ارتفع مؤخراً إنتاج الولاياتالمتحدة بصورة كبيرة للقائم البتروكيماويات من غاز طبيعي وسوائل الغاز من ايثان وبروبان. ولقد استغلت أمريكا هذا التدفق الكبير بانتاج هذه اللقائم خير استغلال وافتتحت عهداً جديداً لصناعة البتروكيماويات فيها. وعلى سبيل المثال، سيرتفع إنتاج أمريكا من الايثيلين بحوالي 12 مليون طن سنوياً بحلول 2018م ولقد ارتفع انتاج لقيم البروبان كثيراً فارتفعت صادرات أمريكا منه بحوالي 100% في عام واحد. ويتوقع أن يرتفع إنتاج البروبان إلى 550 ألف برميل باليوم بحلول 2019م. ولقد ارتفع انتاج لقيم الايثان في الولاياتالمتحدة بشكل واضح إذ وصلت الكميات الحالية المنتجة من الايثان إلى 27 مليون طن بالسنة ويتوقع الخبراء أن ترتفع هذه الكميات إلى 48 مليون طن سنوياً بحلول 2020م. ولقد أدى الارتفاع الكبير في انتاج هذه اللقائم إلى هبوط أسعارها، فلقد انخفض سعر الغاز الطبيعي لقيم الميثانول والامونيا واليوريا ما بين 2008م وعام 2014م من 12 دولارا الى 4 دولارات للمليون وحدة حرارية. وانخفض ايضا سعر الايثان اللقيم الأفضل لانتاج الايثيلين إلى مستويات تعتبر فرصا استثمارية (يباع الان بحوالي 4 دولارات للمليون وحدة حرارية) جعلت شركات كبرى تهرول إلى امريكا من أجل اقتناص الايثان الرخيص. وبحسب عرض شركة ليونديل باسل في شهر فبراير الماضي فان التكلفة النقدية لانتاج طن ايثيلين في امريكا من لقيم الايثان قد انخفضت من حوالي 705 دولارات في عام 2011م الى 220 دولارا في عام 2013م اي بحوالي 70%. واما التكلفة النقدية لانتاج الايثيلين من لقيم البروبان فلقد انخفضت من 860 دولارا في عام 2011م الى حوالي 400 دولار في عام 2013م. وللمقارنة فلقد بلغت التكلفة النقدية لانتاج طن ايثيلين من لقيم النافثا في آسيا حوالي 1100 دولار. وهذا يعني ان تكلفة انتاج الايثيلين في أمريكا سواء من لقيم الايثان أو البروبان تعتبر أقل من تكلفتها في آسيا أو أوروبا بما لا يقل عن 600 دولار للطن. وكانت الشركات البتروكيماوية في أمريكا أكبر المستفيدين من هبوط هذه الأسعار ولقد تغير اداؤها كثيراً قبل وبعد نهضة الغاز الصخري في امريكا. فعلى سبيل المثال أشهرت شركة ليونديل باسل احد أكبر الشركات في العالم في انتاج البلاستيك في عام 2009م افلاسها في قرار احدث صدمة للجميع. ويعزو الخبراء أسباب هذا الافلاس الى التوقيت السيئ لاستحواذ باسل على شركة ليونديل الذي جاء قبل الازمة الاقتصادية بعام وبسبب بعض الحوادث في بعض منشآتها. ولاشك أن التكلفة الكبيرة لانتاج البلاستيك كان لها الأثر الاكبر في انخفاض اداء الشركة في عامى 2008 و2009م. وفي عام 2010م خرجت ليونديل باسل من حالة الافلاس وبدأت بالعمل الدؤوب لتعويض خسارتها الكبيرة. ويأتي الحظ هذه المرة إلى جانبها حيث بدأت بوادر نهضة كبيرة في امريكا وهي استخراج المواد الهيدروكربونية من الصخور. وأدى انخفاض أسعار اللقيم في امريكا إلى انعاش الشركات البتروكيماوية التي كانت تعاني من ارتفاع سعر لقيم النافثا المشتق من النفط. وتعد