طالب مستثمرون ومختصون ومزارعون في الأحساء، بضرورة إنشاء جمعية لتسويق منتجات التمور، وإيصالها للأسواق العالمية، واقترح البعض إنشاء شركة حكومية تقوم بشراء التمور من المزارعين مباشرة بأسعار تحقق أرباحا في موسم الحصاد، مبدين أملهم في أن تكون هناك رقابة شاملة على المنتجات المصنعة خصوصا في جانب الجودة؛ لخلق بيئة منافسة في عمليات التسويق. وتحدثوا لصحيفة «اليوم»، في الحلقة الثانية من ملفها الشهري التاسع، تحت عنوان «قطاع النخيل والتمور.. رافد اقتصادي مهمش»، عن العقبات الكبرى أمام هذا القطاع، والتي تتركز في ضعف التسويق وغياب التسهيلات أمام التصدير الخارجي. وشددوا على أن العمل لتسويق وجعل تمور الأحساء مطلبا عالميا، يتطلب أن تكون مواصفاتها وأنواعها مناسبة للمستهلك، والتي من بينها تتمتع التمرة بالحجم الكبير وجودة مذاقها وملمسها عالية، مؤكدين على استزراع أصناف جديدة تحمل هذه الصفات مثل: تمور المجدول، والصقعي، والخضري، بدلا من صنف الخلاص الذي يركز عليه المزارعون حاليا. وطالبوا خلال حديثهم ل «اليوم» بنشر الوعي بين أوساط الفلاحين بأهمية النخلة ودورها الكبير في توفير الأمن الغذائي ودعمها الاقتصاد الوطني، حتى تعود أمجاد تمور الواحة ومكانتها التي كانت عليها في العقود الماضية. وأشاروا إلى أنه في ظل التحديات التي قد تعيق تطور هذه الصناعة التي تنمو محليا وعالميا بشكل متسارع، وتجد منافسة شرسة وسط الأسواق سواء على المستوى الخليجي أو العربي والعالمي، إلا أنّ صناعة التمور في المملكة بشكل عام، وكبرى واحات النخيل في العالم الأحساء بشكل خاص، ينتظرها مستقبل واعد بفضل تضافر الجهود المبذولة في الفترة الأخيرة وتزايد الاهتمام في هذا الجانب من قبل الجهات ذات العلاقة. كما أشادوا بالدور الكبير الذي لعبته أمانة الأحساء في الحفاظ على جودة التمور، وكذلك منع التلاعب وعمليات الغش من خلال تنظيم مهرجان الأحساء للتمور للسنة الثالثة على التوالي، حيث وصفوه بأنه تظاهرة تهدف إلى الارتقاء بمنتج التمور الأحسائية، ونشر ثقافة الفرز، التي بدأ الجميع يجني ثمارها، المزارع والمستهلك والمستثمر. منافسة الأسواق المنافسة تتطلب مواصفات محددة، ويؤكد باقر الهبدان صاحب مصنع للتمور في الأحساء، أن الجهود التي تبذلها الجهات ذات العلاقة؛ للنهوض بتمور الواحة جهود واضحة ومبشرة -إن شاء الله- ولا يمكن تجاهلها أبدا، غير أن المشكلة تكمن في المنافسة في الأسواق الخارجية التي تتطلب مواصفات محددة يفتقدها صنف الخلاص، الذي يركز المزارع الأحسائي على زراعته والاهتمام به أكثر من الأصناف الأخرى. وأضاف أن المزارع يركز على إنتاج الكميات الكبيرة وليس على الكيف والنوعية، ولا يمكن أن تنافس تمورنا بالاعتماد على الإنتاج الغزير والكميات الكبيرة دون الجودة المطلوبة، مبينا أن صنف الخلاص صالح للأسواق المحلية والخليجية فقط، ولا يمكن له المنافسة في الأسواق العالمية، حيث الأصناف التي يرغبها المستهلك في الدول الأوروبية تتميز بالحجم الكبير، والتمرة المبرومة الخالية من التجاعيد، وأن تكون خالية من القشور والملمس الناعم، وهذه المواصفات يفتقدها صنف الخلاص، لذا يجب التحول إلى استزراع الأنواع المطلوبة عالميا مثل أصناف «المجدول، والصقعي، والخضري». وأشار الهبدان إلى أنه يتوجب أن تكون مواصفات منتج التمور في الأحساء تتناسب مع مواصفات الأسواق العالمية، خصوصا الأوروبية منها، المستهلك الأوربي لا يهتم بالنوع، والخلاص غير