لكل قرار إداري إيجابياته وسلبياته وما علينا إلا أن نقيم تبعاته قبل تنفيذه من حيث المصلحة والتكلفة على الاقتصاد الوطني. لقد صدر قرار وزارة العمل بتعديل أوقات العمل في محلات التجزئة والبيع في المملكة لإغلاقها عند الساعة التاسعة مساء باستثناء المطاعم والمقاهي وأسواق المواد الغذائية والصيدليات الحاصلة على التراخيص التي تسمح لها بالعمل 24 ساعة. وبالطبع لهذا القرار فوائد وتكلفة في المديين القريب والبعيد، ونأمل أن تكون الفائدة الاقتصادية من القرار أكبر من تكلفته على الوطن والمواطن. وساوضح في هذه السطور الإيجابيات المتوقعة من إغلاق المحلات التجارية المعنية بالقرار في تمام الساعة التاسعة مساءً. من المتوقع أن يكون لتنفيذ القرار بإغلاق المحلات التجارية المنصوص عليها في القرار فوائد كثيرة تصب في مصلحة الوطن والمواطن. وساذكر منها مشكلة البطالة، حيث سيفتح القرار الفرصة للمواطنين للحصول على وظائف في قطاع البيع بالتجزئة والجملة في أوقات مناسبة لوضعهم الاجتماعي، بل ستخفض نسبة تسرب السعوديين Turnover في هذا القطاع الاقتصادي الكبير. وسيتوافق القرار مع النساء العاملات في قطاع البيع والتجزئة، بحيث تكون ساعات العمل جاذبة ومريحة لهن، خاصة للعاملات منهن في مستلزمات النساء. وهذا القرار يوازن بين المصلحة الاقتصادية للمحلات التجارية وحاجة النساء العاملات للوقت الأسري. ولا نتجاهل التبعات الإيجابية للقرار على السلوك الشرائي السلبي للكثير من المتسوقين في ساعات متاخرة من الليل، بحيث تتغير لتتوافق وتنسجم مع ساعات العمل الجديدة. وستتحسن بعض سلوكيات الشراء من عاطفي مندفع إلى عقلاني اقتصادي على أساس أن الوقت الجديد المتاح يملي على المشتري السلوك العقلاني الإيجابي. وسيخفض القرار الحركة المرورية غير الضرورية في الشوراع، بل سيخفف من تسكع صغار السن في ساعات متأخرة من الليل. وسيكون للقرار فائدة شاملة في تحسين بيئة العمل للمواطنين الباحثين عن العمل في قطاع التجزئة والبيع الذي يعتبر من اكبر قطاعات التوظيف في المملكة. ويتوقع المتخصصون في الاقتصاد والموارد البشرية أن تتقلص نسبة العمالة الوافدة التي تسيطر على قطاع التجزئة والبيع عندما يصبح هذا القطاع التجاري أكثر جاذبية للسعوديين الباحثين عن العمل. وهذا من أهم أهداف القرار في الأجلين القريب والبعيد. ويقدر عدد العمالة الوافدة العاملة في هذا القطاع بحوالي مليون ونصف وافد ينافسون الباحثين عن العمل من المواطنين في غياب الأنظمة المنظمة للعمل في قطاع التجزئة والبيع. وسيوفر القرار الطاقة الكهربائية للاقتصاد الوطني عندما تغلق المحلات التجارية المعنية في تمام الساعة التاسعة، وذلك باعتباره ترشيدا لاستهلاك الطاقة الكهربائية في جميع انحاء المملكة، خاصة في فصل الصيف الذي تشهد فيه الكهرباء ضغوطاً عالية تتسبب في الانقطاع مما يؤثر اقتصادياً على تلك المحلات وغيرها. وهذا المقال لا يقلل من السلبيات المتوقعة من القرار، لكن لا يسمح المجال لذكرها في هذه السطور، وسأتحدث عنها في مقال آخر إن شاء الله.