ليونديل باسل من أكبر منتجي مادة الايثيلين التي تستخدم في صناعة البلاستيك وتملك الشركة ستة مصانع في امريكا واربعة في اوروبا لانتاج هذه المادة. وبكل تأكيد فان الربح القادم من انتاج بلاستيك البولي ايثيلين يعتبر أساسيا لشركة ليونديل باسل. ولا ننسى أن أسعار لقيم الايثان قد انخفضت في امريكا بين عام 2011م وعام 2012م بحوالي 70%. وكان لذلك الاثر الأكبر في تحسن اداء شركات انتاج الايثيلين في امريكا. ولقد اعطت هذه الأسعار الجديدة للقيم الايثان المنتجين في أمريكا ميزة تنافسية كبيرة على منتجي الايثيلين في اوروبا وآسيا والذين يعتمدون على لقيم النافثا الغالي الثمن. ولقد رفعت ليونديل باسل وبسرعة فائقة من طاقة مصانعها في امريكا لتستفيد من الايثان الذي لا يوجد من يشتريه فيقومون بحرقه لتوليد الطاقة. ولقد استغرق رفع طاقة مصانع انتاج الايثيلين لشركة ليونديل باسل عامين مقارنة بخمسة أعوام المدة التي يستغرقها بناء مصانع جديدة. ولذلك فان مثل هذه القرارات الاستراتيجية الهامة تؤثر بكل تأكيد على اداء الشركة. واستثمرت ليونديدل باسل حوالي 3.7 مليار دولار لرفع طاقة انتاج الايثيلين في مدة ثلاث سنوات. وكان نتيجة ذلك أن خرجت ليونديل باسل من خسارة في عام 2009م إلى تسجيل أرباح كبيرة. ولقد وصلت مبيعاتها في العام الماضي إلى 44 مليار دولار وستضيف ليونديل باسل حوالي 0.6 مليون طن ايثيلين بحلول 2016م. ولاشك أن ارباح الشركات البتروكيماوية في امريكا قد انتعشت كثيراً بسبب الوفرة الكبيرة في انتاج لقيم الايثان والبروبان والغاز الطبيعي مما أدى الى الهبوط الكبير في الاسعار. ولذلك رأينا أن أرباح هذه الشركات قد استجابت وبشكل كبير لهذا التغيير في أسعار اللقيم. فعلى سبيل المثال بلغت أرباح ليونديل باسل حوالي 2.4 مليار دولار في عام 2011م وارتفعت في عام 2013م الى حوالي 4 مليارات دولار. وارتفعت أرباح داو كميكال من 842 مليون دولار في عام 2012م الى 4.5 مليار دولار في عام 2013م، أي بأكثر من خمسة اضعاف. وارتفعت أرباح دوبوينت من 2.8 مليار دولار في عام 2012م الى 4.9 مليار دولار في عام 2013م. ولو قارنا هذه النتائج بأرباح الشركات من خارج أمريكا لوجدنا أن أرباح باسف أكبر شركة كيميائية بالعالم لم تتغير كثيراً ما بين عام 2012م وعام 2013م إذ ارتفعت من 6.3 مليار دولار الى 6.6 مليار دولار أي أن الزيادة تقدر فقط بحوالي 300 مليون دولار. وأما سابك رابع أكبر شركة بتروكيماوية بالعالم فلقد ارتفعت ارباحها ولنفس الفترة من 6.6 مليار دولار إلى 6.74 مليار دولار. وهذا يدل بدون ادنى شك على أهمية أسعار اللقيم في ارباح الشركات البتروكيماوية. والجدير بالذكر أن أسعار الغاز الطبيعي وأسعار الايثان في المملكة (0.75 دولار) ارخص من امريكا (4 دولارات) بحوالي 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية وحتى لقيم البروبان فانه يباع بالمملكة بخصم يجعله ذا ميزة تنافسية عالية. ولذلك فان تكلفة إنتاج البتروكيماويات في المملكة لا تزال من الأكثر تنافسية بالعالم.