أعلنت شركة ايكويت للبتروكيماويات تحقيق ارباح صافية بحوالي مليار دولار عن العام 2014م، مقارنة بأرباح بلغت 1.245 مليار دولار للعام 2013م. وتأسست ايكويت عام 1995 بشراكة بين شركة صناعة الكيماويات البترولية وشركة داو كميكال لانتاج حوالى 5 ملايين طن من المواد البتروكيماوية من بلاستيك البولي ايثيلين ومنتجات الايثيل الجلايكول والعطريات. وتملك داو 42.5% من ايكويت وبهذا تكون حصة داو من ارباح شركة ايكويت في عام 2014م حوالي 425 مليون دولار. اى ان ارباح داو من ايكويت منذ تأسيها تعدت 3 مليارات دولار. ولكن الغريب ان داو كميكال اعلنت مؤخراً انها بصدد بيع جزء من حصتها في الشركات البتروكيماوية في الكويت (50% تقريباً) بقصد جمع حوالي 8.5 مليار دولار من اجل الاستثمار في مشاريع اخرى. وقال الرئيس التنفيذي لداو ان ايكويت تنتج المواد الاساسية من بولي ايثيلين وايثيل جلايكول، ورؤية داو كميكال الان هي التركيز اكثر على انتاج المواد المتخصصة. ولاشك ان اعلان داو تقليل حصتها في ايكويت اصاب المتابعين بالدهشة. لان مثل هذه الشراكة عادة لا تتركها الشركات العالمية، فمن اين لها بمشروع يوفر لها لقيم الايثان باسعار تنافسية؟. والجدير بالذكر ان اسعار لقيم الايثان في امريكا كانت قد تعدت 15 دولارا للمليون وحدة حرارية بين اعوام 2005م -2008م. ولكن تشهد امريكا حالياً فورة هائلة في انتاج الايثان من المصادر الصخرية والتي تسببت في خفض اسعار الايثان فيها الى مستويات تاريخية. وتعمل داو كميكال جاهدة لتستفيد من هذه الوفرة بعمل التوسعات وبناء مصانع تكسير حرارية جديدة داخل امريكا. ويشكل الايثان الرخيص حالياً في امريكا مصدر 60% من الايثيلين الذي تنتجه داو وتنوي داو ان ترفع هذه النسبة الى 70% بحلول 2018م. وسوف تستثمر حوالي 4 مليارات دولار في هذا المجال. وسوف تبني مصنعاً اخر لتحويل غاز البروبان مباشرة الى بروبلين لانتاج البلاستيك. ولذلك فهي تقوم باعادة ترتيب اولوياتها وفق ذلك. عندما شاركت داو بانشاء ايكويت (1995م) كانت اسعار الايثان في امريكا الشمالية حوالي 6 دولارات للمليون وحدة حرارية مقابل دولار واحد في دول الخليج العربية. وفي تلك الفترة كانت اسعار النفط بحدود 18-20 دولارا للبرميل او 3 دولارات للمليون وحدة وبذلك تكون اسعار الايثان تساوي ضعف اسعار النفط انذاك. وللمقارنة، فلقد وصلت اسعار النفط بين عام 2011م وحتى منتصف عام 2014م الى مستويات 100 دولار للبرميل (16 دولارا للمليون وحدة حرارية) وبينما شهدت اسعار الايثان في امريكا تراجعاً كبيرا وصل الى حوالى 4 دولارات للمليون وحدة بفضل الغاز الصخري. وهذا يعني ان اسعار النفط في هذه الفترة اعلى من اسعار الايثان باربعة اضعاف. وبذلك تكون اسعار الايثان الحالية في امريكا رخيصة جداً مقارنة باسعار النفط العالمية. علماً بان النافثا يشتق من النفط الخام وهو اللقيم المنافس للايثان في انتاج الايثيلين. اذاً بهذه الشراكة وبالدخول الى الكويت استطاعت داو كميكال ان تحصل على لقيم الايثان باسعار رخيصة، وفي