إذا أنا أكبرت شأن الشباب فإنّ الشباب أبو المعجزات حُصُونُ البلاد وأسوارها إذا نام حُرّاسها والحُمَاة غَدٌ لهم وغَدٌ فيهم فيا أمس فَاخِر بما هُو آت ويا حبّذا الأمهات اللواتي يَلِدن النوابغ والنابغات أبياتٌ لإيليا أبو ماضي شاعر المهجر الذي تفرَّغ للأدب والصحافة، وغلب الجانب الإنساني على قصائده تذكرتها وأنا أستمع لأحد المقربين من خيرة الشباب، وقد بدا مُنتشياً بالدماء الشابَّة التي ضخَّتها الأوامر الملكية مساء الخميس الماضي في قطاعات الدولة برؤية بعيدة المدى من ملكٍ حكيم اتخذ من عناية رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو الذي لا ينطق عن الهوى- بفئة الشباب منهجاً له، فمنحهم بقراراته الثقة والاطمئنان ليبدعوا كما أبدع أسلافهم في القرون الأولى، متطلعاً بإيجابية إلى قدرتهم على بناء الحضارة وإقامة الدين. وإذا تأملنا في آيات الذكر الحكيم لوجدنا الخالق جلَّ في عُلاه قد خصَّ غالب المرسلين بالنبوة وهم في مرحلة الشباب، لما تتميز به هذه المرحلة من قوة ونشاط وحيوية تمكنهم من تبليغ الرسالة وتجعلهم أكثر قابلية لمواجهة الأعباء وتحمل المسئولية والتأثُّر والتأثير، فقال سبحانه عن موسى عليه السلام: «وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» القصص 14، ثم أعادها في حق يوسف عليه السلام كما ورد في سورة يوسف22. وقد وَعَى خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الدرس فأكرموا الشباب واحترموا فكرهم، وأشركوهم في الرأي وحملوهم مسئولية القيادة، كيف لا؟ وهم يسمعون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كما ورد في الصحيحين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (استقرئوا القرآن من أربعة- ثلاثةٌ منهم من الشباب-: من عبدالله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل)، ويرونه يُولِّي عتَّاب بن اسيد رضي الله عنه على مكة ليُدير شؤونها ولم يتجاوز عمره الواحد والعشرين عاما، ثمَّ يُسلِّم قيادة الجيش الإسلامي الذي سيغزو الروم لأسامة بن زيد وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة بعد، وفي الجيش عدد من كبار المهاجرين والأنصار، وحين نُصح أبوبكر الصديق رضي الله عنه بعد توليه الخلافة بعزله قال مقولته الشهيرة: «أيُولِّيه رسولُ الله ويعزله أبوبكر»، ثم يُكلِّف الخليفة الأول الصحابي زيد بن ثابت بجمع القرآن الكريم وهو شاب لم يتجاوز الثانية والعشرين عاما آنذاك، ويقول له: «إنك رجلٌ شابٌ عاقلٌ ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتَتَبَّّع القرآن فاجمعه». والشاعر المصري هاشم الرفاعي الذي اشتهر باسم جده لنبوغه يقول في رائعته: ملكنا هذه الدنيا قرونا وأخضعها جدود خالدونا بنينا حقبة في الأرض ملكا يدعمه شباب طامحونا شباب ذللوا سبل المعالي وما عرفوا سوى الإسلام دينا كذلك أخرج الإسلام قومي شبابا مخلصا حرا أمينا لا أخفيكم القول إنني أعتبر يوم الخميس الماضي هو يوم الشباب السعودي بلا مُبالغة، فمع حكمة الشيوخ وخبراتهم المتراكمة والتي لا يمكن الاستغناء عنها، فقد زُجَّ بالشباب في ميدان الوزارات والعمل الحكومي رغبة في استنهاض الهمم ومضاعفة الجهود وحث الخُطى، وتجديد الأمل، وتطلعاً نحو التطوير والتقدم في كل ما فيه خير الوطن وصلاح المواطن ضمن إطار عقيدتنا وشريعتنا السمحاء، وعلى ضوء أصالتنا التي لن نتنازل عنها ما حيينا، وكيف لا يكون ذلك والشباب اليوم يمثل 55-60 بالمائة من الأمة الإسلامية بعكس الأمم الأخرى التي يمثل فيها كبار السن الفئة الأكبر، وهو ما يُحتِّم الالتفات لهم، ومنحهم فرصاً أكبر لبناء المستقبل، ولعلي في مقالي المقبل أخبركم بطامةٍ تُدرَّس في جامعاتنا وتشوه الصورة الناصعة البياض لشبابنا... قبل الوداع: سألتني: قصيدة تخاطب الشباب لخصت مضمون التشكيل الوزاري الجديد؟ فقلت: للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قصيدة جميلة جاء فيها: مرحباً يا شباب يكسبون الرِّهان يا أملنا المِرجَّا وللوطن ذخرنا كنت بأول شبابي مثلكم واستبان حلم يا ما حلمته كل يوم ودَنَّا وقتكم في ربيع يا شباب وأمان ماعرفتوا عنانا ولا تعب كدنا احفظوا الدرس عنَّا بالذي قبل كان وبالعمل والإرادة ترفعون البنَّا رئيسة وحدة الإعلام الاجتماعي النسائي بالمنطقة الشرقية