خلاف الموقف الرسمي للبيت الأبيض الذي أعلن تأييده ودعمه اللوجستي للموقف السعودي في عاصفة الحزم التي شُنت مساء الأربعاء الماضي ضد أهداف التمرد والتمادي الحوثي في اليمن الشقيق ووفق بنود المواثيق والمسوغات العربية والدولية التي تحافظ على السلم والعدل وتدعم الشرعية؛ فهناك حالة من الدهشة والاستغراب تنتاب الشارع العام في واشنطن وربما في العديد من العواصم العالمية جراء هذا الإقدام السعودي خاصة والخليجي عامة على قيادة المبادرة وصناعة الحدث ذاتياً دون أن يتشكل التحالف كما هو المعتاد بصبغة أمريكية أو غيرها من الدول ذات الريادة والقيادة في التحالفات العسكرية، كان محدثنا الأمريكي في واشنطن يشير إلى هكذا حالة وهكذا عبرت الصحف العالمية، فهذه المرة جاءت المبادرة سعودية خليجية المنشأ والتنفيذ والقيادة والتحكم وكانت نتائجها الأولية صبيحة الخميس الماضي مبهرة وناجعة في ضرباتها التي استهدفت عدواً استغل ساحة اليمن للبغي والتمدد وصناعة الطائفية لتحقيق أهداف إقليمية مستغلاً عقول أتباعه لتسويق الوهم بينهم مقابل وعود حالمة وجلسات تخزين للقات تذهب ما تبقى من عقل أولئك الذين باعوا وطنهم وعروبتهم وقبلها دينهم دون ذمة أو ضمير سوى التشبث بيد الممول الذي يستهدف الفقراء والمعوزين ليشكل منهم ميليشيا من المرتزقة التي لا تجيد هدف المهمة ولا مآلها سوى ضمان المقيال اليومي بجرعات القات، عموماً الإقدام السعودي والخليجي والتضامن العربي والدولي معه يشكل نقطة تحول عالمية في المنطقة ومجريات الأمور فيها فقد تعود المخيال العام أن تكون دولنا ومنطقتنا عموماً محل الوصاية والحراسة غالباً دون أن يكتشف المتابع حقيقة الوضع والتمكن لدى دول وشعوب المنطقة التي قررت أن تحدد مصيرها بقوتها وقدراتها الذاتية أمام كل التحديات والظروف التي ترسم تجاهها أو تصاغ أمامها بتوجيهات إستراتيجية، وحقيقة لم يكن الصوت المحلي بهذا المستوى من الحضور والإقدام سوى بحضور القوة في القرار المتمثل في خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وإخوانه قادة دول مجلس التعاون، كذلك بلغت الغطرسة الإيرانية في الفترة الأخيرة مداها دون أن تفهم محددات اللعبة العالمية ومدى التقدم الممكن لها في المنطقة فأخذت في التمادي سراً وعلانية متخذة من الطائفية سلعة لتسويق أهدافها ومحاولة صياغة الصراع بأثر تاريخي إسلامي بينما هو صراع قومي تستنهضه إيران في زمن يمقت العنصرية والتطرف بل إن الدولة الفارسية تعدت حدود اللياقة الدولية مع جيرانها وأنظمتهم وراحت تنصب نفسها إمبراطورية إقليمية واسعة تتحدث باسم العراق تارة وباسم اليمن تارة وباسم الشام ولبنان تارة أخرى لاغية كل الحضور وهوياتهم لتسيطر على كل المقدرات والمنافذ متناسية أن للبعد العالمي حدودا وتوازنات لا يمكن تجاوز مداها سوى أن الساسة في طهران كانوا يمارسون الحلم كثيراً والاعتماد على الخزعبلات والتكهنات وبناء القوة الوهمية أكثر من التمعن في الواقع ومعطياته وحتى لو كان هناك غضة طرف إستراتيجية تلقوها من مصادر مباشرة أو غير مباشرة ترحب بهم كقوة مهيمنة على المنطقة فقد تلقى صدام حسين نفس الإشارة عند احتلاله للكويت وغدا بعد ذلك في خبر كان، المهم الآن أن عاصفة الحزم أعادت موازين القوى ورسمت الدهشة على وجوه من يستغرب غضبة دول الخليج المتسمة بالحلم وستعيد تشكيل المنطقة والمواقف بشكل علني ومباشر فالتحالف الكبير في عاصفة الحزم له مدلولات كبيرة فهمها العالم وقواه الإستراتيجية مبكراً وبقي أن تفهم إيران والمندفعون مع إعلاميتها الغبية حقيقة الموقف حتى لا تكون خسائرهم أكبر فالقوة والحق في ضرباتنا.