأضخم تعزيز للاقتصاد العالمي خارج نطاق المجال العسكري على مدار التاريخ، بل من المحتمل أن يمثل محرك التقدم للتكتلات الاقتصادية التجارية العظمى- آسيا وأوروبا وأمريكا - في القرن المقبل. تشمل الأسواق العامة على الانترنت شركة «أمازون» (Amazon.com) و«إي باي» (eBay) المشهورين، حيث نمت هذه الأسواق الالكترونية العامة بمرور الوقت لتشمل جميع أنواع السلع والخدمات. وقد تبلورت أوائل الأسواق على الإنترنت كامتداد لفئات معينة في الأسواق التقليدية مثل الأزياء والالكترونيات والكتب. ومع ذلك، فإن طبيعة الإنترنت كشبكة سلسة متوافرة في كل مكان سمحت بإيجاد فئات جديدة من الأسواق ومنها ما طور صناعات جديدة لم يكن لها أسواق من قبل مثل النقل، والرعاية الصحية، والخدمات المالية. ويسمح هذا للمستهلكين طلب الخدمات من شركات محلية وإقليمية على حد سواء. وقد أدى هذا الى إنشاء العديد من شركات قيمت بمليارات الدولارات. * خبير الشئون الاعلامية والعلاقات العامة