هناك جدل كبير حول مفهوم الثقافة على النطاق الواسع، إلا أن ثمة تعريفات توصّلت إلى مفاهيم تعبّر عن ماهيتها رغم الجدلية الكثيفة، فالبعض يتفق والآخر يختلف بحسب الأيديولوجية المختلفة التي جعلتها في متاهة، جرّاء الإسهاب في ذلك، لكن في هذا السياق، يمكن القول إن الثقافة دائرة حول السلوك الحضاري الذي يحفظ الحقوق الإنسانية، إلا أن البعض يعتقد أن الثقافة تنحصر فيمن يقرأ ويكتب ويحفظ، وبالتالي تتقيّد في مفهوم ضيق. شاءت القدرة الإلهية التي تجلت كحكمة، حينما كان آدم عليه السلام في الجنة وذلك ليميز الخير والشر من خلال الأكل من تلك الشجرة، ومن ثم جاء الأمر الإلهي بأن يهبط آدم عليه السلام إلى الأرض للاختبار، حيث يقول الله عز وجل: (لنبلونكم أيكم أحسن عملا)، من هنا ينطلق مبدأ الحرية، ولكن لابد أن تصب نهرها في العدالة. بيد أن العدل هو إقامة الخير ومحاربة الشر، إذ يجب على من يُشار إليه بالمثقف أن ينهض بمجتمعه من خلال الفكر الذي يحمله. والرسالة الواعية لا شك أنها تنعكس على المجتمع والنهوض به لا أن تهوي به إلى الهاوية. والبعد عن الأنانية المقيتة والسلبية والنفاق الأرعن، كل هذا يجب محاربته والوقوف ضده ورفع سقف الوعي إلى مستوى عال، خصوصاً في ظل الأوضاع الراهنة سواء كانت سياسية أو اجتماعية. لا شك أنني أقدّر جهود أولئك المفكرين الذين ناضلوا لتعزيز حماية القيم الإنسانية في حقبة زمنية طويلة لكنني أحمل همّ المواطن العربي الذي بات في أزمة حقيقة لقاء المناقضة الواسعة في المجتمع العربي. بيد أن الكارثة هي أن تقع في الوسط الثقافي من خلال التمييز وإقصاء الآخر بمجرد اختلاف بسيط، حيث إن الصراع الفكري يجب أن يكون بعيداً عن الترّهات والتهريج المدلس. إن الثقافة اليوم، تعيش أزمة على المستوى البسيط، لكن كلي أمل في لملمة الجراح ورتق الثقب الصغير الذي ينزف في شارعنا المعاصر. فهناك فرق كبير بين الاحترام والتعظيم وبين الانتقاد والتجريح والنصيحة والفضيحة والمزاح والتملق. ولابد أن نكون أكثر منطقية، فإن كانت الأخلاق في الدين فإن الدين هو المعاملة، وإذا كنت في حزن فإن الأدب هو سيد الموقف، وإن كنت في غضب فالحلم سيد الأخلاق، ولا تأسَ على أمر، ما دامت الفضيلة والسماحة تمكث في روحك. ليست الثقافة صناعة ما أو عملا معينا أو ديكورات فارهة أو وشاحا مزخرفا نتّشح به أو برستيجا خاصا من أطباعنا وتصرفاتنا، وإنما هي طريقة المعاملة الإنسانية التي تنمّ عن ثقافة حقيقية للفرد تلمسها وتشعر بها من خلال معاملتك له. فإذا كان سلوكك في سياق الإنسانية تدخل في مفهوم الثقافة، وإن كان ليس كذلك، فهي معدمة. تلك الثقافة، التي يمكن أن نعرّفها على أنها: القيم والمبادئ الأخلاقية الإنسانية التي تنمّ عن أنك شخص مثقف، وبالتالي لو أتينا إلى الفنون بشكل عام، فهي من الممكن أن ترتبط مع الثقافة بشرط أن يكون كل فن معبّراً عن الحضارة العفوية التي تحفظ للإنسان قيمته وكرامته لا إهانته والاستبداد به، وإن كانت لديك إضافة أيها القارئ الكريم فأكمل عني.