مرغوب فيه بسبب القشرة، بينما يرغبون في أصناف أخرى تتمتع بلون أسود وحجم كبير، مثل المجدول، والصقعي، لأن هذه الأنواع أصناف مطلوبة بشكل كبير في الأسواق التركية مقابل أسعار مرتفعة يصل سعر الكيلو الواحد إلى 35 ريالا، وهذا ما ننشده نحن كمصنعين. نحتاج مظلة للتسويق واسترسل باقر الهبدان، لذا يجب أن نفهم ما يحتاجه السوق العالمي، ويجب الاتجاه إلى زارعة الأصناف التي يتم تسويقها عالميا، وبالفعل هناك بعض المزارع على طريق خريص بدأت في زراعة نخيل المجدول، والصقعي، والخضيري، وهذه الأصناف من التمور تقدم في أوروبا ضمن الفواكه، نعم هناك طلب خليجي على صنف الخلاص وله سوق كبير خصوصا في دولة الكويت لكن هدفنا الأسواق العالمية. وطالب الهبدان بإيجاد مظلة لتسويق التمور ومنتجاتها نحو الأسواق الخارجية من خلال تأسيس جمعية للتسويق تكون مظلة عامة لتسويق المنتجات بجميع أشكالها، مع وجود رقابة دائمة على جودة المنتجات وسلامتها سواء التي تنتجها مصانع التمور، أو من حيث تطوير جودة التمور في مزارع الواحة. كما ينبغي تشجيع الصناعات التحويلية ودعمها بشكل كبير وواسع حتى تتوسع في إنتاج أنواع مختلفة من المنتجات وذات جودة عالية تضمن تسويقها وجعلها ماركات مسجلة وهذا ليس بمستحيل، ويمكن أن يتحقق بتضافر الجهود بين المزارعين والمستثمرين والجهات ذات العلاقة وخصوصا وزارة الزراعة وهيئة الري والصرف من خلال تكثيف عمليات الإرشاد. شركة لشراء التمور فيما اقترح المواطن صالح أحمد العصفور تأسيس جمعية أو شركة حكومية تقوم بشراء التمور من المواطنين بمبالغ تكون عادلة ومنصفة مع المجهود الذي يبذله الفلاح طيلة الموسم، وتتناسب أيضا مع جودة تمور المزارع، وبالتالي يجد المزارع البسيط نافذة تسويقية مضمونة لتمور مزرعته مما يشجعه على الاهتمام أكثر بالنخلة والتمور مقابل المردود المالي الذي سيحصل عليه في آخر الموسم، متمنيا من الجهات المختصة تحقيق هذا الاقتراح لما فيه المصلحة العامة لتمور الواحة. أما عن طريقة فرز التمور الحالية، فقال العصفور:»هي نظرة جيدة لكن تكون مكلفة ماديا للفلاح خصوصا إذا ما تم بيعها بمبالغ لا تغطي التكلفة الحقيقية لعملية الفرز، من حيث تكلفة الأيدي العاملة، والتعبئة والتغليف ونقلها إلى الأسواق والمهرجان، لأن المزارع بالطبع بفضل الربح على الخسارة حيث الفلاح يعتمد بشكل أساسي في قوته ورزقه على حصاد التمور في آخر الموسم». دعم وعناية من جانبه، اعتبر شيخ سوق التمور بالأحساء عبدالحميد الحليبي أن التمور في المملكة ركيزة أساسية ومنتج قومي يجب الحفاظ عليه وتطويره، والتمور السعودية في الآونة الأخيرة حظيت بعناية ودعم حكومي غير محدود بداية من إنشاء الأسواق العالمية مثل: مدينة الملك عبدالله للتمور الواقعة على طريق العقير بالأحساء، والمركز الوطني للنخيل والتمور والذي فرع منه العديد من المراكز في مختلف محافظات المملكة التي تنتج التمور». وأشار إلى أن تمور المملكة ينتظرها غد واعد، وتجارة متطورة وبورصة لها مكانتها، كما أن النخلة تمثل اقتصادا وطنيا مهما جدا ومنتجا غذائيا مهما في جانب الأمن الغذائي، إضافة إلى أن التمور تعتبر من أساسيات الأغذية الملائمة لأجواء المملكة، فهو لا يحتاج إلى طبخ ولا يحتاج إلى تهيئة ولا إلى حفظ، فالتمر عندما يتم رصه فإنه يحفظ نفسه بنفسه، وهذه العوامل مجتمعة تعطي صورة لأهمية هذا المنتج المحلي الذي بدأ يتحول إلى منتج عالمي. واسترسل الحليبي، إن العمل في مجال التمور