رصد شاهد من رويترز هذا الاسبوع الجيش الروسي وهو يحشد قواته ومئات من قطع السلاح منها قاذفات صواريخ متنقلة ودبابات ومدفعية وقاعدة مؤقتة قرب حدود روسيا مع اوكرانيا، فيما حذر الامين العام لحلف شمال الاطلسي من ان مشروع موسكو لنشر صواريخ يمكن تزويدها برؤوس نووية في كاليننغراد قرب حدود بولندا وتهديدها بنشر مقاتلات نووية في القرم "سيحدث تغيرا عميقا في التوازن الامني في اوروبا". وتواجد عدد كبير من العربات بلا لوحات وأزيلت عنها أية علامات تكشف هويتها بينما نزع عدد من المجندين الشارات من على ملابسهم، وهم بهذا الشكل يشبهون بعض القوات التي شوهدت في شرق اوكرانيا والتي تزعم كييف وحلفاؤها الغربيون انهم كتائب روسية سرية. والمشهد القائم في قاعدة بمنطقة كوزمينسكي للتدريب على بعد نحو 50 كيلومترا من الحدود يقدم أقوى دليل حتى الان على ما يبدو انه حشد عسكري روسي مدبر في المنطقة. وفي وقت سابق من الشهر قال الجنرال فيليب بريدلاف القائد العسكري لحلف شمال الاطلسي: إنه يعتقد ان الانفصاليين يستغلون وقف إطلاق النار المطبق منذ فبراير لإعادة التسليح وتنظيم الصفوف لشن هجوم جديد. لكنه لم يقدم أية تفاصيل. وتنفي روسيا مشاركة جيشها في الصراع الدائر في شرق اوكرانيا حيث يقاتل انفصاليون تدعمهم موسكو قوات حكومة كييف الموالية للغرب. وقالت وزارة الدفاع الروسية: إنه ليس لديها أي تعليق على الحشد. وقال عدد من الجنود إنهم أرسلوا الى القاعدة للقيام بتدريب عسكري وهو ما يوحي بأن وجودهم لا صلة له بالوضع في اوكرانيا. وسألت رويترز المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عما اذا كان وجود عربات بلا لوحات والجنود بلا شارات يشير الى ان روسيا تنوي غزو اوكرانيا قال خلال مؤتمر هاتفي مع الصحفيين: "أجد ان صياغة السؤال عما اذا كان يجري الاعداد لغزو غير لائقة بهذا الشكل". وتشمل الاسلحة التي تحشد في المنطقة قاذفات صواريخ متعددة طراز اوراجان ودبابات وقذائف هاوتزر ذاتية الاطلاق وكل انواع الاسلحة التي استخدمت في الصراع في شرق اوكرانيا بين قوات كييف والانفصاليين. وكان حجم العتاد العسكري الموجود في القاعدة يزيد ثلاثة امثال عما كان عليه في مارس آذار من هذا العام، حين كانت رويترز في المنطقة. في ذلك الوقت لم يكن يظهر سوى بضع عشرات من المعدات. وعلى مدى أربعة أيام بدءا من السبت شاهدت رويترز أربع قطارات شحن وعربات عسكرية وقوات تصل الى محطة قطارات في منطقة روستوف بجنوب روسيا. وقالت فالنتينا ميلنيكوفا الناشطة الحقوقية التي تعمل مع أسر المجندين الروس: إن لديها معلومات أن منطقة روستوف تستخدم كنقطة تنطلق منها القوات المتجهة الى أوكرانيا. من جهته، اعتبر الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ ان خطاب روسيا النووي وتمارينها العسكرية على نطاق واسع مصدر "قلق عميق". وقال ستولتنبرغ في كلمة خلال زيارة الى واشنطن إن مشروع موسكو لنشر صواريخ يمكن تزويدها برؤوس نووية في كاليننغراد قرب حدود بولندا وتهديدها بنشر مقاتلات نووية في القرم "سيحدث تغيرا عميقا في التوازن الامني في اوروبا". ووجه ستولتنبرغ انتقادا شديدا لسلوك روسيا خلال العام الماضي بما في ذلك تدخلها العسكري في اوكرانيا، وتعهد بأن يضاعف الحلف الاطلسي التزامه من اجل "الدفاع المشترك". واعتبر ستولتنبرغ امام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان "الخطاب النووي الروسي والتمارين والعمليات العسكرية التي اطلقتها موسكو مصدر قلق عميق". وقال: إن اقرار "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بانه كان ينوي وضع القوات النووية الروسية في حالة تأهب عندما قام بضم القرم العام الماضي هو احد الامثلة على ذلك". واضاف ستولتنبرغ: إن "روسيا زادت بشكل كبير عدد طلعات الطائرات النووية ومدتها فوق اغلب مناطق العالم (...) من اليابان الى جبل طارق ومن كريت الى كاليفورنيا، ومن البلطيق الى البحر الاسود". وتابع: إن روسيا نسيت العبر التي تعلمتها من الحرب الباردة ولا سيما انه عندما يتعلق الامر بالاسلحة النووية فإن "الحذر والقدرة على التوقع والشفافية أمور حيوية". وقال: إن "التلويح بالحرب النووية بهذا الشكل من قبل روسيا لا مبرر له وهو خطير ويزعزع الاستقرار". وانتقد ستولتنبرغ المناورات العسكرية الروسية المفاجئة واعتبرها انتهاكا للاتفاقات الدولية التي تتطلب اعلانا مسبقا ودعوة مراقبين. وقال: إن روسيا لجأت الى هذه الطريقة لنقل الجنود خلال ضم القرم في شباط/فبراير 2014 ودعم الانفصاليين الاوكرانيين. وتقوم روسيا بمناورات مفاجئة اخرى بالقرب من اوكرانيا تشارك فيها 250 طائرة و700 قطعة من العتاد الثقيل، بحسب ستولتنبرغ. وتابع: إن روسيا ومنذ تدخلها في جورجيا في العام 2008، سعت الى حل النزاعات بالقوة العسكرية او التهديد بها. وقال إن روسيا بدأت بنشر احدث انظمة الاسلحة لديها بالقرب من حدودها مع الدول الاعضاء في الحلف الاطلسي في اوروبا الشرقية. ومضى ستولتنبرغ يقول إن موسكو من خلال سلوكها في اوكرانيا وغيرها "تبرز قوتها العسكرية وتثير المشاعر القومية وتطالب بالحق في فرض ارادتها على جيرانها والاستيلاء على الاراضي". وذكر أن علاقات الحلف الاطلسي مع روسيا في ادنى مستوى لها منذ عقود. وقال "لم نعد بعد الى الحرب الباردة لكننا اصبحنا بعيدين عن علاقة شراكة استراتيجية". وشدد ستولتنبرغ على ضرورة ان يواجه الحلف التحديات "التي يمكن ان تستمر لفترة طويلة". وشدد على ان الحلف سيلتزم بمبادئه بما فيها احترام سيادة الدول والشفافية في النشاطات العسكرية مع تجديد التزامه بالدفاع "المشترك" والردع. وتعتزم ليتوانيا ولاتفيا واستونيا التقدم بطلب رسمي من الحلف الاطلسي لنشر عدة آلاف من عناصره على أراضيها للتوازن إزاء روسيا. لكنه لم يزل من غير الواضح ما اذا كان الحلف سيوافق على الطلب. وتأتي تصريحات ستولتنبرغ غداة لقائه مع الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي اتهم روسيا باعتماد "موقف يزداد عدائية".