المقابل استطاعت الشركات الكويتية ان تحصل على الخبرة والتقنية من داو كميكال. وهذا يدل على ان الظروف كانت مواتية لكلا الطرفين لعمل هذه الشراكة. واما الان فغاز الايثان يتدفق في امريكا الشمالية بأبخس الاثمان ولا يجد من يستفيد منه صناعياً ولذلك فهو يحرق لانتاج الطاقة في بعض الاحيان. واكتسبت الشركات الكويتية الخبرة التي تؤهلها لادارة ايكويت بمفردها. وتحاول داو كميكال حالياً الاستفادة من الفرص الجديدة المتوفرة في امريكا. ويمكن ان تكون داو كميكال قد قررت اقتصار وجودها بمنطقة الخليج العربي على مشروع صدارة الكبير في المملكة والذي ينتج منتوجات متنوعة واكثر من مجرد مشتقات الايثيلين. ولكن لماذا ستقلل داو من حصتها في ايكويت وهي شراكة ناجحة بامتياز؟ وتتمتع معظم الشركات العالمية مثل اكسون موبيل وشل وشيفرون وداوكميكال بوجود في منطقة الخليج يحقق لها عوائد مرتفعة في ظل انخفاض اسعار اللقيم الى مستويات لا يمكن منافستها في اي بلد اخر. ولقد وصفت احدى هذه الشركات الكبرى واحدة من شركاتها الموجودة في احدى الدول الخليجية بانها الدجاجة التي تبيض ذهباً. الاكيد ان العلاقات بين داو كيميكال وشركة صناعة الكيماويات البترولية شهدت بعض التوتر في بعض الأحيان. وارتفعت درجة التوتر في العام 2013م بعد القضية الشهيرة التي اشتكت داو الشركة الكويتية بسبب انسحابها من مشروع كي داو والذي اتفقا على اقامته. وتلقت داو تعويضات بقيمة 2.2 مليار دولار من الشركة الكويتية بعد قرار التحكيم الدولي. باختصار لقد خفضت الحكومة الكويتية الدعم عن لقيم الايثان وهذا دفع داو إلى التفكير في الخروج وعلى مراحل من الكويت. ولقد رفعت الكويت سعر لقيم الايثان في عام 2005م من دولار الى 2 دولار للمليون وحدة حرارية. وسوف يرفع قريباً وفق معادلة سعرية ستربط سعر الايثان بسعر النافثا في سنغافورة بحيث لايتعدى 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية. واذا ارتفع سعر لقيم الايثان الى 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية فهذا يعني ان اسعار الايثان في الكويت اقتربت كثيراً من اسعاره في امريكا وبالتالي انخفضت الميزة التنافسية بالكويت. وهذا قد يكون السبب الاول في ترك داو الجزئي للكويت. ولو استمرت اسعار الايثان في امريكا اعلى من 6 دولارات للمليون وحدة فالاكيد ان داو لن تفكر ابدا بترك ايكويت. وفي جميع الاحوال يمكن القول ان الكويت هي المستفيدة الاولى والاخيرة من خروج داو نظراً لان الصناعة التي تشارك بها داو بالكويت تعتبر اساسية وغير معقدة ويتم انتاج مثلها في بعض الشركات الخليجية مثل ينساب بدون شريك اجنبي. الاكيد ان الكويت ستسترد بعضاً من ديون داو لها بهذا الرحيل الجزئي. وسوف يكون الخروج الجزئي او الكلي لداو حافزاً لشركة صناعة الكيماويات البترولية للمضي قدماً لاتمام مسيرة الشركة. وكلنا ثقة ان نجاح ايكويت سيستمر بسواعد كويتية حتى ولو انسحبت داو كلياً من المشروع. * مركز التكرير والبتروكيماويات - جامعة الملك فهد للبترول والمعادن