ليس محصورا على الذكور بل يمكن للمرأة أن تساهم في هذه الصناعة، أما على مستوى تسويق التمور فيمكن من خلال بيعه بالجملة، والمفرد للأفراد، وفيما يخص التسويق بالجملة من خلال إبرام عقود مع الشركات، عقود دائمة وأخرى مؤقتة أو من خلال البيع والشراء الفوري، كما أن هناك نافذة تسويقية عبر المندوبين وعن طريقهم يتم التوزيع في أسواق مناطق ومدن المملكة، وكذلك أسواق الدول الخليجية، كما يمكن تسويق التمور عن طريق فتح مجموعة من الفروع في مختلف المناطق ويتم توزيع التمور عن طريق تلك الفرع التي يفتتحها المستثمر. الأمن الغذائي في حين أكد المستثمر موسى العيد أن النخلة ومنتجاتها الرئيسة تساهم بشكل مباشر في صناعة الأمن الغذائي، وما تنتجه النخلة سواء في الماضي أو الحاضر تعتبر سلعا ومنتجات أساسية مثلها مثل الحبوب والأرز، حيث كانت التمور هي السلعة الأساسية على المائدة، بل هي جزء من التاريخ الغذائي للمجتمع الأحسائي وكذلك للشعوب الخليجية والعربية. وقال وما تزال أرض الأحساء الطيبة تنتج أجود أصناف التمور، ولكن تحتاج إلى عناية واهتمام أكبر في ظل المنافسة وتغيير أنماط الحياة وتباين أذواق المستهلكين في الأسواق العالمية، لذا لا بد من التركيز على جودة مخرجات النخيل بصفة عامة والتمور على وجه الخصوص، والتمور في وقتنا الحالي لا تزال تحمل أهمية كبيرة رغم اختلاف استخدامها، يفرض على تمور الأحساء التطوير والتحديث؛ لمواكبة الأسواق الجديدة، وعدم الاعتماد على التسويق الداخلي رغم أنه يستوعب الكثير من التمور. لكن الهدف يجب أن يتحول إلى الأسواق العالمية، ولا بد من إيجاد طرق كفيلة توصل تمور الواحة إلى المرحلة التي تحقق لها التنافسيّة في تلك الأسواق التي تتنوع فيها المنتجات والصناعات التحويلة من كل البلدان المنتجة للتمور، والتي تحتل المملكة المركز الثاني على مستوى العالم، كما أن تسويق تمور الأحساء خارجيا له عائدات اقتصادية للأسرة، والمزرعة الأحسائية، وتحوله من عبء وتكلفة إلى مكسب وربح. نشر ثقافة الجودة بدوره أبدى المزارع علي حسين الطاهر تفاؤله بعودة تمور الأحساء إلى عهدها الماضي، حيث إن العمل يجري على قدم وساق والجهود تتواصل والانطلاقة التي أسستها أمانة الأحساء من خلال تنظيم مهرجان الأحساء للتمور، والذي أصبح نافذة تسويقية محلية خليجية، حيث يتقاطر عليه التجار من دول الخليج المجاورة، مما ساهم في تسويق تمور المزارعين في هذه الواحة الكبيرة التي تمثل فيها النخلة قيمة اجتماعية وغذائية واقتصادية للمواطن على مستوى المزارع والمستهلك والمستثمر. وأبان لكننا نأمل ألا تنحصر الجهود على تنظيم هذا المهرجان فقط، حيث على وزارة الزراعة أن تركز كثيرا من نشاطها الإرشادي على نشر ثقافة التركيز على الجودة، كما الخطة التي تنتهجها الأمانة في المهرجان، وهي التركيز على عمليات الفرز، حيث بدأ الفلاح الاهتمام بها في هذه التظاهرة الاجتماعية الاقتصادية الموسمية التي بنت فكرتها الأمانة، ونفذتها بقوة مع الشركاء كهيئة الري والصرف، ووزارة الزراعة، وغيرها من الجهات التي يمكن لها أن تعمل على هذا المنتج الإستراتيجي. ونوه إلى أن هناك الكثير من العقبات التي تحد من تربع التمور الأحسائية في الأسواق، ولا بد من العمل على حلها بالتعاون مع أضلاع المنظومة كلها، الجهات الحكومية، والمزارع، المستثمر. يستفيد الكثير من مهرجانات التمور في تخزينه وتسويقه طوال العام بائع يعرض سلعته من التمور خلال أحد المهرجانات السابقة